جبل عامر.. لعنة الذهب التي أطاحت بحلم إمبراطورية آل دقلو (2)

  • كيف أصبح حميدتي إمبراطورا عالميا للذهب؟
  • (50) من الذهب تهرب شهريا للإمارات من جبل عامر
  • وثائق تثبت أن شركة الجنيد التابعة لآل دقلو كانت تبيع حصة قليلة من الذهب للبنك المركزي
  • ترسانة الأسلحة التي يملكها الدعم السريع مصدرها كنز الذهب الدارفوري

تحقيق ــ التاج عثمان
بعد إنتشار شهرته تدافع نحوه الآلاف من داخل وخارج السودان وكنت واحدا منهم ولكن غايتي تختلف عن البقية ليس لأجل الحصول على الذهب بل من أجل الحصول على سبق صحفي أعتبره أثمن من المعدن الأصفر الذي يتهافت عليه عبدة وسدنة هذا المعدن النفيس.. وقتها لم أكن أتوقع ان جبل الذهب الذي تم إكتشافه بولاية شمال دارفور والذي يطلق عليه (جبل عامر) سيكون من الأسباب والعوامل الرئيسية لإندلاع الحرب بالسودان.. فما حكاية هذا الجبل الذهبي؟.. وما سر الأشعة التي تنبعث منه مع شروق وغروب الشمس يوميا.. من هم أصحابه الأصليون؟ وكيف أصبح ملك خاص لحميدتي (يغرف) منه ما يشاء من الذهب دون حسيب او رقيب؟ وهل كان يمثل بداية الحُلم لإمبراطورية آل دقلو؟ وهل ما حدث من إقتتال وحرب في السودان كانت بسبب لعنة الذهب؟.. (أصداء سودانية) تجيب على هذه الأسئلة والتساؤلات وغيرها عبر هذا التحقيق الإستقصائي
زعيم الأبالة:


كان حميدتي يخطط بدهاء في الخفاء للسيطرة على كل إنتاج الذهب من جبل عامر خاصة انه كان يمتلك بعض المناجم هناك، وقتها كان قريبه موسى هلال، رئيس مجلس الصحوة الثوري السوداني الذي تأسس في يناير 2014، وزعيم الأبالة المحاميد ثاني قبيلة تسيطر على الذهب بالمنطقة، لا يزال مسيطرا على جبل عامر.. وعندما حاولت حكومة الإنقاذ وضع يدها على جبل الذهب تحداها موسى هلال ومنع القوات الحكومية الوصول إلى مناجم الذهب بجبل عامر والسيطرة عليه، فإستعان البشير بقوات الدعم السريع التي أصبحت تحت إمرة حميدتي بالكامل وذلك لشن هجوم مضاد على قوات موسى هلال.. وفي نوفمبر 2017 إعتقلت قوات حميدتي موسى هلال ونجحت في الإستيلاء على كل مناجم الذهب بجبل عامر والتي تقدر مساحتها بنحو 26 كيلو مترا مربعا أغلبها تعدين تقليدي وتحتوي على مجموعة مناجم ذهب كانت أصلا تحت سيطرة قوات موسى هلال.. بينما تبلغ مناطق التنقيب عن الذهب لمنطقة جبل عامر حوالي 10 الاف موقع تنضوي تحت 4 مناجم كبيرة حسب ما ذكره رئيس لجنة مناجم جبل عامر وقتها، عبد الرحمن إسحق لموقع العربي الجديد، والذي كشف ان أغلب إنتاج الذهب من المنطقة كان يتم بيعه في عمارة الذهب بالخرطوم، إذ يرحل إليه يوميا بين 8 ــ 10 كيلو غرامات من الذهب يوميا
إمبراطور الذهب:


بعد ان تولى محمد حمدان دقلو حميدتي قيادة مليشيا الجنجويد، والتي أصبحت فيما بعد قوات الدعم السريع، أصبح من المقربين للإنقاذ وسيطر تماما على جبل عامر وبفضله أصبح من أثرى الأثرياء في السودان، لدرجة ان بعض الدوائر الإقتصادية العالمية أطلقت عليه (إمبراطور الذهب)، وبالتالي تسبب في تشريد عشرات الآلاف من السكان المحليين والمنقبين الذين توافدوا على الجبل من كافة أنحاء السودان وخارجه ليصبح كنز الذهب تحت سيطرته بالكامل.. وأصبح جبل عامر مصدر ثراء وتمويل لقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، خاصة بعد ان أطلق البشير يد حميدتي عام 2018 للسيطرة لوحده على جبل عامر، وكان وقتها الإقتصاد السوداني في طريقه للإنهيار التام، ولذلك سمح البشير لحميدتي بإستخراج وبيع الذهب من جبل عامر مقابل توريد كمية من الذهب لإنقاذ حكومة الإنقاذ من الإنهيار الاقتصادي الذي كانت تواجهه خلال تلك الفترة.. وكان حميدتي يضرب بقوانين البنك المركزي عرض الحائط فيما يتعلق بتصدير ذهب جبل عامر عبر شركة الجنيد، بل وأنه لذر الرماد على العيون كان يبيع حصة قليلة من الذهب للبنك المركزي بالسعر التفضيلي، ورغم نفي البنك المركزي وقتها علمه بهذا الأمر، إلا أن بعض الوثائق أثبتت عكس ذلك تماما.. وبحلول عام 2017 بلغ إنتاج الذهب من الجبل الذي سيطر عليه حميدتي بالكامل حوالي 50 طنا سنويا كان يهرب ويباع معظمه بدولة الإمارات بعيدا عن عيون الحكومة السودانية وقتها، وكانت شركة الجنيد المملوكة لآل دقلو تنتج قرابة 40 كيلو جرام ذهب شهريا وذلك خلال فترة سيطرتها على الجبل بين الأعوام 2017 ــ 2021.. وفي عام 2021 وفي عملية وصفها البعض بـ(التمويهيه) تنازلت شركة الجنيد عن الجبل لصالح حكومة السودان، إلا ان حميدتي ظل المالك الوحيد له خلف الستار، ونجح بواسطة بعض الخبراء والشركات الأجنبية المتخصصة في التعدين عن الذهب إنتاج كميات كبيرة منه إستغلها حميدتي في شراء ترسانة أسلحة لتسليح قواته وزيادة أعداد أفرادها زيادة كبيرة من المرتزقة الأفارقة وبعض الدول الأخرى، ومن هنا بدأت لعنة الذهب التي تسببت في حرب السودان بين الجيش والدعم السريع، وقبلها كان الصراع الدارفوري ــ الدارفوري بين قبيلة بني حسين وهم سكان الجبل الأصليين كما أشرنا سلفا وبين المنقبين الجُدد ومنهم الرزيقات كما أشار البعض.
الحلقة الثالثة:
ــ الذهب والدم في السودان
ــ لعنة الذهب تطيح بوزير داخلية من منصبه
ــ 50 طنا كانت تهرب سنويا للإمارات بواسطة مليشيا الدعم السريع
ــ كاتب صحفي يتنبأ قبل سنوات بسيطرة الدعم السريع على ثروة الذهب القومية بجبل عامر
ــ هل إستعان حميدتي بترسانة أمنية أجنبية لحماية مناجم الذهب بجبل عام؟