آخر الأخبار

الدكتورة الكويتية (عائشة بنت محمد) المتخصصة في علاج آثار الحروب على الأطفال لـ(أصداء سودانية):

  • عالجت 500 طفل من آثار الحروب منهم 50 سوداني
  • نجحت في علاج الأطفال السودانيين النازحين بالكويت بالموسيقى والفن واللعب
  • برنامجي العلاجي لتأهيل أطفال السودان من ويلات الحرب يركز على بناء الثقة بالنفس وتعزير مهارات التعامل مع الضغوطات
  • الأفكار الخودية والسلوك العدواني و القلق والخوف أعراض قد تنتاب الأطفال النازحين بعد عودتهم للسودان

حوار ــ التاج عثمان:
الدكتورة الكويتية (عائشة بنت محمد) إختصاصية الطب النفسي إشتهرت في الحقل الطبي الكويتي والعالمي بخبرتها الطويلة في إنتشال ومعالجة وتأهيل الأطفال النازحين من ويلات الحروب التي عصفت بصحتهم النفسية عصفا.. لها خبرة في هذا المجال إمتدت لعشر سنوات في علاج إضطرابات القلق والخوف والإكتئاب عند الأطفال بمناطق الحروب والنزاعات.. نجحت في معالجة أكثر من (500) طفل من (10) دول مختلفة من بينهم (50) طفلا من السودان من الذين نزحوا مع عائلاتهم من السودان لدولة الكويت الشقيقة وبشهادة أسرهم نجحت الدكتورة الكويتية (عائشة) في إمتصاص الآثار النفسية التي علقت بنفسيات هذه الشريحة من أطفالنا بسبب الحرب في السودان وأعادت لهم توازنهم النفسي من خلال برنامج علاجي نفسي.. (أصداء سودانية) نجحت في التواصل معها من داخل الكويت عبر هذا الحوار لتشخص لنا الأمراض والعلل النفسية التي يعاني منها أطفالنا الذين نزحوا مع عائلاتهم للكويت ودول النزوح الأخرى بسبب الحرب وكيفية تأهيلهم وإعادة التوازن النفسي لهم.
*نعلم أنك أخضعت عددا من الأطفال السودانيين الذين نزحوا بسبب الحرب مع عائلاتهم لدولة الكويت الشقيقة لبرنامج علاجي نفسي.. نريد أولا تشخيص نفسي للآثار النفسية للأطفال في مناطق الحروب والنزاعات خاصة أطفال السودان؟
ــ الأطفال في مناطق الحروب عادة يعانون من عدة آثار نفسية، منها إضرابات الخوف والقلق، وإضطرابات النوم، والسلوكيات العدوانية، وصعوبة التركيز، ومشاكل في التعليم، وإنخفاض الثقة بالنفس، وصعوبة التعبير عن المشاعر.
*هل كل هذه الأعراض والآثار النفسية كان يعاني منها شريحة أطفالنا السودانيين الذين خضعوا لبرنامجك العلاجي النفسي؟
ــ أجل، حيث أظهرت التشخيصات االإختبارات النفسية الأولية للأطفال السودانيين، وأعمارهم كانت بين (5 ــ 18) سنة، أن 70 بالمائة منهم يعانون من إضطرابات القلق والخوف، و60 بالمائة يعانون من صعوبة النوم بسبب كوابيس الحرب التي تنتابهم أثناء النوم، و80 بالمائة منهم يعانون من صعوبة التعبير عن المشاعر بسبب الصدمة.. ولذلك إتبعت معهم برنامج علاجي نفسي، يركز في المقام الأول على التعبير عن المشاعر، وبناء الثقة بالنفس، وتعزيز مهارات التعامل مع الضغوطات.
*نريد تفسير وتبسيط للقارئ للبرنامج العلاجي النفسي الذي طبقتيه مع الأطفال السودانيين الذين نزحوا من السودان للكويت؟
ــ البرنامج العلاجي النفسي الذي إنتهجته مع أطفال السودان من النازحين يتكون من عدة مراحل، المرحلة الأولى: تتمثل في التعبير عن المشاعر، وهو عبارة عن جلسات فنية بالرسم للتعبير عن المشاعر، ومن خلال رسوماته التي يختار موضوعاتها الطفل بنفسه كنت أتوصل للعلة النفسية التي يعاني منها كل طفل.. وهناك الجلسات السردية، وهي عبارة عن قصص الأطفال أنفسهم يروون فيها تجاربهم خلال الحرب.. بجانب الجلسات الموسيقية، وهدفها التعبير عن مشاعر الطفل من خلال الموسيقى.
والمرحلة الثانية: تتمثل في، بناء الثقة بالنفس، وهو عبارة عن أنشطة رياضية هدفها تعزيز الثقة بالنفس من خلال الرياضة.. وهناك أنشطة جماعية لتعزيز روح العمل الجماعي والتعاون.. بجانب جلسات تشجيعية تهدف لتشجيع الأطفال على التعبير عن آرائهم.
اما المرحلة الثالثة: فهي تعزيز مهارات التعامل مع الضغوطات، وتتمثل في (تقنيات التنفس) للتعامل مع الضغوطات، والتأمل حيث نعلم الطفل التأمل للتعامل مع الضغوطات، بجانب حل المشكلات، ومن خلاله نعلم الأطفال مهارات حل المشكلات التي يمكن ان تواجهه.
*ما هي النتائج التي حققها البرنامج للأطفال بمراحله الثلاثة السابقة؟
ــ النتائج حقيقة كانت مشجعة بل مذهلة، حيث ان 90 بالمائة من الأطفال السودانيين أظهروا تحسنا في سلوكهم.. و85 بالمائة أظهروا تحسنا في تعبيرهم عن المشاعر.. و80 بالمائة أظهروا تحسنا في ثقتهم بالنفس.. و75 بالمائة أظهروا تحسنا في أدائهم الدراسي.. و70 بالمائة أظهروا تحسنا في علاقتهم مع أقرانهم.
*ماهي المدرسة او المدارس النفسية التي إعتمد عليها برنامجك العلاجي النفسي مع أطفال السودان؟
ــ إتبعت عدة مدارس نفسية، هي، المدرسة السلوكية: والتي تركز على سلوك الفرد وتعديله.. والمدرسة المعرفية السلوكية: التي تركز على التفكير والمشاعر والسلوك.. والمدرسة النفسية الديناميكية: وهذه تركز على العلاقة بين الفرد والبيئة.
*نعلم ان هناك أساليب علاجية مختلفة للعلاج النفسي للأطفال.. فما طبيعة الأساليب التي أخضعت لها أطفال النازحين السودانيين بالكويت؟
ــ حقيقة إتبعت معهم عدة أساليب علاجية نفسية، منها العلاج السلوكي المعرفي (سي بي تي): وهو يركز على تعديل الأفكار والمشاعر والسلوك السلبي، ويساعد أيضا الأطفال التعرف على أنماط التفكير السلبي وتعديلها.. والعلاج بالفن: بإستخدام الفن كأداة للتعبير عن المشاعر، وهو يساعد الأطفال على التعبير عن مشاعرهم بطريقة غير لفظية.. العلاج بالموسيقى: حيث إستخدمت الموسيقى كأداة للتعبير عن مشاعر الأطفال وتعديل سلوكهم.. وهناك العلاج باللعب: واللعب يستخدم كأداة للتعامل مع المشاعر والسلوك، وهو يساعد الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وتعديل سلوكهم.
*بعد إنقضاء فترة العلاج وإنتهاء الحرب وعودة الأطفال لمنازلهم ومدارسهم وأقرانهم بالسودان.. هل تتوقعين ظهور الأعراض النفسية التي تعالجوا منها مرة أخرى؟
ــ نعم هناك أعراض نفسية قد تنتاب أطفال السودان بعد عودتهم لوطنهم ولمنازلهم وإلتحاقهم بمدارسهم.
*ما طبيعة هذه الأعراض المحتملة؟
ــ تتمثل في إضطرابات القلق والخوف.
*سالتها مقاطعا.. الخوف ممن؟


ــ خوف من الأصوات العالية او المظاهر والمشاهد الجديدة كالخراب الذي لحق بمنازلهم مثلا.. كما يمكن ان يعانوا في السودان من إضطرابات النوم والتي تتمثل في صعوبة النوم او الكوابيس المتكررة.. بجانب إضطرابات الإكتئاب المتمثلة في إنخفاض في مزاج الطفل، او فقدان الإهتمام بالأنشطة المدرسية، او تلك التي داخل الحي الذي يسكن فيه.. أيضا يمكن أن يعاني الطفل عند عودته للسودان من إضطرابات السلوك العدواني او الإنسحاب الإجتماعي.. بجانب إضطرابات التعلم المتمثلة في صعوبة التركيز، او إنخفاض الأداء الدراسي.. وهناك أعراض أخرى كتجاهل الأحداث الماضية، ومنها أعراض العودة للمدرسة المتمثلة في الخوف من الفصل الدراسي، والخوف من إنفصال الطفل من الوالدين او الأقران.. ومن أعراض العودة (السلوك التكراري)، والذي يتمثل في تكرار سلوكيات معينة مثل كثرة غسل الوجه، او التأمل، او الشرود الذهني.. ومن الأعراض أيضا ما يعرف في علم النفس بـ(الأفكار الخودية)، وهي أفكار تدور حول الموت او الأذى الذاتي.. أيضا يمكن ان يعاني الطفل عند العودة للسودان بما يعرف بـ(التأثير المزدوج للحرب)، وهو نوعين: تأثير مباشر يتمثل في مشاهدته او وسماعه لأصوات الضربات الجوية او القصف الجوي بالطائرات والمدافع والمسيرات والخسائر المادية الناجمة عن ذلك.. وتأثير غير مباشر ويتمثل في الفقر والجوع والمرض والإنفصال عن الأسرة بسبب النزوح.
*ما هو الدور الذي يمكن ان تلعبه المدرسة والمجتمع في دعم الأطفال النازحين عند عودتهم لوطنهم؟
ــ ضرورة توعية المجتمع بأهمية دعم الأطفال بدمجهم في برامج دعم الأطفال في المناهج الدراسية، وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة المجتمعية.. وتوفير الدعم النفسي للأطفال في وقت مبكر، وتشجيعهم للتعبير عن مشاعرهم، وبناء بيئة آمنة ومحبة في المنزل والمدرسة.. وفي حالة إستمرار الأعراض المذكورة لدى بعض الأطفال بعد عودتهم للسودان على أهل الطفل ضرورة مساعدته نفسيا بعرضه على المؤسسات والمراكز النفسية المتخصصة في السودان، مثل مركز الطب النفسي بجامعة الخرطوم، وجمعية السودان للطب النفسي، ومستشفى روان للطب النفسي بالخرطوم وغيرها.