الناقد الدرامي محجوب محمد أحمد “نحب أوطاننا بصرامة مع عدم القبول والنقد السالب”

 

كأنما الثقافة هي معني آخر لمعنى (متفلسف)أو (فاكي الخط)

د. محجوب محمد أحمد قاص وناقد مسرحي،خريج المعهد العالي للموسيقى والمسرح ،حائز على جائزة المجلس القومي للآداب والفنون عن قصة،(زهرة البحر والحلم)وجائزة المعهد العالي للموسيقى والمسرح عن قصة «الطين والحليب»، له اهتمام بالنقد والدراسات المسرحية وبتأصيل الدراما التلفزيونية توجها بدراسات علمية نال بها درجتي الماجستير والدكتوراة في الاعلام،عمل بالتلفزيون القومي مديرا للمنوعات ومديرا لادارة الانتاج البرامجي ومديرا لادارة اوجه العرض وقبلها مديرا لتلفزيون البحر الاحمر ومعلما بوزارة التربية.

حوار :- خالد البلولة

الاحتفاء بالمبدع السوداني لا يجد حظه في الداخل،ومعظم المبدعين الذين ذاع صيتهم تم بأقلام من خارج السودان، الطيب صالح اشتهر عندما كتب عنه رجاء النقاش اين الخلل برأيك؟ 
هذا نتاج لجملة من التعقيدات،أولها شيء مشترك في البشر عامة ونستدل على ذلك بالقول المأثور (لا كرامة لنبي في بلده، وزامر الحي لا يطرب)، هناك شئ آخر، السمة الغالبة في الشعب السوداني التربية التي تفضي للتواضع والزهد وبالتالي عدم قبول ما هو عكس ذلك، والنجومية غالباً لا تصنع إلاَّ عبر الترويج وحملات الاعلام، المبدعون أنفسهم يقدمون ابداعاتهم في صمت، وشئ آخر يرجع الى نوع علاقة المواطن بوطنه، فنحن مشهورون بأننا نحب وطننا بطريقة خاصة وعجيبة والمبدعون جزء من مكونات هذا البلد.

ماذا تقصد بطريقة خاصة وعجيبة؟
اقصد كما نربى أولادنا على الصرامة وعلى وضع مسافة بين الأب وأبنائه وعدم معايشة الأعمار الحقيقية لأبنائنا مع إننا من أكثر شعوب الأرض حباً لهم، للأسف نحب أوطاننا بالطريقة نفسها، وبذات الصرامة وعدم القبول والنقد السالب.

يقال إن الساحة الثقافية مصابة بداء الحسد، فالداخل إليها متوجس والخارج منها موسوس؟!
يقال ذلك لأن صاحب كل نعمة محسود ورغم أن الحسد في كل البشرية، لكن الذي يزيد مصائب الحسد هو عدم الوعي بنتائجه الساحقة والماحقة على مستوى الفرد والجماعة والأمة، نحن لا نفرق بين مستويات الحسد واضرارها بالبلد والمجتمع.

تبدو الملاحق الثقافية في الصحف للمتلقي العادي جامدة ونخبوية، وحصرت مفهوم الثقافة في الشعر والنقد والقصة بينما غابت الفنون والأنماط الثقافية الأخرى؟
حديثك صحيح، لأن الملحق الثقافي في أية جريدة في شكله يواجه تحديات كثيرة منها تحدي الاستمرار، وتحدي الامكانيات، وتحدي أن تكون الثقافة والتناول الثقافي متاحاً ومفهوماً للاغلبية، لكن دائماً تكون الملاحق متنفساً شبه مقفول لمبدعين ومثقفين بعينهم ويبقى التداول في دوائر ضيقة، الأمر الذي يحتاج الى تغيير في المفاهيم والوسائل والغايات من هذه الملاحق.

تكرست الثقافة في ذهنية المتلقي بأنها مهنة المترفين ولا تعدو ان تكون تنظيراً لا يمت الى الواقع بصلة؟
الخلط قديم رغم انه مدرك الأسباب، لكنه مستمر وتستمر معه الافرازات الخاطئة، والخلط جاء نتيجة لعدم التفريق بين الثقافة المقرونة بالكتابة أو الفكر النظري، وما بين الثقافة كمنهج للحياة في كل مستوياتها وفي مجمل حركة الانسان وكأنما الأمر يدعو لتوليد مصطلحات جديدة جزء منها يذهب للثقافة بالمعنى الأكاديمي والآخر يذهب للثقافة بالمعنى السلوكي، اعتقد الاشتباك حدث من تماهي الثقافة مع الفلسفة باعتبار ان الفلسفة هي ام ومجمع العلوم وكأنما الثقافة هي معني آخر لمعنى (متفلسف)أو (فاكي الخط) على منهج التعليم الغربي ولا حتى التعليم الديني او الشرعي.

كأنما تدافع عن الثقافة باعتبارها مهنة من المهن وهنا من يراها فنا،كالشعر والكتابة والموسيقى؟
جزء من هذه الفنون عبارة عن مهن في ذاتها،فالشاعر مثقف لانه يكتب شعراً الشعر المرتبط بالتعليم والموسيقى لأنه يمارس مهنة الموسيقى وكذلك كاتب القصة، بينما هناك أنواع أخرى تدخل في الثقافة لكنها ليست بالضرورة مهنة:
ثقافة الاكل، احترام المرأة، نقل الخبرات للصغار، لذلك لا تجد من يدافع عنها كما يدافع المثقفون الذين ينتمون الى حيزات التعليم والفكر.