آخر الأخبار

السير علي التوم

د.حسن محمد صالح

*السير أو الشيخ علي ود التوم  كما يحلو لمحبيه من أبناء قبيلته وهو مصدر فخرهم وعزهم كانوا يقولون نحن نقد يا الممونعه وابونا يسد يا الممنوعة.

 *ولد الشيخ علي التوم في العام 1873م كان عمره عشر سنوات عندما قامت المهدية بإعدام والده الشيخ التوم في الابيض في العام 1883م  وعاش ظروفا صعبة خلال فترة حكم الخليفة عبد الله  التعايشي وظل تحت الرقابة والإقامة الجبرية ما بين ام درمان ووادي المجر غرب ام درمان.

*تم تعيينه ناظرا على قبيلته في العام 1900م بعد إعادة فتح السودان بواسطة حاكم عام السودان الجنرال كتشنر وفور تعيينه قرر الرحيل  من ام درمان إلى دار الكبابيش الحالية عبر رحلة بدوية بدأت بالمجر ثم   جبرة الشيخ  والشيخ الذي تنسب له جبرة هو الشيخ سالم وهو جده لأبيه  الشيخ فضل الله والد الشيخ التوم ثم  شعبة كجمر ثم سودري ثم وادي الملك ( منطقة أبو زيد) ومن ابو زيد إلى حمرة الشيخ التي وصلها في العام 1920م عقب سفره إلى لندن ضمن زعماء العشائر والطوائف الدينية الذين ذهبوا لتهنئة الملكة فكتوريا بالانتصار علي جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914- 1919م). كانت قبيلة البراره الكباشية وغيرها من القبائل تقطن حمرة الشيخ و دلت قبيلة البرارة الشيخ علي التوم على آبار قديمة تعود إلى عصور سحيقة في الحمراء اشتهرت بقدرتها علي سقيا الإبل التي تكاثرت وكانت تعتمد في شربها إلى جانب هذه السواني على تردة أو اضاة ام بادر وام قوزين.

*ظل السير علي التوم ناظرا لعموم قبيلة الكبابيش وقبائل أخرى تربطه بهم علاقات حميمة حتى بعد استقلالهم عن نظارة العموم كما ربطته علاقات متينة بقبيلة الميدوب والبرتي في شمال دارفور وعلاقات صداقة مع قبيلة الرزيقات منهم ام جلول والمحاميد  رعاة الإبل .كان من الاعضاء الدائمين في مؤتمر ام كدادة  للقبائل الرعوية وكان يبحث قضايا الأمن ويقدم كل ناظر قبيلة تقريرا عن الوضع الأمني في قبيلته وتتم تسوية الديات والصلح القبلي في هذا المؤتمر .كان مؤتمر ام كدادة يعقد في النهود  ومليط وغيرها  تحت مسمى ام كدادة وكان نظار القبائل في ذلك العهد يقيمون المعارض وينظمون سباق الهجن والخيول و يتبادلون الزيارات والهدايا وامتدت صداقة الشيخ علي وابنه محمد  المر إلى قبيلة المسيرية وله علاقة وثيقة ومعرفة بالادارات الاهلية خاصة قبيلة حمر الجارة لقبيلة الكبابيش وقد رشح الناظر منصور ليكون ناظرا لحمر وهو جد الناظر الحالي الأمير عبد القادر منعم منصور فك الله اسره ونصر مقاومته الشعبية مع جيش البلاد

*ظلت دكة السير علي التوم محطة لانظار حكومة السودان في ذلك العهد  والمفتشين الإنجليز الذين كانوا يترددون على دكة الشيخ من أجل أخذ المشورة والتفاكر في الجوانب الإدارية وتحصيل الضرائب الحكومية وأخذ الراحة والاستجمام ومنهم من كتب مذكراته والف الكتب من داخل الخبء في البادية هناك ومن بين الوطنيين الذين كتبوا عن بادية الكبابيش الاستاذ حسن نجيلة الذي كتب ذكرياتي في البادية والشاعر الفذ محمد سعيد العباسي الذي نظم معظم أشعاره في ربا الحمرا وزهرتها وبروقها ومنازلها واهلها الكرام الذين احبوه شيخا من ذرية الشيخ الطيب ود البشير وكان العباسي صديقا وفيا للشيخ علي التوم وقد رثاه بعد وفاته في العالم 1838م مترحما وباكيا على رجل لم يكن زعيما أو سيدا في قومه ولكنه عبدا صالحا لله رب العالمين.

ابيات الشاعر العباسي مكتوبة على باب ضريح الشيخ علي التوم في حمرة الشيخ أو القبة كما يسمونها

هذا قبر علي موطن الندى

وزين اهل الندى.

*لم يكن الشيخ علي التوم مطواعا للحكام الإنجليز كما يتصور البعض وكان يعلم انها حكومة استعمارية وللعاملين فيها نزوات وترفع على الوطنيين من أمثاله ولكنه لم يكن يسمح بذلك وكان خلافا كبيرا وقع بينه وبين أحد المفتشين الشباب هو مستر بن مفتش شمال كردفان  وقد تطاول على الشيخ علي وعنفه في أمر لا يد الشيخ فيه ووصف الكبابيش بأوصاف لا تليق  ولكن السير ذهب إلى الابيض مستنكرا تصرفات المفتش الشاب وقام برد كسوة الشرف والنياشين التي منحتها له الحكومة الإنجليزية وطالب باعفائه من النظارة وترك الأمر إلى قبيلته واهله إن شاءت جاءت به أو عاش بينهم كواحد منهم  .وقد وقع ذلك الموقف وقع الصاعقة على حاكم مديرية كردفان يومها واعتذر للسير علي التوم وراضاه وتم إبعاد المفتش المغرور إلى الخرطوم في مكتب الحاكم العام ثم  إعادته إلى انجلترا من بعد ذلك.

رحم الله السير علي التوم وبارك في عقبه وذريته وأحفاده النجباء وعلى رأسهم الأمير الشاب حسن التوم حسن.