ولاية الجزيرة … قلب الاقتصاد السوداني النابض(2-2)

تقرير – ناهد أوشي:
تشكل ولاية الجزيرة القلب النابض للسودان والشريان الذي يربط مناطق الإنتاج بالصادر والوارد والاستهلاك, كما وأنها مركزا تجاريا وصناعيا جعل الولاية محط أنظارالعالم, وما سيطرة المليشيا على الولاية ودخولها مدينة ود مدني إلا محاولة لخنق السودان اقتصاديا وشل حركته من خلال تدمير ممنهج لجميع الأنشطة والبني التحتية بولاية الجزيرة وإستهداف البحوث والآليات الزراعية بالتخريب والسرقة.
عاصمة غذائية:
الخبير الاقتصادي بروف عبد العظيم المهل إعتبر ولاية الجزيرة عاصمة السودان الاقتصادية وعاصمته الغذائية وهي البوتقة التي انصهرت فيها كل قبائل السودان حيث يسكنها خمس ملايين نسمة أغلبهم يعملون في الزراعة والرعي والوظائف الحكومية وقال في حديثه لـ(أصداء سودانية), يضم مشروع الجزيرة العملاق أكثر من 2.1مليون فدان تسقى من غير أي طلمبة أو رافعة وتضم الجزيرة جزء من مشروع الرهد ومصنع الجنيد وبها كثير من المزارع الأخرى ومزارع الدواجن والأبقار وبها المشروع العالمي لإنتاج الألبان, والذي بدأ بمشروع النوبة للألبان أكثر من خمس آلاف فدان, وبها المدينة الصناعية في الباقير ومدينة جياد الصناعية التي وصلت صادراتها 2مليار دولار وبها الكثير من المصانع في مدني والحصاحيصا والمناقل وغيرها, وقرى الجزيرة عبارة عن مدن تكاتف أهلها ومغتربيها من فترة طويلة لتنميتها وهي تحتضن أكبر عدد من المغتربين,وودمدني ليست عاصمة الزراعة والبحوث الزراعية بل هي أكبر مصنع في السودان لصناعة الموهوبين في المجالات المختلفة وقد تخرج فيها الكاشف وود الأمين وعبدالعزيز المبارك وحمد والديبة وسامي عزالدين وسانتو وهي عاصمة الإلهام الوجداني السوداني في شتي المجالات وقد طلقت الجزيرة القبلية والتعصب القبلي من فترة طويلة والولاء للجزيرة وللمدينة أوالقرية, وتتنافس القرى والمدن لبناء وتطوير مناطقهم وتعتبر رفاعة منبع تعليم البنات,ولذلك عندما شنت المليشيا المتمردة غاراتها على الخرطوم كان البديل التلقائي هو مدني وتحرير مدني يعني عودة الروح لجسد الاقتصاد السوداني وممكن تاني يوم من تحرير مدني ينخفض الدولار بصورة كبيرة إذا اقتصادنا راشد ويتفاعل حسب النظريات الاقتصادية, وسوف يعود الكثير من النازحين واللاجئين إلى الولاية, وتحرير مدني يعني تحرير الخرطوم أيضا حيث أن كل هذه الجيوش سوف تزحف نحو الخرطوم.
أهمية اقتصادية:
الخبير المصرفي وليد دليل أشار إلى أن ولاية الجزيرة تتمتع بأهمية اقتصادية كبرى، حيث يتمركز فيها أكبر مشروع ري انسيابي في القارة الإفريقية، يبلغ 2.2 مليون فدان، ويعد المشروع مخزونًا استراتيجيًا للمحاصيل الأساسية من القمح والذرة، وقال في حديثه ل (أصداءسودانية) حال استمرار الحرب في الولاية قد يتأثر الموسم الزراعي فيها، وبالتالي تتزايد أزمة الغذاء في البلاد.
ونبه إلى أن سيطرة مليشيا الدعم السريع على مدينة ود مدني ترجع إلى أهميتها الاقتصادية، حيث تضم أكبر مستودعات للوقود بعد الخرطوم، وتعمل على تغذية وسط وغرب البلاد بعد خروج مستودعات ولاية الخرطوم عن الخدمة نتيجة للحرب القائمة.
مدينة صناعية:
وقال مدني عرفت بصناعة الأحذية ودباغة الجلود ومصانع النسيج، وتضم المدينة مصانع البسكويت والصابون ومحاصيل القطن، إضافة إلى أنها تضم (5) أسواق وهي السوق الكبير والسوق الصغير والسوق الشعبي والسوق المركزي وسوق (أم سويقو) وهو من الأسواق المشهورة ببيع الأسماك.
وأشار إلى أن استهداف منطقة (أم عليلة) شرق مدينة ود مدني من قبل الميليشيا ذلك لأن المنطقة تضم العديد من مستودعات الوقود الرئسية لولاية الجزيرة عبر الخط الناقل للبترول، الأمر الذي جعل المليشيا تسيطرعلى مصفاة الجيلي للبترول بالخرطوم بحري منذ بدء الحرب، إلى أن تم قصفها في 6 ديسمبر 2023 للمرة الرابعة مما جعلها تخرج عن الخدمة
وأشار إلى خروج مصفاة الأُبيّض عن الخدمة أيضًا في يوليو 2023، وبذلك تظل المصفاة الثالثة والوحيدة قيد التشغيل ببورتسودان، وكانت قد سيطرت الميليشيا على عدد من حقول إنتاج النفط بإقليمي كردفان ودارفور، ولكن خرجت جميعها من الخدمة، لذلك سيطرت على محطة العيلفون التي ترتبط بالخط الناقل والتي تعمل على تنشيط الخط، وذلك لأن البترول السوداني يحتوي على مادة شمعية لضمان الضخ.
خسائر اقتصادية:
وقال بخروج الحقول من الخدمة وتوقف محطة العليفون ومصفاتي الجيلي والأبيض، فكرت قوات الدعم السريع في دخول ولاية الجزيزة بمنطقة أم عليلة، ومن ثم مستودعات ولاية الجزيرة، وقد يترتب على ذلك الحاجة إلى استيراد البترول لتغطية الاحتياجات، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبرى.
ركيزة اقتصادية:
وأشار دليل إلى أن مشروع الجزيرة يعد من الركائز الأساسية للاقتصاد والأمن الغذائي في السودان لما ينتجه من محاصيل مهمة تسهم بشكل كبير في توفير قوت السودانيين ، وقال إن المشروع تأثر كثيراً بالحرب الدائرة في السودان حيث يربط كثير من المراقبين والخبراء الزراعيين بين أزمة الغذاء في السودان ووصول الحرب إلى مشروع الجزيرة, وأشار إلى أن عدم توفر الأمن وتأخر وصول المدخلات الزراعية من تقاوٍ وأسمدة وغيرها من المواد اللازمة، أدى إلى تراجع الإنتاجية في مشروع الجزيرة.
بنك الموارد الجينية:
واضاف بالقول كما تأثر بشكل كبير بنك الموارد الجينية وتم تشريد المفتشين الزراعيين ومفتشو الري ونُهبت عرباتهم، وهم الذين يقومون بالدور الإرشادي والتوعوي ومتابعة المحصول،وقال لذلك ازدادت المخاوف في السودان من انهيار كلّي لمشروع الجزيرة الذي ياؤي أكثر من 3.5 مليون نسمة يقيمون فيه بشكل مستقر ويُشكل مصدر الدخل الرئيسي لأكثر من 140 ألف مزارع، بسبب معاناة المزارعين صعوبات كبيرة قبل الحرب في الري والتمويل، الأمر الذي سبّب خسائر ضخمة أسفرت عن مشكلات اقتصادية واجتماعية شكّلت تهديداً للأمن الغذائي في السودان.
قلب الاقتصاد النابض:
الخبير العقاري مهندس محمد صلاح إعتبر مدينة ود مدني قلب الاقتصاد السوداني النابض, وقال إنها واحدة من الأعمدة الاقتصادية في السودان, فموقعها الجغرافي الاستراتيجي، ومواردها الطبيعية الخصبة، ومشاريعها الزراعية الضخمة، جعلت منها مركزا تجاريا وصناعيا,وأشار إلى أن مشروع الجزيرة يعد أحد أكبر المشاريع الزراعية المروية في العالم, وقد ساهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد السوداني، من خلال إنتاج كميات هائلة من المحاصيل الزراعية، مثل القطن والذرة والدخن، والتي يتم تصديرها إلى العديد من الدول.
موقع استراتيجي:
وقال صلاح تتميز ود مدني بموقع جغرافي استراتيجي في قلب السودان، مما يجعلها نقطة وصل مهمة بين مختلف مناطق البلاد, وأشار إلى أن تنوع النشاط الاقتصادي لا يقتصر في ود مدني على الزراعة فقط، بل يشمل أيضًا العديد من القطاعات الأخرى، مثل مجال صناعة الأغذية والمنسوجات والجلود. كما وتعتبر ود مدني مركزا تجاريًا مهما، حيث يتم تداول العديد من السلع والبضائع فيها بالاضافة إلى الخدمات التي تقدمها، مثل الخدمات المالية والصحية والتعليمية لمختلف السكان
وقال على الرغم من أهميتها الاقتصاديه إلا أن هنالك تحديات تواجه المدينة تتمثل في نقص الاستثمارات, فهي تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات لتطوير البنية التحتية والصناعات القائمة, وكذا التغيرات المناخية التي توثر سلبا على الزراعة في المنطقة، مما يهدد الأمن الغذائي, وقال مدينة ود مدني باعتبارها ركيزة أساسية للاقتصاد السوداني تلعب دورا حيويا في تحقيق التنمية المستدامة في البلاد, ومع ذلك تحتاج إلى المزيد من الدعم والاهتمام من أجل مواجهة التحديات التي تواجهها وتحقيق كامل إمكاناتها وتضافر الجهود من قبل الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني
وقال من خلال تطبيق هذه المقترحات يمكن لمدينة ود مدني أن تتحول إلى نموذج للزراعة المستدامة في السودان وبقية القطاعات الاقتصادية.