
ترجل الفارس عن صهوة جواده
موقف
د.حسن محمد صالح
*أنا في سفر معقد قد بلغني نبأ رحيل الحاج عيسى الحاج محمد الشيخ صالح الشيخ بانقا الشيخ عبد الرحمن الشيخ صالح جبل اللقمة, الشيخ الراحل شهيرعندنا في دار الكبابيش بالفكي عيسى وهو رجل صالح عابد صوام اقوام مشتغل بتحفيظ القران في خلوتهم العامرة بام (زنيخه) منطقة حمرة الشيخ.
*اليوم الثلاثاء 4 مارس ترجل الفارس عن صهوة جواده فجرا بحمرة الشيخ.
*تعتبر خلوة الفكي عيسي مشروع كبير للوعي بالقران وتعليمه في خيرية تشمل الشيخ وتلاميذه لقوله صلي الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه . وقد أتيحت لي زيارة خلوة الشيخ عيسي ووجدته جالسا في فناء الخلوة فيه سيماء الصالحين ومضاءة المجاهدين وهو من الزاهدين في الدنيا الطالبين لرضاء الله لقد كان الفكي عيسي جبلا مثل جبل قرين ام حياية الذي يجاور خلاويه وبيته وكان كريما منفقا صائما متبتلا شاكرا لانعم الله عليه اجتباه وهداه الي سراط مستقيم.
*الفكي عيسى من أصحاب العزائم والخوف من الحرام فقد عرف عنه أنه لا يتعاطي الا لبن ابله والتي علي يقين بأنها حلال وهي سلالة يحتفظ بها ويعيش عليها.
*كما عرف عنه أنه حجاج إلى بيت الله الحرام يأتي إلى العاصمة في موسم الحج من كل عام,يجتمع حوله مريدوه وأحبابه وأقاربه ويمضي الي الأراضي المقدسة وبعد العودة من الحج يرحل إلى باديته على عجل ( مشتاقة تسعى إلى مشتاق) الجاري عليه في الخرطوم ما بحصله يقال له الشيخ سافر إلى حمرة الشيخ في اقرب لوري طالع يقوده جموعي سيد الطين أو كباشي حامي القوز والعرين.
*عرف عن الشيخ الفكي عيسى أنه من أميز رعاة الإبل يمضي معها حيث شاءت في الخريف والصيف والشتاء لا يضع عصا الترحال ولا يعتمد على غيره في دربتها والسماح لها بالمضي حيث تشاء في الفيافي البعيدة والوهاد والنجوع والديار من مدامر ومراتع ودوانكي لا يكسر خاطر جقلا ولا يمنعها من المضي جقلا الطن حوارك وعقدوا الشوري رجالك وعلى رأس اهل الشورى الرعوية البدوية الفكي عيسى وعوض السيد ود الشيخ وكاروشا ود هويرم واللعرج والبله وعمه بلو وغيرهم من الصناديد.
*عرف الفكي عيسى بأنه نسابة يعرف كثير من الانساب ويعلم تاريخ المنطقة المسماة دار الكبابيش قال لي وربما قال لآخرين أن هذه المنطقة كانت ارضا للعنج قبل البعثة النبوية وهناك اثار تدل علي وجود حضارة العنج في منطقة حمرة الشيخ عبارة عن آبار ومقابر وصور ونحت تحكي عن تلك الحضارة وقد عثر البدويون على آبار محفورة ومبنية بناءا محكما وقاموا بإزاحة الرمال من جوفها لتكون موردا لهم ولانعامهم لمئات السنين .وهي الآبار المعروفة في الوادي الواقع الي الشمال من حمرة الشيخ و سموها (ام حيضان وام سرحةوام سوق والاكثر حداثة هي الرقيقة نسبة لضيق مدخلها)
هذه الآبار لها قصص وتفاصيل يمكن أن نتحدث عنها في مناسبة اخري
*ينحدر الفكي عيسى من أسرة الرازقية في حوش بانقا بنهر النيل وارتبط جده الشيخ صالح جبل اللقمة بتاريخ قبيلة النوراب الكبابيش ورحلتهم (الشرق نيلية) فقد أوى النوراب إلى الشيخ صالح بعد أن قدموا من الشرق وقد منع الشيخ صالح الصدام بين السوراب احد فروع الشايقية والكبابيش وأرسل معهم ابنه عبد الرحمن في رحلتهم شمالا في الشمالية الحالية ثم عربا في كردفان الدار المعروفة وكان ذلكظ حوالي سنة 1700م وظل الشيخ عبد الرحمن مع النوراب في حالة اندماج تام وتزوج منهم وانجب أبناءه ومنهم الشيخ بانقا جد الشيخ الراحل وابناء عمومته وتميزوا بخصوصيتهم ومسحتهم الصوفية ولكنهم ينتمون إلي بيوت النوراب اولاد فحل واولاد عوض السيد واولاد قريش وابو شاية وهم الآن الأقرب نسبا لبيت الشيخ علي التوم بزواج الشيخ الحاج بانقا من كريمة الشيخ جامع علي التوم ومن أسرة علي ود عسكر وقد جعل هذا التعمق في النسب والمصاهرة و الجدات من الرازقية بيتا من بيوت النوراب الكبابيش رغم الخصوصية التي ذكرتها وهم يحترفون ويمتهنون الرعي وحياة البداوة وبعض اجيالهم لايعرفون غير هذه الحياة.
*إن رحيل الشيخ الفكي عيسى هو مصاب جلل لكل الناس في تلك الديار خاصة حمرة الشيخ وام سنطة ولا يقل فقد الشيخ عيسى عن الألم والخزن الذي أصاب النفر في تلك البقاع كما قال الشاعر محمد سعيد العباسي هذا الرحيل لا يقل الما عن رحيل السير علي التوم (مؤسس قبيلة الكبابيش) أوابنه الأكبر الشيخ التوم والشيخ المر والناظر التوم حسن التوم عليهم رحمة الله
*لقد كان الفكي عيسى ترياقا لكل بلسم ودواء لكل سقم ولقمة في فم الجياع ويعتبر رحيل الفكي عيسى استمرار للفقد العظيم للقيادات والاعيان من ابناءالكبابيش.
*نسال الله ان يبارك في ابنه شيخ محمد الفكي عيسى وفي كل الشيوخ ومعلمي القرآن الذين يمضون على طريق الدعوة والصلاح نارم ما بتموت اسال ناس ابوك يا وليد,ونقول لأهلنا في حمرة الشيخ كافة : أحسن الله عزاكم في الفكي عيسى وجعله في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.