هل يدهشكم إن قلت لكم
أقول لكم_ عمر فضل الله
هل يدهشكم إن قلت لكم إن ما حدث ويحدث في بلادنا من فتن وحروب ليس أمراً جديداً ولا مدهشاً؟ بل تحدث عنه البعض ووصفه منذ مائة عام وكأنه يراه رأي العين، وقد وقع كل ذلك بحذافيره. والمدهش أن هذا الرجل الذي كتب عن أحداث اليوم منذ مائة عام نصح أبناءه بالنزوح إلى مصر، مثلما فعل كثير من السودانيين اليوم عند وقوع الحرب.
قال هذا الشيخ يصف فتنة حميدتي وقومه:
وبعدُ فَإِنِّي مُخْبِرٌ بالواقِعِ * وَلَيْسَ ذَاكَ لِلْقَضَا بِرَافِعِ
خُذْ يَابُنَيَّ ثُمْ عِ المقَالا * وَاكْتُمْ فَبِالإِفْشَا تَنَلْ أَهْوَالا
فَفِي (آق شغاك) فِتْنَةٌ تَدُورْ * بَرَّاً وَبَحْرَاً وَتَهْدِمُ القُصُورْ
فِي (ايق شيحيغ) تَرَوْنَ * العَجَبَا وَتَقْصُدُ القُرَى الجِبَالَ هَرَبَا
انظروا كيف وصف الهالك حميدتي وكأنه يراه رأي العين:
يُوقِظُ هَذَا فِتْنَةَ السُّودَانِ * فَلا تَنَامُ أَبَدَ الأَزْمَانِ
لِأَنَّهَا قَدْ غَيَّرَتْ في الدِّينِ * بِفِسْقِهَا فَعُوقِبَتْ فِي الحِينِ
يَاوَيْلَ أَهْلِ الغَرْبِ مِنْ سَطْوَاتِهِ وَظُلْمِهِ وَالجَوْرِ فِي مَكْرَاتِهِ
مِنْ سَفْكِ دَمٍ وَإِبَاحَةِ الفُرُوجْ وَنَهْبِ أَمْوالٍ بِمُلْكٍ لا يَرُوجْ
وانظروا كيف يصف عرب الشتات هؤلاء
قَوْمُهُ الأَعْرَابُ أَهْلُ الطُّغْيَانْ الكَاتِمِينَ الكُفْرَ أَهْلَ البُهْتَانْ
النَّابِذِينَ الشَّرْعَ مِنْ وَرَائِهِمْ البَاغِضِينَ الحَقَّ مِنْ شَقَائِهِمْ
وَأَنَّهُمْ قَدْ جُبِلُوا عَلَى حُبِّ البِدَعْ وَهَكذَا حُبِّ النِّسَاءِ والطَّمَعْ
هُمُ البُغَاةُ وَهُمْ الكُفَّارْ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهمْ أَخْيَارْ
قَدْ بَدَّلُوا وَصَحَّفُوا عَنِ الهُدَى وَارْتَكَبُوا الفِسْقَ وَمَالُوا لِلرَّدَى
فَصَاحِبُ البِدْعَةِ وَالضَّلالْ لَدَيْهِمُوا ذُو الفَضْلِ وَالكَمَالْ
وَتَابِعُ السُّنَّةِ وَالكِتَابْ فَهُمْ لَهُ أَعْدَا بِلا ارْتِيَابْ
وَهَكَذَا شُؤُونُهُمْ بِالغَرْبِ شَنُّ مَغَارَاتٍ وَشَدُّ الحَرْبِ
وَجَمَعُوا مِنْ هَؤُلاءِ الجُهَّالْ مَجَامِعَاً مِنْهَا فَسَادُ الحَالْ
يغزونكم حُباً لِجَمْعِ المَالِ فَيَهْلَكُ الجُّلُّ مِنَ القِتَالِ
فَإِنَّهُمْ كِلابُ دُنْيَا زَايِلَة قَدْ بَدَّلُوا آجَالَهُمْ بِالعَاجِلَة
لَوْ يُعْلِمُوا بِحَالِهِمْ وُلاتِنَا لَهَدَّمُوا عَلَيْهِمُ المَسَاكِنَا
حَاشَا مَقَامَ المَجْدِ والإِجْلالِ تَدُوسُهُ أَخَامِصُ الجُهَّالِ
بُعْدَاً عَنِ القَوْمِ فَيَافِي قَطَعُوا وِبِالمِعَاصِي عَنْهُمُ قَدْ قُطِعُوا
وانظروا كيف تنبأ بتآمر الدول العظمى علينا ومخططاتهم
وَمَعَ ذَا فَإِنَّ أَمْرَهُمْ أَخَفْ وَآخِرُ الدَّهْرِ جَمِيعُهُ أَسَفْ
وَبِجُمْلَةٍ الدُّوَلُ صَارَتْ أَعْدَا لِدَوْلَةِ الإسْلامِ تُخْفِي الكَيْدَا
وَيُظْهِرُونَ الحُبَّ وَالمَوَدَّةْ يُخْفُونَ لِلشَّرِّ وَهُمْ فِي عِدَّةْ
فَيَبْغُونَ إِطْفَاءَ نُورِ اللهِ وَاللهُ يَأْبَى طُولَ ذِي المَلاهِي
أَهْلُ الكِتَابِ وَجَّهَتْ أَفْكَارَهَا لِنَحْوِ هَذَا القُطْرِ مِنْ أَقْطَارِهَا
فَيَنْشُرُونَ الحَرْبَ فِي الأنَامِ لِجَمْعِ مَا أَحَبُّوا مِنَ الحُطَامِ
لكنه تنبأ بهزيمتهم
يَعْلُوا وَيَرْجِعُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ وَيَجْرَعُونَ السُّمَّ مِنْ طُغْيَانِهِمْ
وَالذُّلُّ لا يَنْفَكُّ عَنْ أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَصِيرُوا حَامِلِي أَغْلالِهِمْ
تَحْمِلُهُمْ مَحَبَّةُ الدِّينَارِ لِفِعْلِ مَا يَهْوِى بِهِمْ فِي النَّارِ
وصيته لأبنائه أن يهاجروا من السودان
أَيَا بَنِيَّ إِحْفَظُوا الوَصِيَّةْ وَارْتَحِلُوا لِمِصْرَ بِالْكُلِّيَّة
حُثُّوا نَحْوَهُ مَطَايَا السَّيْرِ قَبْلَ السَّبِيلِ تمَتْلَيِ بِالضَّيْرِ
وَاسْتَمْسِكُوا بِالعِلْمِ وَالعِبَادَةِ وَاسْتَعْضِدُوا بِالتَّقْوَى وَالزَّهَادَةِ
إن أجدادنا في القديم قد قرأوا حال السودان كأنه كتاب مفتوح فهم لا يعلمون الغيب لكنهم يقرأون الواقع وقد رأوا تفرق حال أهل السودان وأن هذا التفرق لا بد أن يفضي إلى النزاع والحروب، وقد وقع ما قرأوه وقع بالحرف.
أقول لكم:
*أننا لا بد أن نعي واقعنا فنصلحه وحالنا فنغيره،أن جميع أهل السودان مطلوب منهم أن يتحدوا في مواجهة ما يحاك ضدهم ليغيروا هذا الواقع المؤلم، فالطريقة الوحيدة والسبيل الأوفق والأوحد هو أن نهب جميعناً هبة رجل واحد لنطرد العدو الذي دخل علينا بلادنا فانتهك جميع المحرمات فسفك دماءنا وسرق أموالنا وأحرق دورنا واغتصب نساءنا ودمر بلادنا. *هل ترون سبيلاً آخر غير الوحدة لطرد العدو واستعادة مجدنا وأمننا وأماننا؟