التعليم العالي … واقع معقد بتدمير ممنهج وتخريب متعمد

 

  • أكثر من (100) جامعة حكومية وخاصة تم تدميرها
  • اشتعال النيران في مباني وزارة التعليم العالي وتوقف النشاط الأكاديمي والبحثي
  • انخرط عدد من الأساتذة والطلاب في المناطق التي نزحوا إليها في أعمال ومهن هامشية

 

يرتبط التعليم العالي بالتعليم العام, لارتباط بداية التعليم العالي بنهاية التعليم العام وإنسياب وعدم تراكم الدفع الطلابية, وإرتباط القبول بهذه المؤسسات بتخريج الدفع الأخيرة بها ، وهو كغيره واجهت مؤسساته من جامعات ومعاهد وكليات هجمة شرسة وفق تدمير ممنهج وتخريب متعمد نالت ـ من ما يزيد عن المائة جامعة وكلية حكومية وخاصة ـ ما نالت وتم تدمير بنيتها التحتية بصورة كاملة وتم نهب وتدمير وتخريب الأجهزة والمعدات والمختبرات والمكتبات بهذه الجامعات بجانب نهب وتخريب منشآت الصندوق القومي لرعاية الطلاب وينتسب لهذه الجامعات والكليات نحو نصف مليون طالب تأثروا بما تم من تدمير وتخريب للمؤسسات التي يدرسون فيها.

ولم تكن المستشفيات التعليمية التي يتم الإعتماد عليها في تلقي التعليم العملي للطلاب بأوفر حظا من الجامعات ومرافقها ولا المراكز البحثية حيث تم تدمير هذه المراكز وعدد من المستشفيات, وكونت الوزارة لجنة لحصرالاضرار وتقديراتها المادية التي طالت جميع مرافقها ومؤسساتها وقفت على حجم الأضرار التي لحقت بهذه المؤسسات.
تأثر نحو (104) مؤسسة:
ووضح أن التخريب طال كل مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي بولاية الخرطوم وعددا من الولايات الأخرى ، وبلغ عدد المؤسسات التي تأثرت تأثراً كلياً أو جزئياً (104) مؤسسة وفقا لتقرير وزارة التعليم العالي في أواخر أغسطس 2023 م ، وازداد العدد ليصبح 120 مؤسسة في سبتمبر الماضي ، بجانب رئاسة الوزارة التي اشتعلت النار في مبانيها واحترق عدد كبير من مكاتبها . وتوقف بذلك النشاط الأكاديمي والبحثي في تلك المؤسسات.
هجرة الأساتذة والطلاب:
كان من بين هجرة ملايين المواطنين لمناطق آمنة داخل وخارج البلاد هجرة أعداد كبيرة من الطلاب وأساتذة الجامعات الأمر الذي أثرسلبا على عملية تلقي الدراسة, الأمر الذي أحدث خللا كبيرا, حيث انخرط عدد من الأساتذة والطلاب داخل وخارج البلاد في المناطق الني نزحوا إليها, في أعمال ومهن هامشية للإيفاء بمتطلبات العيش لهم ولأسرهم, ونتج عن تعطّل العملية التعليمية في الجامعات والمعاهد العليا لفترة تسرّب كبير للطلاب وضياع للأعوام الدراسية
حلول فردية:
بدأ العديد من الطلاب والأسر في إيجاد حلول فردية, حيث واصل البعض تعليمه في جامعات الولايات الآمنة وبعضهم في جامعات خارج البلاد ومازال عدد من الطلاب لم تمكنهم الظروف من مواصلة تعليمهم لا بالخارج ولا بالداخل.

مشكلة الوثائق الجامعية:
ووجد بعض الطلاب الذين أجبروا على إخلاء منازلهم بصورة عاجلة دون حمل وثائقهم الجامعية معهم غير قادرين على التقديم للجامعات وتوقفوا عن الدراسة لفترة ولم يكن الطلاب الذين حملوا وثائقهم معهم بقية الالتحاق بجامعات خارجية بأفضل حظا من سابقيهم فقد التحقوا بالجامعات وتم ارجاعهم لثلاثة سنوات دراسية واضطر البعض فوق ذلك دراسة لغة الدولة التي التحقوا بجامعاتها ومن ثم الانخراط في الكلية الجامعية بعد عام من دراسة اللغة.
وأدى عدم الاستقرار وموجة النزوح غير المسبوقة إلى عدم تخريج الدفعات بشكل منتظم وحدث انسداد وتكدس وتراكم في الدفعات الطلابية في المستوى الواحد.
الدراسة عن بُعد:
واجهت مؤسسات التعليم العالي صدمة الحرب التي استمرت عام ونصف مع معاناتها من تسرّب وهجرة الطلاب والأساتذة وذلك باستئناف غالبية الجامعات الدراسة عن بُعد، وعقدت امتحانات لطلابها في داخل البلاد وخارجها وفق ظروف كل طالب وإمكانيات وتوفر الشبكة للدراسة والتواجد بمكان يتيح له الامتحان.
وقامت بعض الجامعات الحكومية والخاصة لتجاوزهذه المحنة وآثارها بنقل نشاطها للولايات الآمنة, والتي استضافت بعض جامعاتها جامعات الولايات غيرالآمنة التي رغبت في ذلك, وتم عقد الامتحانات بعد أن تمت الدراسة عن بعد بينما نقلت بعض الجامعات الدراسة بها إلى خارج البلاد.
ملتقى مديري مؤسسات التعليم العالي:
وكانت وزارة التعليم العالي قد عقدت ملتقى مديري عمداء مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة والأهلية تحت شعار: ( تعليم عالي راسخ لبناء وطن عزيز وشامخ ) ببورتسودان والذي تناول كيفية الاستفادة من إمكانات الجامعات والكليات في الولايات الآمنة في استمرار واستقرار العملية التعليمية بالبلاد في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد والعمل الإلكتروني لمؤسسات التعليم العالي خلال الفترة السابقة، والمراكز الخارجية التي افتتحتها الجامعات والكليات لمواصلة العملية التعليمية وأداء الصندوق القومي لرعاية الطلاب.
وأجرت وزارة التعليم العالي من جانبهاعدة اتصالات في مصر وليبيا التي تم الاتفاق فيها مع المسوؤلين عن التعليم العالي على العديد من البرتكولات, وصدر قرار بمعاملة السودانيين في ليبيا أسوة بالليبيين في عدد من المجالات ضمنها التعليم, وتم توقيع حزمة من مذكرات التفاهم مع ليبيا حول التعاون في العديد من المجالات والأنشطة العلمية والتدريبية والاستشارية في إجراء البحوث العلمية ذات الاهتمام المشترك، وتبادل الطلبة وأعضاء هيئات التدريس، والإشراف المشترك على رسائل الماجستير والدكتوراه، وتتظيم البرامج الأكاديمية، وبرامج التطوير المهنية، كنوع من الحلول.
رؤى:
يرى البعض أن امتحانات الشهادة وتراكم الدفع وتكدسها في أعوام وفصول دراسية معينة هو المحك الأساسي الأمر الذي يشكل ضغطاً كبيراً على هذه المؤسسات لتوفير المعينات التدريسية والتدريبية والوفاء بالساعات المعتمدة للمناهج هذا مع هجرة الكوادر العاملة والدمار الذي حدث وتأثيراته السالب على رأس المال البشري والذي بدوره يؤثر في كافة مناحي الحياة وأنه ينبغي ـ بعد التأثيرات الفادحة للحرب ـ على المؤسسات الجامعية ترتيب أمورها من اللا شئ بعد توقفها, ويرى البعض أن عودة الحياة لطبيعتها بعد إصلاح ما أفسده الدهر ممكنا ولكن ما حدث في قطاع التعليم من إنهيار يحتاج لجهود جبارة لمواجهة تحدياته.
إمتحانات الشهادة السودانية:
ووسط التفكير حول هذا الرأي أوذاك أعلن وزير التربية والتعليم المكلف أحمد خليفة عن قيام امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة 2023 م سيكون في موعده المقرر في الثامن والعشرين من ديسمبر ٢٠٢٤ م وأن مجلس امتحانات السودان أقر عقد امتحانات الشهادة السودانية لدفعة ٢٠٢٤ م بعد ثلاثة شهور من امتحان الدفعة المؤجلة ٢٠٢٣ م.
وبعث بتطمينات حول الترتيبات الجارية للامتحان وإمكانية جلوس أي طالب لم يلتحق بامتحانات دفعته في ديسمبر, الجلوس في امتحانات دفعة 2024 م بعد ثلاثة أشهر.