العلاج بالقراءة ، وأبعادها الأخرى ..
لا أعرف لون الماء _ حسن علي البطران
*سأبدأ موضوعي بسؤال وأكون حولك إجابة ، وسوف ألحقه لسؤال آخر وإجابة وهكذا : هل الهروب من الواقع الذي تتسبب به القراءة له ذلك التأثير الإيجابي بالفعل على التقليل من مستويات التوتر والقلق، بعيدًا عن أي تأثيرٍ سلبيٍّ آخر، لا تحظرني إجابة محددة بنعم أو لا بل ربما تكون إجابتي بنعم في حالات معينة حيث تنقلني القراءة بمفهومها الواسع لموضوع ما ؛،خاصة الأعمال الإبداعية كالراوية والقصة والقصة القصيرة جداً والمسرح وغيرها من الأعمال الإبداعية الأدبية بعيداً عما أنا فيه من حالة مزاجية معينة وبهذا أبتعد عن المعاناة أو على أقل تقدير تشغلني عما أنا فيه سواء كان توتراً أو قلقاً أو حتى آلآماً عضوية وجسدية ، وفي المقابل قد تزيدني القراءة ألماً ووجعاً أكثر مما أنا فيه خاصة إذا كانت تصب في نفس الموضوع ، وهنا كأنني أصبُ الزيت على النار ، ومن هنا ندرك أهمية نوعية المادة المقروءة ومدى عمق مستوياتها وآثارها البعيدة عن إشعال النار ؛ بل لابد أن تكون كالماء في إخماد النيران وتبريد حرارتها .
*عند طرح فكرة التداوي بالقراءة فإن الأغلبية ينصح بقراءة كتب التنمية البشرية؛ وذلك لأنهم قد يجدوا فيها ما يحفزهم ويدفعهم للتغيير نحو الأفضل وهنا يتشكل لدي سؤال : هل ذلك الأثر يقتصر عليها فقط ؟ أم أن الأعمال الأدبية “كـ الروايات مثلًا” تستطيع الوصول إلى هذا الهدف بشكل أفضل؟!
*ولكي أقترب من هنا السؤال لابد ندرك أن الخلطة النفسية والفكرية والتكوينية والواقية لكل شخص تختلف من شخص لآخر والميول بين البشر مختلفة ، ونتيجة لذلك نعي وندرك منهج وأسلوب وموضوع ونوعية القراءة الذي يتناسب مع شخص قد لا يتناسب مع الآخر ، فإذا أفادت هذه الجرعة القرائية ( زيداً ) قد لا تفيد ( عمرو ) رغم أن الأعراض المرضية نفسها ؛ ومن هنا نرجع إلى طبيعة وعمق ومكونات الخلطة التكوينة للشخص ومدى تقبلها من حيث العمق النفسي والفكري لهذه المادة القرائية أو تلك ، والقراءة ليست مصدراً للعلاج بل هي وسيلة مساعدة في العلاج ؛ لكنها وسيلة فعالة ، وندرك ذلك من خلال تعريف العلاج بالقراءة حيث يُعرف بأنه إستخدام مواد قرائية مختارة كوسائل علاجية مساعدة وذلك حسب تعريف ويكيبديا .
*إذا كانت القراءة لها كل هذه الإمكانيات في إعادة التوازن النفسي، وتحسين الصحة الذهنية، فهل للكتابة ذات التأثير الكبير أيضًا؟!
وحينما نتحدث عن العلاج بالكتابة أهو أكثر تأثيراً وايجابياً على الصحة والتوازن النفسي والفكري ..؟ حيث إنه يشمل وسيلة لإخراج للأفكار والمشاعر ، وهو عبارة عن تفريغ الشحنات السلبية على الورق لا يمكننا الجزم بأن العلاج بالكتابة أكثر نفعاً من القراءة .
*وهذا يعود بنا إلى طبيعة التكوين النفسي للشخص، ومع هذا لابد أن يمر الشخص بعدة محطات حسب كلام علماء النفس وليس بالضرورة أن تكون الكتابة ذات عمق ، بل ولو كانت على شكل فضفضة وبسيطة ، ولابد أن تعي وتدرك أن ما يكتبه المريض لا يجب أن يتميز بالمهارة اللغوية والعمق الإبداعي أو الفلسفي أو بإحترافية معينة أو لابد من مساحة ذات عدد معين من الصفحات ؛ لا يجب ذلك ، وكذلك يكتب وكأنه يدرك أن لا قراءة لإحد لما يكتبه أو ذلك التعبير الكتابي يراه غيره .
*من هنا ندرك أن العلاج بالقراءة أو الكتابة لا يكون له تأثير فعال إن لم يكن المحتاج للعلاج بهما ( القراءة / الكتابة ) جاداً في الوصول إلى الشفاء وأقصد بذلك الإستمرار بتناولهما حسب الوصفة المعطاة . وخلاصة : أن العلاج بالقراءة لمادة قوائية معينة تناسب شخصاً ولا تناسب هذه المادة نفسها شخصاً آخر يعاني نفس الأعراض فكل شخص تناسبه مادة قرائية مغايرة عن الآخر . هذه الأسئلة المقترحة في هذا المقال أستعرتها من حوار معي حول العلاج بالقراءة وكون المادة التي كتبتها للخوار لم تنشر كاملة أستفدت منها في هذا المقال ، بقصد الفائدة والإطلاع .
*كاتب وقاص سعودي