وزير الخارجية: المليشيا على رأسها أُميين ..والقوى المغذية للحرب أشترت قادة أفارقة
قال وزير الخارجية المكلف السفير حسين عوض ان نظرة بعض الدوائر في المجتمع الدولي إلى القوات المسلحة والمليشيا المتمردة كطرفين يتصارعان على السلطة ساهمت في تطويل أمد الحرب وتشجيع المليشيا على مواصلة فظائعها، حيث أن هناك أطرافا دولية تعاملت معها كأنها طرف على قدر من المسؤولية والشرعية.
وأضاف الوزير في حوار مع وكالة السودان للأنباء إن رعاة المليشيا وظفوا هذا الفهم الخاطئ للتمادي في تزويدها بما يمكنها من مواصلة حربها على الشعب السوداني. وأشار إلى أن هناك تحولات تدريجية في النظرة الدولية للمليشيا بدليل القرارات الأخيرة لبعض المنظمات الدولية والإقليمية التي اعتبرت المليشيا قوة متمردة، وأضاف “ومع ذلك يظل ازدواج المعايير سائدا في الساحة الدولية”. وتناول الوزير في الحوار عددا من المحاور حول العلاقات الخارجية والتحرك الدبلوماسي الخارجي لتوضيح موقف الحكومة السودانية وفضح ممارسات المليشيا المتمردة.وفي ما يلي نص الحوار:
تقييمكم لأداء وانجازات وزارة الخارجية خلال الخمس أشهر الأخيرة؟
شهدت هذه الفترة تحركات جادة على مختلف الأصعدة الخارجية بغرض شرح حقيقة ما يجري في السودان وكسب التأييد لموقف الحكومة المسنود من كل فئات الشعب في مواجهة المليشيا الإرهابية، وفضح ممارسات الاخيرة ورعاتها الخارجيين، وتم ذلك على عدة مستويات فقد حرصنا على تنشيط عمل بعثاتنا الدبلوماسية وإخضاع أدائها لتقييم مستمر، للتأكد من أنها تنهض بمسؤولياتها في هذه الفترة الاستثنائية الحرجة وأن أداءها يتسق مع ما يتوقعه منها هذا الوطن الجريح والمواطنون الذين تعرضوا لفظائع ومعاناة غير مسبوقة.
وشددنا على ضرورة توظيف كل أشكال النشاط الدبلوماسي والإعلامي لعكس الواقع الحقيقي لما يجري في بلادنا، والتصدي للدعاية المضادة، والتواصل مع المسؤولين والبرلمانيين وصناع القرار في دول التمثيل، والعمل مع الجاليات السودانية وأصدقاء السودان وكل الشعوب المحبة للسلام والعدل لعزل أعداء السودان وتعريتهم، وسنواصل في هذا الإتجاه لضمان أن يكون إيقاع عملها مواكبا للتحديات الجسيمة التي تواجهها بلادنا.
وواصلت الوزارة إطلاع الرأي العام المحلي والخارجي على تطورات الأوضاع والموقف منها وكثفت تواصلها وانخراطها مع البعثات الدبلوماسية المقيمة في بورتسودان. كذلك حرصنا على المشاركة الفاعلة في كل الملتقيات والمنابر الإقليمية والدولية لنصدع باسم شعبنا وقواته المسلحة والمشتركة والنظامية، ونحاصر قوى الشر التي تتآمر عليه ونبطل مخططاتها، وأعتقد أننا حققنا نجاحا كبيرا في ذلك، وبرز ذلك في القرارات التي اتخذتها منظمات إقليمية ودولية بإدانة المليشيا واعتبارها حركة متمردة، وتجديد التضامن مع السودان، وحقه في حماية سيادته ووحدته وأمنه وكرامة شعبه، ومن أوضح نماذج ذلك قرار القمة العربية بالبحرين في مايو الماضي، والتي شرفني فخامة السيد رئيس مجلس السيادة بالإنابة عنه فيها.
وكذلك في البيان الختامي للمنتدى الصيني ببكين في مايو الماضي وكذلك قرار المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي الاسبوع الماضي في ياوندي ومن قبلها منظمة المؤتمر الدولي لإقليم البحيرات العظمى وحتى قرار مجلس الأمن رقم (٢٧٣٦) في (٢٠٢٤) جاء متوازنا لحد كبير حيث حمل المليشيا مسؤولية حصار مدينة الفاشر وطالبها برفع الحصار والكف عن تهديد المدينة وأهلها إلا أنها بالطبع لم تستجب ولم يتابع المجلس تنفيذ قراره ، أيضا أسهمت جهودنا في تعرية رعاة المليشيا الإرهابية دوليا، وصاروا يواجهون إحراجا وضغوط سياسية وإعلامية وشعبية في العديد من مناطق العالم .
تلاحظ وجود حركة دبلوماسية نشطة خلال الفترة الماضية ممثلة في تبادل الزيارات رفيعة المستوى من وإلى الدول الشقيقة والصديقة وكبار الشخصيات الدولية..ما دلالة ذلك؟
صحيح كانت هناك زيارات عديدة لوفود رفيعة المستوى لبورتسودان من الدول الشقيقة والصديقة فمثلا كانت هناك زيارة مهمة لنائب وزير خارجية روسيا، المبعوث الخاص للرئيس بوتين للشرق الأوسط وأفريقيا، في مايو الماضي، وزيارة رئيس الوزراء الأثيوبي في يوليو، وزيارات نائب وزير الخارجية السعودي ونائب وزير الخارجية القطري، ورئيس المخابرات العامة المصري، وعدة مبعوثين دوليين ومسؤولي منظمات دولية وإقليمية، مثل زيارة نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، قبل أيام. وبالمقابل كانت هناك زيارات مهمة من مسؤولين سودانيين رفيعي المستوى عبر دبلوماسية القمة ممثلة في رئيس مجلس السيادة ونائبه و أعضاء المجلس، وكذلك زيارات المبعوثين الرئاسيين ووزير الخارجية. ويدل ذلك علي حجم الانخراط الإيجابي للسودان مع اشقائه واصدقائه وكل أعضاء الأسرة الدولية، وأن المؤامرة علي الشرعية والدولة السودانية قد فشلت تماما. كما لابد من الإشارة للعدد المتزايد من السفارات والبعثات الدبلوماسية التي تباشر مهامها حاليا من داخل السودان وتقديم عدد من سفراء الدول الشقيقة والصديقة الجدد أوراق اعتمادهم مؤخرا للسيد رئيس مجلس السيادة . وهو مؤشر يمضي في ذات الإتجاه.
ما هي أهم نتائج زيارة نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للسودان؟
أعتقد أن الزيارة تعبر عن روح التعاون الإيجابي التي تسود العلاقات بين السودان والأمم المتحدة ، فالسودان من أوائل الدول الأعضاء بالمنظمة الأممية، وله إسهام تاريخي في تطوير عملها وبرامجها ووكالاتها المختلفة خاصة فيما يتصل بأفريقيا والدول العربية. ولابد أن نائبة الأمين العام للأمم المتحدة قد رجعت بفهم أفضل لحقيقة الأوضاع في السودان، وتأكدت من حرص السودان على تقديم كل ما يمكن لتيسير تقديم المساعدات الإنسانية وتخفيف المعاناة عن مواطنيه الناتجة من عدوان المليشيا الإرهابية.
كيف تقيمون نتائج ما سمي بمحادثات جنيف..وهل ما خرجت به يؤكد صحة موقف السودان من مقاطعتها؟ وما هو تقييمكم لما سُمي بمنبر “متحالفون من أجل تعزيز حماية الحياة والسلام”؟
نعم ما خرجت به الإجتماعات برهن علي صحة موقفنا ، فهي لم تتعد أن تكون ملتقى للعلاقات العامة والدعاية لا سيما من جانب المليشيا الإرهابية ورعاتها ، ونقدر مشاركة الشقيقتين مصر والسعودية في الاجتماعات ، و نثق في حرص الدولتين الصادق على تحقيق السلام والاستقرار في بلادنا دون أي أجندة أخرى ، ونقدر ان مشاركتهما في اجتماعات جنيف تعبر عن هذا الحرص ، لكن رؤيتنا كانت وما تزال أن السلام لا يمكن أن يتحقق بتجاهل ما تم التوصل إليه من اتفاقات ملزمة والقفز عليها ، أو التظاهر بأن رعاة المليشيا الذين يمثل دعمهم المستمر لها السبب الرئيسي لاستمرار الحرب يمكن أن يصبحوا صناع سلام قبل أن يصححوا موقفهم ، وقد أثبتت جرائم المليشيا أثناء وبعد الاجتماعات أن ما ذكر من التزامات قدمتها لحماية المدنيين هي مجرد دعاية كاذبة لا تنطلي على أحد ، وبالنسبة لمجموعة “متحالفون من أجل تعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان” فإن التحدي أمامها هو إقناع رعاة المليشيا من بين عضويتها للتوقف عن تزويد صنيعتها بالأسلحة الفتاكة والمرتزقة والأموال لأن ذلك هو أقصر الطرق لإنقاذ حياة السودانيين وتحقيق السلام .
الموقف الأفريقي من الأزمة في السودان لا يزال غير واضح أو غير فعالهل تتفقون معنا في ذلك..وما هو السبيل لكي يصبح هذا الموقف أكثر إيجابية ؟
بالفعل ،، الموقف الأفريقي مما يتعرض له السودان من عدوان غير مرضي وباستثناءات قليلة فإنه لا يزال هناك عدم إدراك حقيقي على مستوى القارة للأبعاد الخطيرة لهذا الاعتداء من حيث أنه في حقيقته إعتداء على كل القارة لأن القوى التي خططت له وتغذيه بالسلاح والمرتزقة والأموال هدفها السيطرة على ثروات أفريقيا والتحكم في مفاصلها ذات الأهمية الجيوستراتيجية وشواطئها وللأسف استطاعت هذه القوى شراء عدد من القادة وموظفي بعض المؤسسات الأفريقية للمساعدة في تنفيذ المؤامرة أو السكوت عليها وهذا أمر خطير ، السودان هو ثالث أكبر الدول الأفريقية مساحة وأولها استقلالا بعد إقرار حق المستعمرات في تقرير مصيرها في أعقاب الحرب العالمية الثانية وهو كذلك أفريقيا المصغرة بما فيه من تنوع ثقافي وعرقي وجغرافي وهو صلة الوصل بين كل الأقاليم الإفريقية وبين أفريقيا والشرق الأوسط ومع أوروبا أيضا ، وعندما يتعرض بلد بهذه الأهمية لعدوان تشارك فيه عدة دول من داخل القارة وخارجها باستخدام مرتزقة من أكثر من ٩ دول ويسكت الأفارقة إلا قليل منهم فهذا يعني غياب التضامن الأفريقي وضعف الوعي بحجم التهديدات التي تواجهها القارة وأخشى أن تكتشف الدول الأفريقية في القريب أنها أكلت يوم أكل الثور الأسود والإتحاد الأفريقي عزل نفسه عن السودان بتجميد عضويته فيه بمبررات واهية ، ولم يستطع حتى الآن أن ينتهج مقاربة مستقلة وموضوعية للأزمة في السودان ، وبالطبع لا يمكن أن يكون له دور حقيقي في المساعدة في حل الأزمة طالما ظلت عضوية السودان فيه مجمدة ، كذلك لا يمكن الحديث عن مشروع للإتحاد الأفريقي في غياب السودان ، وسنواصل انخراطنا الإيجابي مع أشقائنا الأفارقة لتوضيح هذه الأبعاد وستشهد الفترة المقبلة حراكا سياسيا و دبلوماسيا كبيرا في الساحة الأفريقية .
ما تزال دوائر بعينها في المجتمع الدولي تنظر إلى القوات المسلحة والمليشيا المتمردة كطرفين يتصارعان على السلطة، كيف تردون على ذلك؟
أعتقد أن هذه النظرة ساهمت في تطويل الحرب ، وتشجيع المليشيا على مواصلة فظائعها، لأن هناك أطراف دولية تعاملت معها كأنها طرف على قدر من المسؤولية والشرعية كما وظف رعاة المليشيا هذا الفهم الخاطئ للتمادي في تزويدها بما يمكنها من مواصلة حربها علي الشعب السوداني ، يتجاهل أصحاب هذه النظرة الموغلة في الخطأ أنه لا يمكن حتى المقارنة بين جيش وطني عريق يجسد وحدة وسيادة الأمة السودانية ويتسم بأعلى مستويات المهنية العسكرية مع مليشيا تسيطر عليها أسرة واحدة وقوامها مرتزقة أو من تحركهم النعرات العنصرية وعلى رأسها أشخاص شبه أُميين ، إلا أنه يلاحظ أن هناك تحولا تدريجيا في النظرة للمليشيا بدليل القرارات الأخيرة لبغض المنظمات الدولية والإقليمية التي اعتبرت المليشيا قوة متمردة مع ذلك يظل ازدواج المعايير سائدا في الساحة الدولية.
يرى المراقبون أن المعركة في السودان الآن أصبحت معركة دبلوماسية في الأساس تتصل بالتحرك الخارجي للدولة السودانية؟ ما خطة وتدابير الدبلوماسية السودانية لمواجهة هذا التحدي، وقيادة المعركة خارجيا على مستوي التجمعات الإقليمية والدولية ومجلس الأمن والامم المتحدة ؟
اعتقد انني تناولت هذا الأمر في الإجابات السابقة. ولا شك أن الدبلوماسية والإعلام ميدانان أساسيان من ميادين المعركة ونحن مدركون لذلك وسيكون تركيزنا على الساحة الأفريقية دون إهمال الدوائر الأخرى مثل الوطن العربي وأصدقاء السودان في آسيا وأوربا والقوى الكبرى والمنظمات الدولية والإقليمية.
يدور لغط كبير في الساحة الإعلامية حول العلاقة مع الصين وروسيا حدثنا عن الجهود المبذولة لترقية هذه العلاقات معهما وكيف تقيمون ذلك ؟
ظلت الصداقة مع كلا البلدين من ثوابت العلاقات الخارجية للسودان ونعمل جاهدين لإحياء هذه العلاقات وإعطائها قوة دفع جديدة وتمثل مشاركة رئيس مجلس السيادة على وفد رفيع في منتدى التعاون الصيني الأفريقي ببكين هذا الشهر وما تم خلال تلك المشاركة من لقاءات وتوقيع اتفاقات مهمة أحد تعبيرات هذه الرغبة وكذلك الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة مع روسيا.