المعرض الفني للتشكيليين السودانيين بالقاهرة

 

 الطير المهاجر .. مُقرن ثقافي فني بين مصر والسودان

الفنان علاء الدين عبد الرازق: المعرض ملتقى أجيال من الرعيل الأول والمحدثين والشباب

الفنانة هالة نور الدين: لوحتي (الرحول المُر) تعكس الحزن والآسى الذي يعاني منه الشعب بسبب الحرب

الفنان أسامه الجنيد: مجسم خيوط الأمل يؤكد أن المرأة هي مفتاح للحياة والعيش بسلام

 

القاهرة ـ التاج عثمان:

مساء السبت الماضي الخامس من أكتوبر قضيت سهرة فنية ممتعة إمتدت لأكثر من ثلاث ساعات بمعرض (الطير المهاجر) بحي الزمالك بالقاهرة والذي أقامه عدد من كبار الفنانين التشكيليين السودانيين اللاجئين بمصر الذين عرضوا إبداعاتهم من خلال اللوحات التشكيلية والمجسمات والنحت, أفرغوا من خلالها حالة التوهان التي يعانون منها بسبب الحرب وتوقهم للأمن والسلام وشوقهم العودة للوطن .. (أصداء سودانية) تجولت في المعرض الفني السوداني الذي شارك فيه (30) من الفنانين التشكيليين السودانيين منهم (8) تشكيليات

الطير المهاجر

(الطير المهاجر) عنوان إخترناه لهذا المعرض، وهي أغنية مشهورة منقوشة في وجدان الشعب السوداني ، تمثل الحالة التي نعيشها اليوم , هذا المعرض محاولة للتواصل الثقافي بين مصر الشقيقة والسودان الحبيب، وهي علاقة قائمة على إمتداد التاريخ والجغرافيا والنيل العظيم..هذا المعرض جزء يسير من المشهد التشكيلي السوداني بإتجاهاته ومدارسه ويجسد تجارب

لفنانين وفنانات شيبا وشبابا تعبر عن آمالهم وأحلامهم في وطن آمن ومستقر,  التحية لمصر وهي تستقبل عشرات الفنانين والفنانات التشكليين السودانيين بترحاب وأريحية.

 

الطير المهاجر:

هذه العبارات المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية وعليها عنوان المعرض (الطير المهاجر), أسفله لوحة فنية للفنان  الأستاذ (محمد عبدالله العتيبي)، أول ما يقع عليه نظر الزائر للمعرض وهي تلخص مراميه وأهدافه مكتوبة على لوحة أنيقة عند المدخل ممهورة باسم الفنانين التشكيليين السودانيين اللاجئين بالقاهرة بسبب الحرب، .. المعرض والذي تم إفتتاحه في الأول من أكتوبر الجاري ويستمر لشهرين، يشارك فيه (30) من الفنانين التشكيليين السودانيين منهم (8) فنانات تشكيليات.. أقيم بصالة (سويلم آرت قاليري) الأنيقة بحي الزمالك الراقي بالعاصمة المصرية القاهرة، وصراحة صالة العرض بردهاتها الثلاث تعد هي نفسها تحفة فنية وانت تدخلها تحس براحة نفسية عميقة وإنبهار ولا غرابة في ذلك لكونك في محراب كل هذه الأعمال الفنية والتي من بينها لوحات سودانية مشهورة عالميا معروضة بالمتاحف الفنية التشكيلية ببعض عواصم دول العالم .. اللوحات الفنية معروضة بطريقة فنية بينما الإضاءة الموزعة على زوايا معينة للوحات تضفي عليها رهبة وجمالا وإنبهارا.

سويلم آرت قاليري

لينا هي إبنة صاحب الصالة الفنية يحيى سويلم، قدمت لي نبذه عن صالة العرض التي يمتلكها والدها بقولها:

صالة (سويلم آرت قاليري) تحمل إسم العائلة، وهي متخصصة في عرض الأعمال الفنية الراقية، وأول معرض أقيم بها كان عن مقتنيات الفن التشخيصي، وجماليات الحفر والطباعة، ويعد معرض (الطير المهاجر) الذي يعرض إبداعات الفنانين والفنانات التشكيليين السودانيين اللاجئين بالقاهرة المعرض الرابع والذي يحظى بإقبال كبير من متذوقي الفن التشكيلي من المصريين والسودانيين وبعض الأجانب، كما قدمنا الدعوة لطلاب كلية الفنون وكلية التربية الفنية ليتعرفوا على الفن السوداني وحتى يدركوا أن السودانيين لديهم أعمال فنية بهذه الأعمال الإحترافية .. والمعرض عموما يجسد للعلاقات الثقافية الراسخة بين الشعبين الشقيقين المصري والسوداني.

مقرن ثقافي

نحن بهذا المعرض التشكيلي نقيم (مقرن ثقافي فني) بين الشقيقين مصر والسودان, هكذا إبتدر الفنان السوداني التشكيلي المشهور الأستاذ علاء الدين عبد الرازق المشارك في المعرض بلوحتين، حديثه لـ(أصداء سودانية)، حول رأيه في المعرض مضيفا:

المعرض يمثل تشكيل لأجيال من الرعيل الأول مرورا بالمحدثين والشباب، وهو بذلك يجسد ويعبر عن ملتقى أجيال.. فمثلا من الأعمال التي تعرض بالمعرض لوحة للبروف أحمد عبدالعال، والفنان الأستاذ محمد عمر خليل، والفنان الأستاذ حسين شريف وهما من جيل مدرسة الخرطوم، والفنان محمد عبدالله عتيبي، والفنان شريف مطر.. ومن الأجيال الحديثة الفنان الطيب ضو البيت، ، وتشارك في المعرض (9) فنانات تشكيليات هن: عواطف محجوب، ليلى آدم، ساره عاصم، نجاة المادح، هالة نور الدين مدني، سوزان إبراهيم محجوب، رندا يس، صباح جبارة.

وما اود قوله في هذه السانحة ـ والحديث لا يزال للأستاذ علاء الدين عبد الرازق ـ  أن الفنانين التشكيليين السودانيين في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن شكلوا جسرا ثقافيا بين الشقيقين مصر والسودان ليقدموا، ولو القليل، عن بلدنا من خلال هذا المعرض.. وهذه النشاطات واللوحات الفنية التي امامك تعكس صورة جميلة عن السودان والشعب السوداني وموروثاته وتحفز الفنانين السودانيين على ضرورة عرض أعمالهم الفنية ليشاهدها العالم فهي لا تقل عن الأعمال الفنية العالمية.

الرحول المُر

الفنانة التشكيلية هالة، خريجة تصميم إيضاحي كلية الفنون الجميلة والتطبيقية جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا، وهي إبنة الصحفي الأستاذ نور الدين مدني المقيم حاليا باستراليا، إحدى المشاركات في المعرض بلوحتها (الرحول المُر) والتي تعكس نزوح العائلات من منازلهم.. قالت لي ونحن وقوفا أمام لوحتها:

هذا المعرض الثاني الذي أشارك فيه بعد معرض القاهرة الدولي، والمعرض الحالي الذي يحمل عنوان (الطير المهاجر) جاء بعد الوضع الكارثي في السودان بسبب الحرب وإختيار عدد كبير من الفنانين التشكيليين للقاهرة بحكم أنها شقيقة السودان، ولم نتوقع إنجاز أي شئ ولذلك هذا المعرض الذي يعرض حوالى (30) لوحة، للعرض فقط وليست للبيع، يعد إنجازا كبيرا غير إعتيادي بسبب وضعنا والنفسيات السيئة وكمية الحزن والآسى الذي نعايشه ونعاني منه منذ الحرب، ولذلك مشاركتنا كتشكيليين في هذا المعرض يعتبر إنجازا كبيرا نظرا للمرارات الحادثة لكل السودانيين, ونتمنى عودة الأمن والسلام للسودان قريبا.

وعن الرسائل الفنية التي تحاول اللوحات الفنية السودانية الموجودة بالمعرض البوح بها، قالت الفنانة هالة: المعرض ذاخر ومتنوع بمختلف اللوحات الحديثة التي تعبر عن السودان وعن الحرب وآثارها المدمرة، فمعاناة الحرب ظاهرة في معظم اللوحات التي تحكي دواخل الفنانين وتأثير الحرب والهجرة عليهم ويبدو ذلك جليا وواضحا من عنوان المعرض: (الطير المهاجر).. وهناك ايضا لوحات صوفية.. وأشير إلى أن هناك فنانين سودانيين مشاركين بلوحاتهم بالمعرض لكنهم متواجدين بدول عربية وأفريقية, واعتقد أن المعرض حقق غايته ولفت الإنتباه بقوة للفن السوداني التشكيلي بدليل الإقبال الكبير من السودانيين والمصريين والأجانب يوم الإفتتاح، خاصة أن المعرض التشكيلي يجمع مدارس فنية مختلفة من الواقعية والتجريدية والخط العربي وإبراز جمالياته، بجانب اللوحات الصوفية.

خيوط الأمل

من بين الأعمال الفنية التي لفتت إنتباهي مجسم بإسم (خيوط الأمل ـ جبر المكسور ومعالجته والعودة للسلام والامان) أبدعها الفنان.. يقول عنه مبدعه الفنان أسامة الجنيد: المجسم يحمل إنسيابة حركة جسم المرأة، وشكل المفتاح المكسور في إشارة إلى أنها ـ أي المرأة ـ مفتاح للحياة والعيش بسلام.