من المسؤول

رهاب .. رهاب

د . محمد خير حسن محمد خير

*ذكرت من قبل في أحد أعمدتي أن دويلة الشر ممثلة في إمارة دبي بها خمسة مصافي للذهب وهي لا تنتج جراما واحدا, وأن بلادنا الحبيبة وبكل هذا المخزون الضخم للذهب المنتشر في باطن الأرض في معظم ولايات السودان والذي يصل إنتاجه حسب تعدد مصادر المعلومات إلى ما يتجاوز ال120 طن في العام لا نملك إلا مصفى وحيد … وفوق هذا وذاك شهدت سياسات البنك المركزي لصادرات الذهب عدم استقرار كبير متراوحة بين القبض والبسط فنتج عن هذا وذاك إهدار كبير لهذا المورد الجليل والذي كان يمكن إذا ما تم وضع سياسات محفزة وراشدة أن يكون نعم البديل لفقد بلادنا الذي حدث نتاج إنفصال جنوب السودان وذهاب جزء كبير جدا من إنتاج النفط وبالتالي صادراته ومساهمته في الإيرادات العامة والمتحصلات من النقد الأجنبي.

*ولعل ما ظل يقعد بلادنا ويذهب ريحها التقاطعات السياسية التي ترجح على الدوام المصالح الشخصية والفئوية والحزبية على حساب المكتسبات الوطنية,  تلك المصالح التي تأتي خصما على مكتسبات الوطن وتقدمه ونمائه والتي تتدخل في وضع السياسات التي تحقق مصالحها بل ويمتد تدخلها رعايةً لمصالحها أمام إقامة بعض المنشآت القومية والوطنية حتى لو كان فيها تقدم وازدهار الوطن ما دامت لا تحفظ وتعزز مكتسابتهم .. وأعلم بالمستندات التي أطلعت عليها عن قرب إجراءات بعض هذه المنشآت التي وصلت مرحلة متقدمة فيما يتعلق على سبيل المثال لا الحصر بانشاء مصفاة للذهب بقدرات كبيرة عبر شراكة من شراكات القطاع الخاص وصلت مرحلة تصديق مساحة ضخمة  في منطقة قري الحرة بخدماتها وتم إكمال كل التصديقات من الجهات الاستثمارية ذات الصلة  بل ووافق احد البنوك الكبيرة علي التمويل بعد اطلاعه علي دراسة جدوي ممتنة محكمة وبعد أن أرسل فريق من إدارة المواصفات والمقاييس للإطلاع علي جودة ما تم توريده من مكونات المصفاة العاكس لخطوط الإنتاج والمعايرة للذهب ووافق البنك علي المشاركة في التمويل وكاد الأمر أن يبلغ تمامه ولكن بقدرة (قادرين) على التأثير على القرارات السياسية والاستثمارية أوقف المشروع بصورة مفاجئة رغم تقارير الخبراء التي جاءت إيجابية وتم وأد المشروع الحلم في هذه المرحلة المتقدمة رغم جدواه الاقتصادية الكبرى, فلمصلحة من تم ايقاف هذه المنشأة التي كان سيكون لها ما بعدها؟ وما البدائل التي حلت محله ولم تري النور إلى يومنا هذا؟هذه أسئلة كبيرة سيحاكمهم عليها التاريخ قبل محاكمة العزيز الجبار.. فمن المسؤول عن ذهاب ذلك المكتسب الوطني؟.

*ونختم بسؤال جوهري هل ستعمل ذات التقاطعات السياسية عملها البغيض لمنع إنشاء بورصة للذهب والتي ينتظر أن تحدث فرقا كبيرا في مجال وقف هدر هذا المعدن الجليل عبر التهريب ام ستسموا النفوس بعد هذه الحرب اللعينة التي كادت أن تذهب ريح بلادنا؟, هذا ما ستنبئنا به الأيام القادمات ونحن نتطلع إلى تكوين حكومة كفاءات ترجح مصالح الوطن على المكتسبات الضيقة التي اقعدت البلاد امداً طويلا