آخر الأخبار

على خلفية تصريحات وزير العدل(قانون جرائم المعلوماتية) ضرورة إستحداث قانون جديد للنشر الإلكتروني

  • جرائم النشر الإلكتروني أصبحت الأكثر خطرا على المجتمعات والأسر
  • قانون جرائم المعلوماتية الحالي لا يواكب التطورات التقنية المتلاحقة للجرائم الإلكترونية
  • جرائم النشر الإلكتروني متجددة المحتوى متعددة الوسائل متنوعة المخاطر متزايدة الآثار

تقرير – دكتور إبراهيم حسن ذو النون:
أكد الدكتور عبد الله محمد درف وزير العدل أن هناك ضرورات تستدعي إجراء تعديلات في بعض القوانين السارية بالبلاد وذلك لمواجهة التحديات التي أفرزتها الحرب الماثلة التي ابتدرتها مليشيا الدعم السريع المتمردة, ودعا خلال لقائه بالسيد مدير شرطة ولاية الخرطوم لإنشاء نيابات ومحاكم خاصة لتحقيق العدالة السريعة لا سيما في ملفات التعاون مع المليشيات المتمردة وانتهاكات حقوق المواطنين خلال فترة احتلال الخرطوم من قبل مليشيا الدعم السريع, وكشف السيد وزير العدل عن تعديل في قانون جرائم المعلوماتية ليشمل بصورة أوسع الجرائم المرتبطة بخطاب الكراهية والتحريض عبر الإنترنت ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
ويبدو أن السيد وزير العدل من خلال تصريحاته هذه أراد الإشارة إلى المخاطر العديدة لجرائم النشر الإلكتروني المتجددة المحتوى والمتعددة الوسائل نتيجة الاستخدام المتزايد من قبل معظم الناس في جميع أنحاء المعمورة والتي أفرزت مخاطر متنوعة تزايدت آثارها السالبة بشكل لافت.
قوانين جرائم المعلوماتية :
تورد (أصداء سودانية) أن أول قانون لمواجهة جرائم المعلوماتية في السودان قد صدر في العام 2007م
ثم صدر في العام 2018م قانون جديد تحت مسمى قانون مكافحة جرائم المعلوماتية للعام 2018م والذي تم تعديله في العام 2020م على أيام جائحة(كرونا) ثم صدر تعديل آخر في العام 2022م, ثم إن هناك مشروع تعديل جديد في مرحلة الإعداد كما ورد الإشارة إليه في تصريحات السيد وزير العدل.
كانت أهم سمات القانون في مراحله الممتدة منذ العام 2007م حتى الآن انه قد جاء ملبيا للحاجة إلى مواجهة جرائم المعلوماتية المتجددة في محتوياتها والمتعددة في وسائلها ووسائطها و المتزايدة المخاطر والآثار, كما أنه قد وضع إطارا عاما لماهية الجرائم الإلكترونية بشكل عام كما خصص القانون نيابة متخصصة لجرائم المعلوماتية حيث أصدر السيد النائب العام أوامر تأسيس في العاصمة الاتحادية (الخرطوم) وفي كل الولايات, وبالمقابل أصدر السيد رئيس القضاء أوامر تأسيس لمحاكم جرائم المعلوماتية بدأت أعمالها في الخرطوم إلا أن تنامي جرائم المعلوماتية أدي لتأسيس محاكم مشابهة في معظم ولايات السودان, وقد أفرزت تجربة تطبيق القانون عددا من النتائج تمثلت في الآتي:
تطوير المنظومة التشريعية والقانونية الخاصة بالجرائم المعلوماتية التي ظلت في تزايد مستمر نتيجة التطورات التقنية المتلاحقة والتي كلما تطورت, تطورت معها أساليب الجريمة الإلكترونية.
برزت الحاجة الماسة لفصل جرائم النشر الإلكتروني في قانون خاص بها وهي الأكثر شيوعا من بين الجرائم المعلوماتية الأخرى وذلك باعتبار أن جرائم النشر الإلكتروني متعلقة بالمحتوى ولها آثار مادية ومعنوية ونفسية وعظيمة الأثر بينما بقية جرائم المعلوماتية محدودة الأثر برغم مخاطرها كما أن آثارها قد تكون مادية فقط.
وضح أن منظومة الجرائم المعلوماتية على ما بينها من روابط إلا أنها تحتاج من الناحية الموضوعية إلى تفكيك بحسب طبيعة ومحتوى الجريمة, فمثلا مجموعة الجرائم المعلوماتية ذات الصلة بالمصاريف والاقتصاد والتجارة تحتاج لقانون منفصل, ومجموعة الجرائم المعلوماتية ذات الصلة بنظم البيانات الشخصية وأجهزة الحاسب الآلي (ثابتة ومنتقلة) والهواتف النقالة وتهكير المواقع الإلكترونية تحتاج لقانون منفصل, ومجموعة الجرائم المستحقة والمسماة ب(الجرائم السيبرانية) والتي لها انعكاسات على النظرية العامة للجريمة من حيث أسباب تكوينها وأركانها وعناصرها وأساسيات مكافحتها تحتاج لقانون منفصل أيضا, وكذلك جرائم النشر الإلكتروني تحتاج لقانون منفصل كما أسلفت سابقا.
وضح من تطبيقات قانون جرائم المعلوماتية أن هناك حاجة ماسة لتعديل قوانين الإثبات والإجراءات الجنائية لمواكبة التقنيات المستخدمة في الجرائم المعلوماتية والتي يصعب تداركها من خلال في قوانين الإثبات والإجراءات الجنائية العادية, وبالمقابل برزت الحاجة للمزيد من التأهيل الفني ورفع القدرات الفنية للعاملين في فحص أدلة الإثبات والقائمين على أمر التحقيقات والتحريات في الجرائم المعلوماتية وايضا هناك ضرورة للتدريب على التقنيات المستحدثة لوكلاء النيابة والقضاة الذين يباشرون إجراءات جرائم المعلوماتية.
لماذا قانون للنشر الالكتروني:


من اللافت للنظر أن جرائم النشر الإلكتروني وبرغم شيوعها وتزايد احصائياتها وتعدد وسائطها وتعاظم آثارها إذ أنها تمثل أحدى التحديات الكبرى التي تقف أمام تطبيقات القانون الجنائي والذي يكون في كثير من الأحيان محلا لقصور في تنظيم طائفة هذه الجرائم المستحدثة وهذا ما يسهل لكثير من المجرمين إرتكابها والإفلات من العقاب, كما أن هناك ثمة فروق أخرى بين جرائمة النشر الإلكتروني التي تقع بواسطة الإنترنت وجريمة النشر الإلكتروني التي تقع بواسطة الحاسب الآلي إذ من الثابت أن الإنترنت كتقنية حديثة يتميز بمجموعة من الخصائص والتي من بينها ارتباطها بالحاسب الآلي إذ يعتبر ذلك الأخير النافذة التي تطل على العالم وقد أدى الارتباط إلى اعتبار عدد من فقهاء القانون أن جريمة الإنترنت هي نفسها جريمة الحاسب الآلي إلا أننا نرى أن هناك اختلافا كبيرا بينها.
ومن هنا لا تبرز الحاجة إلى قانون ينظم جرائم النشر الإلكتروني فحسب بل إلى قانون للنشر الإلكتروني وذلك لعدة مبررات تتمثل في الآتي:
هناك حاجة ماسة لابتداع استراتيجية وطنية أسوة بكل دول العالم للنشر الإلكتروني وذلك لتحديد أهدافه وتقنين أوضاع مستخدميه وذلك بالموازنة الدقيقة بين حرية التعبير والنشر وبين الإلتزام بالمحددات القانونية والقومية والأخلاقية والنشر والتي ترتكز على الحرية المسئولة.
إنشاء مجلس قومي للنشر الإلكتروني لرسم السياسات العامة للنشر الإلكتروني بهدف تنظيمه وتسجيل الأشخاص والجهات الاعتبارية العاملين في هذا المجال وتدريبهم ورفع قدراتهم والتحقق من محتوى ومضمون المواد المنشورة في وسائط النشر اﻻلكتروني والتأكد من التزامها بالمحددات القانونية والقومية والأخلاقية للنشر اﻻلكتروني, بالإضافة لتأسيس مركز علمي يعنى بأبحاث النشر الإلكتروني وجرائمه ومخالفات المهنية وأساليب مواجهتها.
جرائم النشر اﻻلكتروني أصبحت الأكثر خطرا على المجتمعات والدول لأنها عابرة للقارات ويصعب كبح جماح ها ولأن القانون السوداني الحالي لا يواكب سرعة إيقاع التطورات التقنية المتلاحقة لجرائم المعلوماتية عموما ولجرائم النشر الإلكتروني فإن الحاجة تصبح ماسة لإستحداث قانون جديد للنشر الإلكتروني تكون أبرز سماته متمثلة في الآتي:
-وضع ضوابط لتسجيل العاملين في وسائط النشر الإلكتروني العامة.
-إشاعة ثقافة الإستخدام الآمن لوسائط النشر الإلكتروني القائمة على قاعدة لا ضرر ولا ضرار.
-التأكد من تحقق حق الانتفاع من وسائط النشر الإلكتروني.
-تبني إشاعة ثقافة نبذ العنف اللفظي ونبذ استخدام خطاب الكراهية.
-عدم نشر المعلومات الضارة بالأمن القومي.
-عدم انتهاك الخصوصية للأفراد أيا كان وضعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
-عدم تجاوز الحدود العامة للنقد الموجه للشخصيات العامة.
-عدم إثارة الكراهية ضد المجموعات السكانية والدينية والاثنية.
-عدم المساس بالأديان والمعتقدات العرفية المتفق عليها.
-عدم ممارسة أي شكل من أشكال التمييز الثقافي والديني أو اللغوي أوالمهني.
-عدم المساس باستقلالية القضاء والنيابة العامة والأجهزة العدلية الاخرى.
-عدم إثارة الكراهية بين الجماعات الدينية أوالإثنية أوالثقافية والمناطقية.
-عدم المساس بالسياسات الخارجية للدولة حتى لا تتأثر علاقاتها الثنائية والجماعية بأي شكل من أشكال الاستقطاب.