المدير العام الأسبق لوزارة الزراعة بالخرطوم في إفادات ل (أصداء سودانية)..الحرب ساعدت في تحريك المصانع إلى الولايات

  • قوانين الاستثمار(كويسه) نظريا ولكنها سئية التطبيق وعلاقاتها في مستويات الحكم مضطربة
  • مصر تمتلك تقنية زراعية جيدة ولها نماذج زراعية ملهمة يمكن الاستفادة منها
  • يجب على الحكومة أن تكشر عن أنيابها لوقف هذه الإجراءات

كشف المدير العام الأسبق لوزارة الزراعة والثروة السمكية بولاية الخرطوم, د. تاج الدين عثمان سعيد عن أهم تداعيات الحرب التي دخلت عامها الثالث على القطاع الزراعي والتي القت بأثارها السالبة على الاقتصاد الوطني, ونادى بضرورة استقطاب استثمارات الدول للاستثمار في الزراعة والاستفادة من التقنيات الزراعية للدول الصديقة في إعمار القطاع, وتطرق في حديثه للعديد من جوانب قانون الاستثمار ومعوقات التنفيذ والحديث حو الكثير من الملفات الزراعية ..
حاورته بالقاهرة- ناهد أوشي
*تمثل الزراعة المحرك الرئيسي للاقتصاد, برايك كيف أثرت الحرب على الاقتصاد من خلال تدميرها للزراعة؟


– تأثر القطاع الزراعي بالحرب وبالتالي القت الحرب بظلالها السالبة على الاقتصاد عموما, وتعرض القطاع الزراعي إلى خسائر مباشرة تمثلت في البنى التحتية والآليات والمعدات والإنتاج ( المحاصيل, الدواجن,الحيوانات), كما وتأثر الاستزراع السمكي, وهنالك خسائر غير مباشرة تمثلت في فقدان أصول البحوث الزراعية ( الاصناف النادرة المطورة) التي عكف عليها الباحثون لسنوات عديدة, كما فقدت أصول نباتية وحيوانية وهي خسائر فادحة.
*هل بالإمكان تعويض تلك المفقودات ؟
-هنالك خسائر يمكن تعويضها بسهولة وهنالك خسائر فادحة يصعب تعويضها خاصة تلك التي استغرقت زمن وجهد علمي وأموال كبيرة, وهنالك أنشطة يمكن أن تعود بسرعة (نسبيا) وأخرى تتطلب وقت وجهد ورأس مال.
والشاهد أن الأنشطة الأكثر تقليدية يسهل عودتها, وفي ولاية الخرطوم توجد مثل هذه الأنشطة التقليدية (المراعي, الغابات, الزراعة المطرية,المشاريع الصغيرة), وهذه يمكن إعادتها بسهولة, ولكن الزراعة التقنية الحديثة بصعب إعادتها بسرعة.
*مع التقدم الذي أحرزه الجيش في عدة محاور, هل يمكن أن نقول أن البيئة أصبحت مناسبة لجذب الاستثمارات في القطاع الزراعي أم أن الوقت لم يحن بعد؟
-بالنسبة للاستثمارات الخارجية يصعب جذبها الآن ما لم تسعى الدولة إلى جذب استثمارات الدول, أما الاستثمارات الخاصة لا أتوقع أن تدخل في مثل هذه الظروف, ولن يكون لديها الحافز للدخول في استثمارات, أما استثمارات الدول تكون أقل خوفا وأقل ترددا من الاستثمار الخاص ولديها القدرة على التأمين ولديها ارتباطات سياسية وأسباب أخرى لذا يجب على الدولة السعي لجذب استثمارات الدول, حيث أن الشركات التي تدخل في الاستثمارات كبيرة ولديها ارتباط بالدولة (الصين, تركيا روسيا, مصر).
* مصر هي الأقرب والأكثر إرتباطا بالسودان, في تقديرك ماهي محفزات الاستثمار المصري في القطاع الزراعي ؟
– مصر تمتلك تقنية زراعية جيدة ولها نماذج زراعية ملهمة يمكن الاستفادة منها في ظل تقارب العلاقات السياسية والانفتاح , كما يمكن الاستفادة من الدول الصديقة الأخرى التي وقفت مع السودان خلال الحرب وفي الظروف العصيبة, ومصر دولة صديقة و(الصديق وقت الضيق), تستحق أن نمد لها يد التعاون, ويجب على السودان الاستفاده من الانفتاح السياسي في تنشيط الجانب الزراعي وتفعيل التكامل مع مصر خاصة في مجال الغذاء ( اللحوم والقمح ) ويمكن الاستفادة من مصر في مجال الأسمدة, المبيدات, البذور, ويمكن أن تكون هذه العلاقة تكاملية مع مصر,
أما روسيا فهي دولة عظمي ذات تكنلوجيا عالية وتقنية زراعية يمكن الاستفادة منها في الآليات الزراعية والتقنية.
*قانون الاستثمار في السودان هل هو مواكب للمرحلة وقادر على جذب الاستثمارات؟
-قوانين الاستثمار(كويسه) نظريا ولكن تطبيقها سيئ وعلاقاتها فيما يلي مستويات الحكم مضطربة ما بين اتحادي وولائي ومحلي, وعلاقات الاستثمار بين هذه المستويات غير ثابتة وفيها تقاطعات, مثلا المحليات تفرض ضرائب على استثمار اتحادي بسبب وقوعه داخل المحلية حيث يكون معفيا وفقا لقوانين اتحادية, والمحلية تقوم بفرض ضريبة مما ينعكس سلبا على القطاع,
أما الأراضي فهي معضلة كبيرة, ليست في السودان فقط وإنما عالميا وازدادت حدتها في السنوات الأخيرة وعطلت الاستثمار, أذكر أن ولاية الخرطوم كانت لها تجربة ثرة (50.50) حيث تكون 50% من الأراضي للاهالي بشروط ميسرة لمدة طويلة ويتيح 50% للاستثمار دون نزاع, وقد نجحت هذه التجربة إلى حد ما, وضربت عصفورين بحجر حيث تقلل مشاكل الأراضي وتومن مستقبل المجتمعات المحلية, نحتاج لمثل هذه الصيغ لمعالجة مشكلة الأراضي وضمان حقوق الطرفين.
*مع كل هذه المعطيات هل مازل السودان محتفظا بمكانته ك (سلة غذاء العالم)؟
-السودان يظل سلة غذاء للعالم, النيل لم يجف والأمطار لم تحبس والأراضي تظل موجودة, فالمعطيات موجودة وتظل باقية, فقط نحتاج للاستقرار السياسي حتى نستطيع جذب استثمار كبير للقطاع والتحول من تقليدية القطاع والتي تعتبرعقبة كبيرة أمام تطور القطاع, كما ونحتاج إلى بنية تحتية وسياسات مواكبة, خاصة وأن القطاع الزراعي مضمون النتائج والاستثمار فيه مضمون لأن أزمة الغذاء في العالم تتفاقم.
*عند إعادة إعمار القطاع الزراعي, ماذا نستصحب من السياسات والأفكار السابقة وماذا نترك خلف ظهرنا؟
-السودان واسع ومتنوع, الأرض المحاصيل, المناخ, ولكن للأسف لم نضع الخريطة الجغرافية الزراعية بصورة جيدة, حيث يتم زراعة القمح مثلا من حلفا حتى سنار دون مراعاة للمناخ الجغرافي, ولم نستفد من التنوع الموجود في السودان,
لذا يجب أن تتحكم الخريطة الجغرافية الزراعية في نوع المحاصيل التي يتم زراعتها وفقا لطبيعة المنطقة, مثلا يزرع القمح في الشمالية, شمال دارفور, نهر النيل, ويتم إنتاح الألبان في الجزيرة واللحوم في كسلا, النيل الأزرق, وهكذا, ويتحرك الإنتاج إلى كافة الولايات دون عوائق, (الرسوم الجبايات) أكبر معوق للنشاط الزراعي والاقتصادي, ويجب على الدولة أن تكشر عن انيابها وتمنع أي جهه من تحصيل الرسوم, كما ويجب أن ترتبط الخدمات الحكومية والتمويل بالسياسة الزراعية, مثلا زراعة القمح تحدد في الشمالية ونهر النيل فقط, وبالتالي لا تقوم البنوك بتمويل القمح إلا في هاتين الولايتين, وتوجيه الخدمات الحكومية والتمويلية والتسويقية نحو تنفيذ السياسة التي حددتها الدولة وفقا لحوكمة الدولة في وضع السياسة ووضع آليات تنفيذها حتى نستفيد من التنوع وتتم معالجة تدني الإنتاج.
وما يجب تغييره عند إعادة الإعمار معالجة الخلل الموجود في تمركز التصنيع الزراعي في مناطق بعيدة عن مناطق الزراعة, والحرب ساعدت في تحريك المصانع إلى الولايات حيث مناطق الزراعة, وعقب إنتهاء الحرب يجب التوزيع المناسب للصناعات وربط الإنتاج مع التصنيع.