إلى أين تتجه حكومة الأمل … الأولويات والتحديات
تقرير- الطيب عباس:
بحث اجتماع بمجلس الوزراء، أمس السبت، إعداد خطة حكومة الأمل للعام الجديد 2026. وترأست وزيرة شؤون مجلس الوزراء د. لمياء عبدالغفار اليوم الإجتماع، الذي تناول بالتفصيل، أهم الأولويات التي ترتكز عليها خطة العام الجديد، وسط تحديات حقيقية تجابه حكومة كامل إدريس.
أولويات عاجلة:
بحث الاجتماع، ست أولويات، أبرزها تحقيق الإستشفاء الإجتماعي وتعزيز التماسك المجتمعي بين كافة مكونات المجتمع السوداني، فضلاً عن إطلاق الحوار السوداني السوداني والعمل على دعوة القوى السياسية للإنخراط في العملية السياسية الشاملة في هذه المرحة المفصلية من تاريخ السودان، إضافة إلى إعادة الإعمار وتسريع العمل في تهيئة الأوضاع الأمنية والخدمية في الولايات المتأثرة من الحرب، علاوة على تحريك القطاعات الإنتاجية كافة لتحسين مؤشرات الإقتصاد على المستويين القومي والولائي.
وشدّد الإجتماع على أهمية تنفيذ مشروعات خطة العام 2026 باعتبارها نقطة الأساس للخطة الخمسية 2030، بالتركيز على المشروعات التي ترتبط بالخدمات التي تلامس هموم المواطنين بصورة مباشرة والتي من أهمها القضايا الإقتصادية، فضلاً عن مشاريع العودة الطوعية وإعادة الإعمار وتنمية قطاعات التعليم والصحة والبيئة.
أولويات خطة العام الجديد، جاءت متنوعة وشاملة، حيث غطت جوانب سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية، وأن كانت متشابكة جميعا، لكن التحديات بحسب مراقبين لا تزال هى العدو الشرس الذي يواجه حكومة رئيس الوزراء كامل إدريس. كما أن مسألة تطبيق الخطة وليس إعدادها هى ما تواجه الحكومة التي تعاني بشكل حقيقي من انخفاض كبير في عجز الموازنة بجانب تدهور قيمة العملة الوطنية وتآكل رأس المال الوطني بسبب الحرب، والذي كان يمكن أن يساهم في الجوانب الإقتصادية من خطة الحكومة.
تحديات ماثلة:

ليس الاقتصاد وحده من يمثل تحديا لحكومة كامل إدريس، فالحكومة التي طرحت الحوار السوداني السوداني كأولوية، ستواجه بصعوبات في جمع الفرقاء السودانيين في مائدة واحدة، صحيح أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، أبلغ رئيس الوزراء كامل إدريس مؤخرا أن الأمم المتحدة ستدعم مسار الحوار السوداني السوداني، لكن بوجود هذا الدعم الأممي الذي سيوفر زخما يمكن أن يساعد في إنجاح هذا الحوار.
لكن أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، دكتور محمد عمر، يرى أن الحوار يمكن أن ينعقد، لكن النتيجة النهائية لهذا الحوار ستكون صفرية، مشيرا إلى أن حكومة رئيس الوزراء لم تحدد حتى اللحظة بشكل قاطع إذا ما كان حزب المؤتمر الوطني داخل هذا الحوار أم لا، وهل تنسيقية تقدم ستكون ضمنه أم لا، معتبرا أن مشاركة حزب المؤتمر الوطني، وأن كانت ضرورية ومهمة، فإن حكومة كامل إدريس بحاجة لإقناع قوة عديدة أبرزها الحركات المسلحة بمشاركة حزب المؤتمر الوطني، واعتبر عمر، أن القوى السياسية الوطنية، بينها ما صنع الحداد وأن ما يجمعها حاليا هو دعم الجيش السوداني، لكن بالحديث عن حوار سياسي، فإن التباينات هنا ستظهر وستضعف الحوار السوداني السوداني وقد تحوله لنسخة من الحوار الوطني في حكومة الرئيس السابق عمر البشير.
هشاشة تماسك المجموعات السياسية التي تدعم حكومة كامل إدريس، ليست هى المعضلة الوحيدة، وإنما المعضلة الأكبر التي ستواجه حكومة الأمل ما قد تنسف الحوار نفسه، هى الانقسامات الحادة المتوقعة بين هذه المجموعات، فمع استمرار حكومة الأمل بدأت المعارضة الداخلية تتسع، حتى أن الهجوم الشرس الذي يصوب نحو الحكومة يأتي من تكتلات مناصرة للجيش وليس من تحالف صمود أو تأسيس، ويرى مراقبون أن هذا الانقسام الحاد وسط التكتلات المؤيدة للجيش سيؤدي إلى إضعاف الدعم السياسي للحكومة ويعطل جهود أي عملية سياسية.
تحدي الخدمات:
ملف تدهور العملة الوطنية وعجز الموازنة والاختلال في الميزان التجاري، ليست وحدها المصائب الأكبر في الجانب الإقتصادي، حيث لا تزال الدولة تعاني حرفيا من تدهور مريع في الخدمات، سيما الكهرباء والمياه والصحة.
وقال الخبير الاقتصادي محمد الناير، إن تشغيل دولاب العمل في الدولة واستعادة الخدمات -وخاصة الكهرباء- بعد دمار محطات التوليد والشبكات الناقلة يُعد من أهم الملفات، لأن الكهرباء هي محرك الإنتاج، إلى جانب تأهيل القطاع الزراعي وبناء القطاع الصناعي الذي تأثر بنسبة 80%، وإعادة توزيعه على الولايات بعدما كان مركّزا في العاصمة، بحسب تصريح لقناة الجزيرة.
لكن مجلس الوزراء بحسب بيان له أمس، يبدو أنه مدرك لهذه التحديات، حيث تناول الاجتماع بشكل موسع أهمية تحريك كافة القطاعات الإنتاجية لتحسين مؤشرات الإقتصاد على المستويين القومي والولائي، كما حث المجلس كذلك، بضرورة التركيز على المشروعات التي ترتبط بالخدمات التي تلامس هموم المواطنين.
رغم مساعي حكومة الأمل بقيادة كامل إدريس عبر خطط مدروسة في ملفات إعادة الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي وتجويد الخدمات وإعادة تهيئة القطاع الصناعي والزراعي، لكن يبقى المحك الحقيقي في تنفيذ هذه الخطط، التي بحاجة في المقامة الأول لتمويل ودعم خارجي بعيدا عن الإيرادات المعروفة لوزارة المالية.