سيرة أولى

قصص قصيرة جدا

 

بختي ضيف الله / قاص من الجزائر

 

١/ سيرة أولى

 

بعد أن شطبت القبيلة اسمه، عاد عنترة من متردمه مغاضبا..

استجار عبلة المتوهمة، لم تجره.. فقدت ذاكرتها؛ لم تعد تتذكر غير خروجها من ضلعه.

 

 

 

٢/ وقاية

 

على دفتري عقرب.. لدغني..

نسيت أن أرسمه دون شوكته..

من حسن حظي، لدي ما يكفي من مصل الكلمات..

 

٣/ انسجام

 

الكلّ كان غاضباً منه إلّا أنا..

تقدّمتُ نحوه، لمسته برفق.. رحّب بي.. أعطاني مبلغاً من المال، ثم شكرني..العفو.. أيّها الصرّاف الآلي..

 

 

٤/ اللوحة الأخيرة

 

حاولوا وأد لوحاته حية، دافع عنها، طعنوه بخنجر.

في لحظة سكرهم، غمس فرشاته في جرحه، رسم قلوبهم الميتة…

 

 

٥/ كابوس

 

هي لا تقرأ ولا تكتب..

تضع صور حيوانات لتميز أرقام هواتف أبنائها..

تسلل ثعلب ماكر إلى هاتفها ..

أخلط الصور.. نصب نفسه أسدا..

الحمل الوديع أصبح فأرا، يطارده قط شرس، والأسد أصبح كلبا، ينبح دون انقطاع..و.. اختلطت الأصوات، عمّ الضجيج..

استيقظتْ مفزوعة على رنة هاتفها..

-ألو…أمي الغابة تحترق..

 

 

٦/ تطرف

 

كي يضفي عليها حياء، ألقى على وجنتيها حمرة.. كانت فرشاته أكثر حدة؛ نزف دم كثير على لوحة الحياة..

 

 

٧/ نسخ مخيفة

 

سمع وأنصت للإمام وهو يصف للحاضرين الدَّجالَ و أفعالَه وقربَ ظهوره ..

أصابه رعب شديد..رأى أربعةً مثله يمشون في سوق المدينة..

 

 

٧/ تفكيك

 

نسجت له نصا جميلا من خطوط حريرها، تاه بين مدلولاته..

في غفلة منها، غيّر العنوان، ثم أطلق عليها ثلاث كلمات..

.

 

٨/ عَبَث

 

سَأل (كَافْكَا) في رسائلَ طويلةٍ أن يُعِيرَه صرصوراً كبيراً.. لمْ يجبْه..

دخل بيته عنوةً..أشعَل المصابيحَ، بحَث عنه، لم يجِده..

مَع مطلَعِ الشّمسِ، وجَده ملتصقاً أسفلَ حِذائِه ميّتاً..كَرِه التّجْربَة..

 

 

٩/ خِيَانَةٌ أَدَبِيَّة

 

نسَجَتْ لهُ نصُوصاً جَميلَةً دُونَ عَناوينِها، مَمتَحِنةً قلبَه..

السّيميَائيّ الذِي توسّدَ كُلَّ العَتَبَاتِ.. يَطرُقُ الأبوابَ باللّيل، ويَطرحُ الأَسئلَةَ بالنَّهارِ..يُجِيدُ الاِنزِيَاح..

 

 

١٠/ مَقْطَع

 

وَضَعَتِ الحربُ أوزارَهَا.. لا يزالُ يَزحَفُ على بطْنِهِ، يتفَقّدَ خوذَتَهُ فِي كلّ مرّةٍ، يستَمِعُ لصَوتِ القنَابلِ..

أَخْبَرْتُه بنِهَايَة المشْهَد، لكنَّهُ لَا يَزاَلُ يحْبُو كَجِنّيٍّ، تَمِيلُ لهُ القلوبُ فِي أطولِ (رِيلز) علَى الإِطْلَاق..

 

 

١١/ قِيَامَة

 

فِي الغابةِ..هبّتْ ريحٌ قويةٌ، قَلعَتْ كلّ الأشجارِ.. خرَّبَتْ أعشاشَ الطُّيور..فرَّتْ كل الحيواناتِ، تجري دونَ توقّف..

-كيفَ للملكِ أن يقنعَهُم أنَّ الريحَ ستَهدَأُ قريباً..

 

 

١٢ / أَنْسَاق

 

كتبَ روايةً طويلةً..وَسَمَهَا بـ (دفتر العائلة)..

أضمرَ خيوطاً في سرده المكتظّ بالشخصياتِ..

ضاعَ ناقدٌ منَ (السحاب الأزرق) في متاهاتِها؛ عَيَّره بالتّبَوّل اللّاإِرادِي..

 

 

ضَوءٌ هَارِب / ١٣

 

َخفَى جميعَ أوراقَ هويتِه عَنهمْ.. اِسْتبدَلَ عطرَه بعطرِهِم..طَمسَ أثرَ سَيرهِ..قُبِض عَليه في حَاجزِ مزيّفِ..

– ليسَ منَ السَّهلِ أنْ يُخفيَ العَالِمُ عقلَه..

 

 

١٤/ أُمنِيَة

 

يَعجِزُ زوجُها، تُهَيئُ لهُ كُرسياً متحَرّكا..تَذَهبُ بهِ إلى عِياداِت التجميلِ؛ تخلّصه منْ تجَاعيد الزّمَن، تزَينُه المسَاحِيقُ، والعطورُ..

ما أصْعبَ الانتِظَار! قدْ شَاَخ قلمُها؛ الكتابة تؤلمُ العَذارَى..

 

 

١٥/ أَرْشِيف

 

رحّبَ به كلّ الموظّفين.. أجلَسُوه على كُرسيّه القَديمِ..

المديرُ العامُ:

هَذا منْ يعْلَمُ كلّ صغيرةٍ و كبيرةٍ فِي مؤَسَسَتكم..

اِستَمعُوا لهُ حتّى ملّوا.. ثمّ تركُوهُ يجْتَرّ صادرَه ووَاردَه..