سلسلة كتابات غسان كنفاني إلى غادة السمان (٣١)

مكاتيب

__________

 

غادة ياحياتي

لا تتحدثي معي بالهاتف. أكتبي لي كثيراً.. أنا أحب رسائلك إلى حد التقديس، وسأحتفظ بها جميعاً وذات يوم أعطيها لك.. إنها أيتها الشقية أجمل ماكتبت وأكثرها صدقاً.. كنت قلت لك في رسالتي السابقة أنهم يريدونك لتكتبي للمصور من لندن.. حاولي أن تفعلي، واكتبي لأحمد بهاءالدين. أرجوك أكتبي لي.

عزيزتي في نفس اليوم الذي تلقيت فيه رسالتك كنت قد أخذت عنوانك من سليم وعزمت على الكتابة لك مطولاً، ولكن حين قرأت إسم كريس في العنوان إنتابني شىء غامض اكتفيت بأن أكتب لك، على عنواني.

نزلت عليّ رسالتك كما المطر على أرض إعتصرها اليباس، مثلك لاشىء، مكانك لايملأ، كلماتك وحدها التي لها صوت يغطس إلى أعماقي، أراك دائماً أمامي، أشتاقك، أعذب نفسي بأن أحاول نسيانك فأغرسك أكثر في تربة صارت الحقول التي يزرعون فيها الحشيش لاتقبل زرعاً غيره إلاعباد الشمس وأنا لن أنهى حياتي عباداً للشمس.

(غسان كنفاني)