وزير الخارجية الدكتور علي يوسف ..السودان يتعاطى مع المبادرات التي تحترم سيادته وتدعم إستقراره

- نركز على تكثيف الجهود في الساحات الإقليمية والدولية بما يعكس تضحيات الشعب السوداني في معركة الكرامة
- نسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع القوى الكبرى مع التركيز على مصالح السودان الإستراتيجية
- لدينا علاقات مميزة مع الصين وروسيا ونحرص على تعزيز هذه العلاقات في ظل التحديات الحالية
- نراجع علاقاتنا مع بعض الدول بناءً على مواقفها خلال الحرب
- نحرص على تعزيز التعاون مع الدول التي أظهرت دعمًا حقيقيا للسودان خلال الأزمة
حوار – علي سلطان
نلتقي في هذا الحوارمع وزير الخارجية السودانية المكلف علي يوسف الشريف الدبلوماسي السوداني المخضرم، والذي لقي تكليفه بحقيبة الخارجية ترحيبًا واسعًا من الدبلوماسيين السودانيين ومعظم السودانيين الذين يعرفون قدراته وخبراته الدبلوماسية المعتقة، خاصة أن تكليفه بحقيبة الخارجية جاء في وقت مفصلي ومهم وحساس من تاريخ السودان المعاصر، وتحت ظلال حرب ضارية تستهدف بقاء السودان كبلد وشعب على رقعته الجغرافية الموسومة دوليًا منذ قرون
الحوارُ مع الوزير يُلقي بظلال مهمة على مجمل السياسة الخارجية السودانية ومايُحققه السودان من نقاط ايجابية مع العديد من دول العالم الشقيقة والصديقة، ويُحدد مواقفه من الدول التي وقفت موقفًا سلبيًا تجاه بلادنا في هذه الحرب التي ميزنا فيها بين العدو والصديق وأصحاب المواقف الرمادية …فإلى مضابط الحوار..
*تولیت حقيبة الخارجية في توقيت مفصلي وحساس.. كيف مضيت قدما في هذا التكليف؟ وما هي أهم القرارات التي اتخذتها وأصعبها ؟
-قبلت التكليف لتعزيز الدور الدبلوماسي للسودان في مواجهة التحديات، وبدأت بتصويب وتوجيه الجهود نحو التوجيهات الداخلية والاستراتيجية نحو الاستقرار الإقليمي والدولي وتعزيز قدرة الوزارة على مواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية التي نتجت عن الحرب الحالية والتعامل بحكمة مع التدخلات الإقليمية والدولية بشكل متوازن، مستعينا بالدعم الكبير الذي قدمته لي قيادة الدولة.
*كيف تُقَوِم مسيرةَ العمل الدبلوماسي السوداني منذ 2019 م؟
-منذ 2019، شهد العمل الدبلوماسي السوداني تحولات كبيرة بدأت بتعزيز الحوار الوطني الداخلي بعد الثورة، مرورًا بمرحلة إعادة بناء العلاقات الخارجية بعد تخفيض العقوبات الأمريكية, ومع بداية الحرب كان من الضروري أن يعكس العمل الدبلوماسي تغيرا في أولوياته، وأهمها دعم الجيش الوطني في معركة الكرامة سياسيا ودبلوماسيا حيث كان لابد من التعامل مع القضايا الأمنية، خاصة قضية النازحين والمساعدات الإنسانية، في وقت كانت فيه العلاقات الدولية والإقليمية تتطلب مراعاة مصالح السودان العليا.
*أصبح لوزارتكم دور مهم ومتزايد في فترة الحرب.. ما هي أهم توجهاتكم واستعداداتكم للمعركة الدبلوماسية التي تخوضونها الآن في إطار معركة الكرامة ؟
-في هذه الفترة الحاسمة، نركز على تكثيف الجهود الدبلوماسية لتمثيل السودان بشكل قوي في الساحات الإقليمية والدولية، بما يعكس تضحيات الشعب السوداني في معركة الكرامة, ونعمل على تأمين الدعم الإنساني، وحشد التأييد الدولي في محافل الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية, في الوقت نفسه نسعى إلى تعزيز صورة السودان كشريك فاعل في مكافحة الإرهاب، فضلاً عن العمل على تعزيز وحدة الشعب السوداني عبر رسائل دبلوماسية تعكس التضحيات المشتركة، ونسعي لبلورة بناء ما دمره التمرد.
*ما الذي نتوقعه من نجاحات قريبة في إطار تعزيز علاقات السودان خارجيا ؟
-تتمثل أولوياتنا في تعزيز العلاقات مع القوى الدولية الكبرى ودول الجوار, وقد بدأت بنهج سياسة التواصل البناء مع دول الجوار واتباع سياسة (تصفير العداد), ونسعى لتوسيع آفاق التعاون مع الشركاء الدوليين في مجال التجارة والاستثمار، مع التركيز على بناء علاقات استراتيجية قوية مع القوى الاقتصادية الكبرى مثل الصين وروسيا, كما نعمل على استعادة الثقة في الدبلوماسية السودانية على الصعيدين الإقليمي والدولي، مع الانفتاح على مبادرات جديدة تهدف إلى تحقيق مصالح السودان
*ما هي أولويات السياسة الخارجية للسودان في المرحلة الحالية ؟
-أولوياتتنا في هذه المرحلة تشمل تعزيز الأمن الإقليمي خاصة مع دول الجوار، والعمل على بناء شراكات اقتصادية طويلة الأمد, كما نحرص على تحسين صورة السودان في العالم بعد الحرب عبر التواصل الفعال مع المنظمات الدولية والإقليمية, بالإضافة إلى ذلك، نركز على حل الأزمات الإنسانية خاصة النازحين من خلال التعاون مع الدول الشقشقة والصديقة و المنظمات الدولية لتحقيق الاستقرار والرفاهية لشعبنا وإقامة شراكات مع الدول الشقيقة والصديقة لمرحلة إعادة الإعمار.
*كيف تخطط الوزارة لتعزيز العلاقات مع دول الجوار وتحقيق الاستقرار الإقليمي ؟
-السودان يقع في قلب منطقة هامة من الناحية الجغرافية والسياسية، ولذلك فإن تعزيز علاقاتنا مع دول الجوار يمثل أولوية كبيرة, نعمل على إرساء علاقات ثابتة مع دول الجوار على أساس التعاون المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي, وقد تثمر جهودنا في ترميم علاقتنا مع عدد من دول الجوار ونأمل في أن تشهد هذه العلاقات خطوات بناءة وإيجابية، وسنواصل العمل على تعزيز التبادل التجاري والاقتصادي، وحل النزاعات الحدودية عبر الحوار والوساطة, كما لدينا اهتمامًا كبيرًا بتعزيز التعاون في مكافحة التحديات الإقليمية مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية، والسعي لجعل الحدود مناطق تكامل وتواصل عوضا عن الإنقطاع والفواصل.
*هل هناك خطوات محددة لتعزيز الشراكات الاقتصادية مع دول إقليمية أوعالمية ؟
-نعم هناك خطط استراتيجية لتعزيز الشراكات الاقتصادية مع العديد من الدول, ونسعى لفتح أسواق جديدة للمنتجات السودانية، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية في المجالات الحيوية مثل الطاقة والزراعة والمعادن, كما نتعاون مع مؤسسات مالية دولية لتمويل مشاريع إعادة الإعمار والبني التحتية بعد الحرب, جزء من استراتيجيتنا هو استعادة علاقات قوية مع الدول المانحة للحصول على مساعدات إنسانية وتنموية.
*ما هو دور الوزارة في دعم جهود إعادة الإعمار بعد الحرب؟
-سيكون للوزارة دور في إعادة إعمار السودان من خلال تقدير العلاقات مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية, لضمان استدامة عملية الإعمار, كما نسعى إلى خلق شراكات استراتيجية مع الدول والشركات وتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في عمليات البناء والتنمية, وقد شرعت الوزارة في عقد عدد من الورش والمؤتمرات عبر بعض بعثاتنا لجذب الإستثمارات والتمويل لدعم مشروعات الإعمار .
*وماذا عن الدور في جذب الاستثمارات الأجنبية والمساعدات الدولية ؟
-الدبلوماسية السودانية ستظل فاعلة في جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تحفيز الدول والشركات الكبرى على الاستثمار في مشاريع استراتيجية في السودان, ونعمل على تهيئة المناخ الملائم للإستثمار وإزالة العقبات البيروقراطية وتقديم حوافز لجذب رؤوس الأموال من خلال عملنا مع الدول والمنظمات الدولية، وإستقطاب المساعدات الإنسانية والتنموية لضمان توفير الخدمات الأساسية في ظل التحديات الحالية.
*ما هي استراتيجيتكم لتعزيز التعاون مع الدول العربية والإفريقية ؟
-نسعى إلى تعزيز التعاون مع الدول العربية والإفريقية من خلال تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي تخدم مصالح شعوب المنطقة, و نركز على تنسيق الجهود في محاربة الإرهاب والتهديدات الإقليمية الأخرى, وتعزيز دور السودان في المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وبقية المنظمات.
*كيف تنظر الوزارة إلى العلاقات في المستقبل القريب مع القوى العالمية الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي ؟
-نسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع القوى الكبرى، مع التركيز على مصالح السودان الاستراتيجية, لدينا علاقات إستراتيجية مميزة مع الصين وروسيا، ونحرص على تعزيز هذه العلاقات في ظل التحديات الحالية مع الولايات المتحدة، ونركز على المشاركة البناءة والتعاطى الإيجابي وتحفيز التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية, فيما يخص الاتحاد الأوروبي نعمل على تعزيز التعاون في مجالات حقوق الإنسان والتنمية المستدامة والإنتقال إلى مرحلة التعاون الإقتصادي.
-لديكم علاقات مميزة مع الصين وكنت من قبل سفيرا هناك؟ إلى أي مدى نجحتم في رتوظيف هذه العلاقات ؟
-العلاقات السودانية الصينية متينة وأثبتت قدرتها على التغلب على التحديات, قمنا بتعزيز التعاون في قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية, وبفضل الحوار المستمر تمكنا من معالجة كافة القضايا, و نعمل الآن على توسيع التعاون في مجالات التجارة والتكنولوجيا والطاقة, وستكون الصين شريكا أساسيا في إعادة ما دمرته الحرب .
*هل هناك إعادة نظر في علاقات السودان مع دول العالم على ضوء مواقفها مع السودان خلال الحرب خاصة مع دول الجوار؟
-نعم نراجع علاقاتنا مع بعض الدول بناءً على مواقفها خلال الحرب, ونحرص على تعزيز التعاون مع الدول التي أظهرت دعمًا حقيقيا للسودان خلال الأزمة، بينما نعمل على تقويم علاقتنا مع الدول التي كان لها مواقف سلبية.
*ما أبرز التحديات التي تواجه الدبلوماسية السودانية حاليا ؟
– أبرز التحديات هي إدارة العلاقات الدولية في ظل المتغيرات والمساعدات الإنسانية والتنموية وتفعيل دور بعثاتنا في الخارج إستعدادا لمعركة إعادة تعمير ما دمرته الحرب، وكذلك التعامل مع تداعياتها الإنسانية والسياسية, وتعزيز الاستثمار في ظل الوضع الأمني الراهن، إلى جانب حاجتنا المستمرة لبناء الثقة مع المجتمع الدولي.
*كيف تتعامل الوزارة مع ملف العقوبات الدولية وإعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي ؟
-السودان لا يواجه أي عقوبات دولية, ليس هنالك عقوبات مفروضة من الأمم المتحدة بل هنالك عقوبات أحادية توجهها الولايات المتحدة وقطعنا شوطا في تجاوزها, ونعمل على بناء الثقة مع المجتمع الدولي من خلال الشفافية، والتعاون في المجالات الإنسانية، وتحقيق تقدم في ملف حقوق الإنسان, ونركز على رفع العقوبات تدريجيًا من خلال تنفيذ إصلاحات داخلية وتحقيق نتائج ملموسة في مجالات الحكم الرشيد والتنمية.
*ما هي رؤيتكم لتعزيز حقوق الإنسان والعمل مع المنظمات الدولية؟
– ملتزمون بالعمل مع المنظمات الدولية لتحقيق تقدم في هذا المجال، ونعمل على وضع سياسات تهدف إلى حماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة الاجتماعية في السودان.
*كيف يمكن تحسين الصورة دوليًا بعد الحرب والتشويه الإعلامي الذي تعرض له السودان ؟
-تحسين الصورة يتطلب استراتيجيات دبلوماسية تعتمد على الحقائق والمشاركة الفعالة مع وسائل الإعلام الدولية, نركز على استخدام وسائل التواصل الحديثة لإيصال رسائل السودان الحقيقية ، والتفاعل مع الإعلام الدولي لتصحيح المفاهيم المغلوطة.
*هل هناك أي مستجدات فيما يلي المبادرة التركية؟
-السودان يرحب بأي مبادرات تهدف لتحقيق التفاهم وتعزيز السلام والاستقرار الإقليمي، تركيا دولة صديقة وتربطنا بهاعلاقة متميزة وتاريخية, ومن هذا المنطلق بادرت بشكل عام للتوسط, والسودان رحب بذلك ، ولكن حتى الآن لم تتبلور وتتنزل في أفكار تفصيلية لدراستها.
*هل هناك أي مبادرات أخرى تلقى ترحيبا من السودان؟
-السودان يرحب بأي مبادرات دولية وإقليمية تسهم في تعزيز التنمية, وفي هذا الإطار يتعاطى مع المبادرات التي تحترم سيادته وتدعم إستقراره ونحبذ توحيد المبادرات, تفاديا لبعثرة الجهود وتضارب المواقف الناتج عن تعدد المبادرات, وفي هذا الشأن فان إتفاق جدة هو الإطار الأنسب والأمثل لمعالجة الوضع في السودان, ونأمل أن تقوم الدول الشقيقة والصديقة بدعم هذا التوجه .