آخر الأخبار

سفير السودان بالسنغال في مؤتمر صحفي : إبادة جماعية بدعم خارجي تحت أنظار المجتمع الدولي

ستظل الفاشرعنواناً للكرامة والعزة والفداء ورمزاً لسيادة ووحدة السودان

داكار – أصداء سودانية:
عقد السيد سفير السودان عبدالغني النعيم عوض الكريم مؤتمراً صحفياً بمقر السفارة اليوم الخميس الموافق 06 نوفمبر 2025م بحضور العديد من وسائل الإعلام السنغالية والعالمية المعتمدة.
إستهل السيد السفير المؤتمر الصحفي بطلب الحضور بالوقوف دقيقة والدعاء لشهداء  الفاشر وكل الذين استشهدوا في السودان دفاعاً عن الأرض والعرض  وسيادة  البلاد.
قدم السيد السفير شرحاً لتطورات الأوضاع في الفاشر التي شهدت جريمة الإبادة الجماعية التي إرتكبتها مليشيا الدعم السريع الإرهابية ضد المدنيين العزل في الفاشر وبارا وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ظلت ترتكبها المليشيا في دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق  مستعرضاً الأدلة الموثقة بالتقارير  والصور والفيديوهات لهذه الجرائم التي وثقها الإرهابيون بأنفسهم كالقتل بدم بارد للمواطنين وتصفية المرضى والطاقم الطبي  لمستشفى الفاشر ونهب الأدوية والمعدات وتدمير الأسواق والبنى التحتية والإغتصابات والنهب والسرقة. وتحدث السيد السفير عن ثبات أهل الفاشر إلى جانب القوات المسلحة والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمستنفرين في الدفاع عن المدينة على الرغم من الحصار الممتد الجائر الذي قامت به المليشيا الإرهابية  والذي دام لأكثر من عام ونصف تصدت فيه مدينة الفاشر لأكثر من  مائتي هجوم مسلح وتحملت القصف وتدمير مقومات الحياة. وقال السيد السفير إنه لمن المخزي عدم إجبار المليشيا على الإلتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2736 القاض بفك حصار الفاشر في مخالفة صريحة للمجتمع الدولى مما جعل المليشيا الإرهابية تتمادى في جرائمها حتى إرتكبت جريمة الإبادة الجماعية أمام أنظار الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمجتمع الدولي.
وطالب السيد السفير المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدول الشقيقة والصديقة بالضغط على حكومة  أبوظبي ومحاسبتها ومعاقبتها لكيما تتوقف فوراً عن دعمها  للمليشيا الإرهابية وتوفيرها للغطاء السياسي والدبلوماسي، مشيراً إلى أن هذه الخطوة لازمة لأمن وإستقرار وسلامة السودان والإقليم. ودعا السيد السفير الدول الإفريقية للعمل معاً من أجل الأمن الإقليمي الجماعي بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين.
أشاد السيد السفير بالموقف الثابت لحكومة وشعب جمهورية السنغال الشقيقة بقيادة فخامة الرئيس باسيرو جوماي فاي  لوقوفهم إلى جانب حكومة وشعب السودان والتأييد المطلق  لوحدة وسيادة وسلام السودان.
دعا السيد السفير المنظمات الدولية والإقليمية والدول المحبة للسلام ومنظمات المجتمع المدني والمفكرين بتسمية مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية وإعتبار داعميها رعاة للإرهاب الدولي منبهاً للخطر الذي يمكن أن ينتقل بسرعة إلى كل القارة الإفريقية بغرض إضعافها والسيطرة على مواردها الغنية خاصةً وقد أصبح ميسور استخدام  الأسلحة المتطورة كالطائرات بدون طيار  إلى جانب استخدام العون الإنساني كذريعة لتهريب الأسلحة وإدخال المرتزقة
وفيما يلي تنشر (أصداء سودانية) النص الكامل لكلمة السفير في المؤتمر..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية، نسأل الله الرحمة والمغفرة والجنة لشهداء مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور وكل شهداء السودان، ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى وعودة حميدة للأ سرى والمفقودين والمواساة لأسر وأهل  ضحايا الإبادة الجماعية التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع الإرهابية  يوم الأحد 26 أكتوبر 2025م.
السيدات والسادة:
 أود أن اعرب عن خالص شكري وتقديري لتلبيتكم لدعوتنا حتى نطلعكم على تفاصيل مأساة القرن الحادي والعشرين، أعني الإبادة الجماعية التي وقعت في مدينة الفاشر؛ وهي للأسف الإبادة الثانية التي تحدث في إفريقيا على مرأى وسمع العالم، وبعلم الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمجتمع الدولي. إننا نعول عليكم على إيصال صوت الشعب السوداني، الذي يدافع عن سيادته وحريته وموارده أمام غزو أجنبي استعماري استعبادي  تنفذه مليشيا إرهابية، مسلحة وممولة من قبل سلطات الإمارات العربية المتحدة، التي جلبت مرتزقة من جمهورية كولومبيا ودول أخرى إلى السودان للقتال إلى جانب الميليشيا الارهابية وتدريب الأطفال على تكتيكات الحرب.
نحيي اليوم القوات المسلحة بقيادة فخامة الرئيس الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان  وأعضاء مجلس السيادة الانتقالي، ومعالي السيد رئيس مجلس الوزراء  البروفسور كامل الطيب إدريس، وأعضاء مجلس الوزراء، ونحي مواطني مدينة الفاشر الذين ثبتوا بجسارة اسطورية وقاوموا  بكل قوة دفاعاً عن مدينتهم، ودفعوا أرواحهم فداءً لها. ونحيي قادة القوات المسلحة وأعضاءها، والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمستنفرين وكل الذين دافعوا عن المدينة بكل صبر وجلد. ويجدر بالذكر هنا أن هذه القوات الباسلة قد اختارت الخروج من مدينة الفاشر حتى لا تكون سبباً في وقوع المزيد من الضحايا.
السيدات والسادة:
السودان هو البلد الإفريقي الأكبر الثالث من حيث المساحة، حيث تبلغ مساحته واحد مليون و886  الف كيلو متر مربع وله حدود مشتركة مع سبع دول هي مصر، وليبيا، وتشاد، وإفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وإثيوبيا، وإرتريا؛ وهو البوابة الشرقية لإفريقيا، ويطل على البحر الأحمر، الذي هو أقصر طريق إلى أوروبا، والذي تمر فيه 15% من التجارة البحرية العالمية و30% من الحاويات التجارية العالمية، ويبلغ عدد سكانه 50 مليون نسمة؛ وغني بموارده البشرية والطبيعية، ومن ذلك الأراضي الزراعية الخصبة التي تعبرها ثلاثة أنهار مكونة لنهر النيل العظيم، ويوجد في السودان أكبر مشروع زراعي للقطن في إفريقيا؛ كما أن السودان أكبر منتج للصمغ العربي في العالم والصمغ العربي، كما هو معروف، يدخل في منتوجات عديدة، مثل المشروبات الغازية، هذا، إلى جانب البترول والغاز والمعادن الثمينة الأخرى، مثل الذهب واليورانيوم والكوبلت وغير ذلك الكثير من الموارد.
أيها السادة والسيدات:
إن للسودان جيش وطني نظامي واحد، موجود منذ أكثر من مائة عام، وهو جيش يحترم القوانين الوطنية والدولية السارية.
بعد التغيير الذي حدث في السودان في عام 2019م، قررت الحكومة الانتقالية دمج القوات شبه العسكرية (الدعم السريع) في الجيش الوطني، لكنها رفضت هذا الاقتراح، وتمردت وقامت في يوم 15 أبريل 2023م بمحاولة انقلابية فاشلة، حولتها إلى حرب مفتوحة على الشعب السوداني، فقامت باحتلال أجزاء كبيرة من العاصمة الخرطوم، وأخرجت المواطنين من بيوتهم؛ ومارست القتل والاغتصاب والنهب والسرقة التي طالت ممتلكات المواطنين والدولة. كما قامت بتدمير خدمات الماء والكهرباء والمزارع والمصانع و المؤسسات الصحية والتعليمية، وكل ما له صلة بالحقوق الأساسية للمواطنين،  واستمرت المليشيا في هذا النهج، في ولايات  دارفور وكردفان والجزيرة وسنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق. وحيثما حلت هذه المليشيا الإرهابية، فر الناس بالملايين، إما نازحين داخل السودان أو لاجئين في الدول المجاورة وغيرها.
لقد سعت الحكومة السودانية منذ وقت مبكر للحيلولة دون وقوع هذه المآسي الإنسانية الكبيرة، ووقعت إتفاقية مع المليشيا في جدة، في 11 مايو 2023م، بقصد وقف إطلاق النار وتمكين الترتيبات الإنسانية وإستعادة الخدمات الأساسية، ولكن لم تلتزم المليشيا بهذه الإتفاقية، فواصلت إعتداءاتها على المواطنين وممتلكاتهم، فأخرجتهم من منازلهم. وجعلت النساء ساحة لمعركتها؛ مع قتل الأطفال والشيوخ والمعاقين والمرضى، ولم تترك حتى الموروث الحضاري، والموميات والأرشيف؛ وذلك لأن أفراد المليشيا جاءوا بمخطط استعماري استيطاني واستعبادي وايادي لاستبدال سكان بسكان آخرين، يأتون بهم من داخل السودان وخارجه، بفهم عنصري بغيض ؛ وذلك كله بسبب تسليح وتمويل تتلقاه المليشيا من حكومة دولة الامارات العربية المتحدة، التي تهدف من وراء ذلك إلى السيطرة ليس فقط على الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يتمتع به السودان، وإنما على موانئ السودان ومطاراته وأراضيه الزراعية  ومعادنه، خصوصاً الذهب الذي أصبح يُسْرق من السودان، وكل ذلك بتواطؤ مع قوى دولية نافذة لها صفقات تجارية وعسكرية مع حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة.
السيدات والسادة:
لقد قامت  المليشيا الإرهابية  بمحاصرة مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور؛ وقد مر هذا الحصار بعدة مراحل، بدءًا من أبريل 2023م إلى يوم الكارثة المأسوية، وهو اليوم الذي إرتكبت  فيه المليشيا الإرهابية الإبادة الجماعية و كان حصاراً بشعاً استمر لما يقارب العامين  واصلت فيه المليشيا خلاله قصف المدينة ومهاجمتها، حيث بلغ عدد الهجمات أكثر من مائتي هجوم، مع حرمان المواطنين من الغذاء والدواء وكل مستلزمات الحياة.
في 13 يونيو 2024م، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2736 طالب  فيه المليشيا الإرهابية بوقف حصارها لمدينة الفاشر؛ ولكن الأخيرة كعادتها، لم  تول اهتماماً لهذا القرار، وواصلت فيه حصارها وإنتهاكاتها الجسيمة التي نتجت عنها الإبادة الجماعية، وقتل الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى…لقد أدان العالم عبر الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية هذه المليشيا التي تصر على تدمير دولة السودان وشعبها ومقدراتها. والمؤسف أنه لم يُتخذ أي إجراء عملي لإجبار المليشيا على إيقاف مواصلتها في إرتكاب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
السيدات والسادة:
في كل مكان تحل فيه المليشيات الإرهابية يهجر السودانيون بالملايين من منازلهم وممتلكاتهم نزوحاً داخل السودان ولجوءاً للدول المجاورة للأسف الشديد، لم تنته بعد مأساة الفاشر والمدن والقرى الأخرى التي احتلتها الميليشيات، والتي أجبرت سكانها على النزوح القسري. حيث يعيش هؤلاء السكان الآن في فقر مدقع، ويفتقرون إلى الغذاء والدواء والخدمات الأساسية الأخرى وتلاحقهم المليشيا الإرهابية بالقتل والإغتصاب وغيرها من الجرائم البشعة.
إن الحكومة السودانية تبذل قصارى جهدها لمساعدة النازحين والمتضررين بشكل مباشر وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية الوطنية و الدولية، إلا أن المليشيا الإرهابية تقوم بمهاجمة النازحين في مخيماتهم، وتعرقل وصول المساعدات الإنسانية وتستولى عليها، مما يجعل حياة النازحين، من أطفال ونساء ومسنين، لا تطاق.
إلتزاماً بمسؤوليته وواجباته يقوم الجيش السوداني بمهمته الكبرى في حماية المدنيين السودانيين؛ ويقدم لهم المساعدة والمعونة الإنسانية، لا سيما فيما يخص الغذاء والأدوية.
بناءً على ما تقدم، فإننا ندعو إلى ممارسة الضغط على حكومة الإمارات العربية المتحدة لتتوقف عن تسليح المليشيا وتمويلها ومدها بالمرتزقة وتوفير الغطاء السياسي لها. وكذلك الضغط على الدول الأخرى التي تسمح بمرور الأسلحة والمرتزقة وسرقة الذهب السوداني . كما نطالب بتصنيف المليشيا كمجموعة إرهابية ومحاسبتها على ما ارتكبته من جرائم وفقًا للقانون الدولي.
كما نرجو دعم الحكومة السودانية في تنفيذ خارطة الطريق التي سلمتها للأمم المتحدة لإحلال السلام والأمن والإستقرار، وإعادة الاعمار وتهيئة العاصمة الخرطوم والولايات الأخرى ليتمكن المواطنون النازحون من العودة إلى بيوتهم التي أُخْرجوا منها قسرًا.
وتشمل خارطة الطريق الآتي:
1- أن تضع المليشيا أسلحتها، وتستجيب لنداء السلام وأن تكف عن الاعتداء على المدنيين
2- تكون هناك فترة انتقالية تنتهي بانتخابات نزيهة وديمقراطية.
أيها السيدات و السادة:
 تربطنا بجمهورية السنغال الشقيقة روابط تاريخية وروحية، ومصالح مشتركة، ومبادئ السيادة، والتكامل الإفريقي والإنفتاح على العالم.
نود أن نعرب عن شكر وإمتنان حكومة السودان لحكومة وشعب جمهورية السنغال الشقيقة، بقيادة فخامة الرئيس باسيرو ديوماي فاي، لموقفهم الثابت الداعم لسيادة السودان ووحدته وأمنه واستقراره وسلامه.
السيدات والسادة:
لن يقبل السودانيون أبداً بحكومة تفرض عليهم من الخارج؛ ولن نسمح بسرقة مواردنا. إن حكومة الأمل التي شُكلت مؤخراً في السودان عازمة على إحلال الأمن والسلام والإزدهار رغم قساوة الظروف وعظم التحديات.
نريد العيش أحراراً في بلادنا وبسلام مثل كل الشعوب؛ نريد أن يعود الجميع إلى منازلهم ومدارسهم وجامعاتهم و مستشفياتهم ومزارعهم ومصانعهم… ونمد أيدينا للعالم للإعمار والبناء وتقاسم المصالح مع شعوب العالم.