الذكاء الإصطناعي …كيف السبيل للاستفادة من تقنياته المتطورة

- الحرب أوقفت تطبيقات الذكاء الإصطناعي بالمؤسسات والجامعات السودانية
- وزير الاتصالات: على الحكومات الإستفادة القصوى من هذه التقنية لخدمة المجتمعات
- خبير تقنية معلومات: على الجهات السودانية المستخدمة لهذه التقنية الإلتزام بـ(حوكمة الذكاء الإصطناعي)
- حميدتي ظهر في الفضائيات رغم الحديث عن مصرعه عبر تقنية (روبوتات الدردشة)
تحقيق- التاج عثمان
بداية الإسبوع الماضي شاركت وزارة الإتصالات والتحول الرقمي ممثلة للسودان في منتدى مهم حول الذكاء الإصطناعي، والذي نظمته دائرة الحوار العربية حول الذكاء الإصطناعي في العالم العربي تحت شعار: (الذكاء الإصطناعي تطبيقات مبتكرة وتحديات اخلاقية) بإشراف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.. الجلسة الإفتتاحية ترأسها الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط وأكدت على أهمية تبني نهج إستراتيجي لتطوير الذكاء الإصطناعي في الدول العربية بما يحقق التنمية المستدامة ويعزز الإبتكار في مختلف القطاعات.. (أصداء سودانية) تبحث من خلال هذا التحقيق الصحفي عن حقيقة الذكاء الإصطناعي، وإستخداماته، وأهميته، وكيفية عمله، وكيف يمكن الإستفادة القصوى من تقنياته المتطورة في السودان
محاكاة للدماغ البشري:
ظهر الذكاء الإصطناعي بصورته الراهنة عام 2023 ضمن مجموعة واسعة من التطبيقات في مختلف القطاعات، ومع إستمرار الشركات في تبني الحلول التي تعمل بالذكاء الإصطناعي تزايد الطلب على تكنولوجيا وخبرات الذكاء الإصطناعي بشكل كبير.. وبإختصار فإن الذكاء الإصطناعي عبارة عن تقنية ذات قدرات تشبه قدرات الإنسان في حل المشكلات، وهو بذلك يحاكي الذكاء البشري، حيث ان علماء هذا المجال يرون ان الشبكة العصبونية الإصطناعية، والتي إكتشفها العالم (والتر بيت)، هي جوهر واساس تقنيات الذكاء الإصطناعي، وأثبت انها تحاكي المعالجة التي تحدث في الدماغ البشري والذي يحتوي على ملايين الخلايا العصبية التي تعالج المعلومات معا في وقت واحد، وتستخدم كل خلية عصبية إصطناعية عمليات حسابية ورياضية لمعالجة المعلومات وحل المشكلات المعقدة، وبذلك أثبت لفيف من العلماء ان الذكاء الإصطناعي يحاكي تماما الدماغ البشري، لكنه لا يتفوق عليه حيث أشاروا ان الدماغ البشري، والذي وصفوه بأنه: (طاقة جبارة هائلة ومعجزة لم يتوصل العلماء لإكتشاف كل أسراره).
يحاكي الذكاء البشري:
علماء تكنولوجيا المعلومات يؤكدون أن الذكاء الإصطناعي موجود اليوم في كل مكان فهو يعمل خلف الكواليس لتشغيل التطبيقات المختلفة عبر مجموعة من التقنيات للعمل وهي تختلف في التفاصيل لكن المبادئ الأساسية تظل كما هي، فهي تحول جميع أنواع البيانات مثل النصوص والصور ومقاطع الفيديو والصوت إلى (تمثيلات) رقمية، وتحدد الأنماط والعلاقات بينها رياضيا.. وبالتالي فإن تقنيات الذكاء الإصطناعي تحتاج إلى التدريب لكونها تتعرض لكميات كبيرة من مجموعات البيانات الموجودة للتعلم.. فهو تقنية ذات قدرات تشبه قدرات الإنسان في حل المشكلات، وهو يحاكي الذكاء البشري فيمكنه مثلا التعرف على الصور وكتابة القصائد وإجراء تنبؤات قائمة على البيانات.. فهو يعمل في الكميات الكبيرة من البيانات من مصادر متنوعة والتي تجمعها المؤسسات الحديثة مثل أجهزة الإستشعار الذكية، والمحتوى الذي ينشئه الإنسان، وأدوات المراقبة، وسجلات النظام، حيث تقوم تقنيات الذكاء الإصطناعي مثلا، بتحليل البيانات وإستخدامها لمساعدة العمليات التجارية بفعالية ويمكن لتقنية الذكاء الإصطناعي الإستجابة للمحادثات البشرية في دعم العملاء وإنشاء صور ونصوص أصلية للتسويق وتقديم إقتراحات ذكية للتحليلات.. عموما يتعلق الذكاء الإصطناعي بجعل البرامج المختلفة أكثر ذكاء لتفاعلات المستخدم المختلفة وحل المشكلات المعقدة”.
روبوتات الدردشة:
لأكثر من مرة تفاجأ العالم بظهور قائد مليشيا الدعم السريع، حميدتي، يعتلي ويتحدث عبر شاشات بعض الفضائيات العربية والعالمية، رغم الحديث وبعض التأكيدات بمصرعه في اليوم الثالث من إندلاع حرب الخرطوم.. خبراء تقنية المعلومات درسوا لقطاته وصورته وقاموا بتحليلها فإكتشفوا أنها تقنية الذكاء الإصطناعي وليس الذي يتحدث ويسيرعبر بعض الفضائيات العربية هو قائد الدعم السريع حميدتي بل هو الذكاء الإصطناعي.. ويقولون ان هذه تقنية حديثة يطلق عليها (روبوتات الدردشة)، وتعد من أبرز واهم إستخدامات التكنولوجيا التي تعمل بالذكاء الإصطناعي لمحاكاة المحادثة البشرية”.
ومن إستخدامات الذكاء الإصطناعي المهمة والنتشرة حول العالم حاليا تعزيز الأمن السبراني للشركات العالمية الكبرى من خلال إكتشاف التهديدات والإستجابة لها في الوقت المناسب.. يشرح خبراء هذه التقنية ان خوارزميات الذكاء الإصطناعي لها القدرة على تحديد الأنماط المختلفة في البيانات والتي قد تشير إلى حدوث خرق أمني وبالتالي تنبيه أفراد الأمن مما يسمح لهم بإتخاذ الإجراءات المناسبة قبل حوث أي خرق أمني.
ومن إستخدامات الذكاء الإصطناعي ترجمة اللغات المختلفة خلال الإجتماعات والندوات التي تجرى عن بعد.. وخاصية تحويل الكلام إلى نص، وإستخدام النص المطبوع، وتحليل الكتابة اليدوية، وجمع البيانات تلقائيا من المستندات، وتبسيط وتوسعة نطاق التعرف على الصور، وتحليل الفيديوهات، وتركيب الصور.. كما ظهرت صناعة الذكاء الإصطناعي في مجال البحث والتطوير للشركات الكبرى والتي أصبحت تتسابق فيما بينها لإستخدام حلول الذكاء الإصطناعي لمساعدتها في عمليات تسويق منتجاتها وتحسين قراراتها وتعزيز تجارب عملائها ما أدى لتطوير منتجاتها وخدماتها.. كما انه خلق فرصا جديدة للمؤسسات الأكاديمية والبحثية التي تسعى لتطوير أدائها العلمي مدعومة بالذكاء الإصطناعي ..كما انه اصبح مصدرا مهما للتوظيف في مجالات علم البيانات والتعلم الآلي، ومعالجة اللغة الطبيعية، ومساعدة موظفي الشركات لإكتساب مهارات ومعارف جديدة في مجال عملها.. وتشير بعض الدراسات ان إستخدام الذكاء الإصطناعي أدى إلى خفض الوقت المستغرق في تأهيل الموظفين الجدد بنسبة 45 بالمائة، وقلل أوقات مهام التوظيف بنسبة 50 بالمائة.
ذكاء إصطناعي سوداني:
المؤسسات العلمية والمراكز البحثية والجامعات السودانية شرعت في إتخاذ خطوات سريعة لتطبيق تقنية الذكاء الإصطناعي في أبحاثها ومشروعاتها العلمية المختلفة، إلا أن الحرب أوقفت هذه الجهود، ونتمنى ان تتواصل بعد الحرب والتي بدأت وضع أوزارها.. ولكن كيف يمكن من يرغب من السودانيين الدخول في مجال الذكاء الإصطناعي والإستفادة من تقنياته العالية؟.. أحد خبراء تقنية المعلومات السودانيين ينصح من يرغب في الدخول لمجال الذكاء الإصطناعي بالآتي:
“عليه أولا التدريب على أساسيات البرمجة وعلوم الكمبيوتر، إلى جانب إتقان الرياضيات والإحصاء والجبر الخطي، ثم الإنتقال بعدها إلى تدريب أكثر تخصصا في علوم البيانات لإكتساب فهم عميق وخبرة عملية للبرامج المختلفة المرتبطة بالذكاء الإصطناعي، مثل الشبكات العصبية، ومعالجة اللغة الطبيعية، ورؤية أعمق للكمبيوتر.. ونصيحة للجهات السودانية التي بدأت في إستخدام تقنية الذكاء الإصطناعي ضرورة الإلتزام بما يعرف بـ(حوكمة الذكاء الإصطناعي)،بالإلتزام بالقيود التنظيمية وقوانين الخصوصية،بجانب مراعاة إدارة جودة البيانات والأمان، وتحمل المسئولية عن بيانات العملاء وحماية خصوصيتهم، وذلك لا يتأتى إلا بفهم المؤسسة لكيفية إستخدام نماذج الذكاء الإصطناعي لبيانات العملاء والتفاعل معها.
تحديات جديدة:
الذكاء الإصطناعي، وسلاسل الكتل، والحوسبة الكمومية، وإنترنت الأشياء، لم تعد وعودا مستقبلية بل أضحت القوى الدافعة للعالم اليوم سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا، وتتداخل مع مختلف القطاعات بما في ذلك الزراعة والصحة والتعليم والقطاع المصرفي.
هذا ما جاء في كلمة د. عمرو طلعت وزير الإتصالات وتكنلوجيا المعلومات في الجلسة الإفتتاحية لدائرة الحوار العربية حول (الذكاء الإصطناعي في العالم العربي ..تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية)، والتي إنعقدت نهاية الإسبوع الماضي بالقاهرة، مشيرا ان التطورات التكنلوجية أدخلت تحديات جديدة على الحكومات العربية من حيث المنافسة الجيوسياسية في السباق الرقمي إزاء الريادة في قضايا الذكاء الإصطناعي وسد الفجوة الرقمية ودرء المخاطر السيبرانية ما يستوجب على الدول العربية التصدي لهذه التحديات برؤية موحدة تضمن حضورا دوليا فاعلا يعبر عن إرادة الحكومات والشعوب العربية وتطلعاتها، وصولا للإرتقاء بالأداء الحكومي والإستفادة من هذه التقنية الحديثة في تقديم الخدمات الحكومية لمواطني الدول العربية.