نحو علاقة سويّة منتِجة بين رئيس الوزراء والإعلام

أحمد عمر خوجلي

لاشك أن التحولات التقنية والمهنية المتسارعة في المجال الإعلامي مضافا إليها آثار عدوان مليشيا الدعم السريع على البلاد ومخلفاته الواسعة وضعت الإعلام السوداني وكل الدولة أمام محك صعب وإمتحان عسير . ومع تسنم وتعيين الدكتور كامل إدريس منصب رئيس الحكومة يمكن جعل هذا التعيين حدا فاصلا بين الواقع الإعلامي الراهن وبين وضع جديد مختلف ومثمر وسوي تصل اليه البلاد بتطوير العلاقة بين الدولة وبين الإعلام ، وتقوم اهم ركائز هذا التموضع المأمول على تفعيل وتنشيط وخلق ارضية مشتركة بين الجانبين .
فالإعلاميون بكافة شرائحهم ووسائل عملهم واتجاهاتهم المهنية هم مثل المصابيح في الليالي الحالكة يسلطون الضوء على عموم رقعة الوطن والمواطنين في داخل وخارج السودان على مستوى الأمكنة والجغرافيا او على مستوى القضايا والموضوعات بملامسة كل تفاصيل الحياة بدءً من الخدمات مرورا بالسياسية واخبار الأمن وانتهاءا بالرياضة والترفيه والثقافة والفن . وفي ذات الوقت نجد ان السيد رئيس الوزراء وبحكم الوظيفة والمنصب والمهام تمتد المسؤليات الملقاة على عاتقه في ذات المساحة التي يسلط عليها الإعلام الضوء من خلال مهامه هو ومساعديه في وضع الخطط والسياسات والحلول ومراقبة الأداء لوزارت ومؤسسات الدولة المختلفة التي تبدأ ايضا بالخدمات حتى الثقافة والفن ، لذلك يكون الاعلام المهموم بتسليط الاضواء على كل درب العمل الحكومي والتركيز على مكامن الخلل وابداء الملاحظات والكشف عن القصور هي اعظم هدية يمكن ان يقدمها للسيد رئيس الوزراء ، من خلال عون اعلامي لا شك انه سيكون مستكملا شروط الصحة والعمل وفق مطلوبات العمل المهني البنآء وأخلاقياته المعروفة .
وصحيح ان السيد رئيس الوزراء لا يمتلك عصاة موسى او بساط الرياح حتى يقف على كل صغيرة وكبيرة في العمل التنفيذي في الدولة في كل اصقاعها وعلى اختلاف انشطتها ، ومن المستحيل تتوافر له القدرة على المتابعة بالإعتماد الكامل على التقارير التي تأتيه من موظفيه ومسؤوليه المكلفين بالوزارات والمؤسسات المختلفة أو عبر اللقاءات والاجتماعات ، فلابد من طرف ثالث يوفر المعلومات ويعكس الأحوال ، ليكون بإستطاعة رئيس الوزراء أن يعمل سلطاته وتوجيهاته ويتخذ قرارته وفق تقرير الموقف الذي يشير اليه الإعلام ويسلط الأضواء عليه ايجابا وسلبا . ومثلما أشرنا في صدر هذا المقال أن العدوان من اسباب التحدي الكبير الذي يجابه الإعلام ربما اجازت لنا حالة التحدي والضعف الماثل أ تشبيه العلاقة بين الحكومة برئاسة الدكتور كامل إدريس بالعلاقة التشاركية بين ” الإعمي ” عندما يحمل ” المكسر ” ، القائمة على الاستفادة من الميزات لدى كل طرف ، فالحكومة بقوتها وسلطاتها يمكن ان تحمل الصحافة بقوتها على أن تعينها الصحافة المحمولة بعيونها ورصدها للحال ، ومؤكد ان حمل الحكومة للصحافة لن يكون بالمنح والاٌعطيات ، ولكن بالشفافية والصدق وإتاحة وتقديم المعلومات الدقيقة بانتظام للصحافة عبر البيانات والمؤتمرات الصحفية كلما دعت الحاجة ، مع وجود منصات تواصل اجتماعي رسمية تبعث بالرسائل اولا بأول ، مع ضرورة ان يكون للحكومة القوة بالاعتراف بالأخطاء عند حدوثها، وشرح كيفية معالجتها مع تجنب التهوين والغموض أو التضليل ، لأن ذلك يفقد الثقة بسرعة ويجلب العدوات ويعمق الفشل ، ولابد للحكومة في هذا الإطار ان تسعى لتعزيز وبناء علاقات مهنية مع الإعلاميين تقوم على النظر اليهم كسلطة رقابية وعدم التعامل الانتقائي معهم أو المعاقبة الإعلامية على النقد. وايضا لابد من الاهتمام .
وهناك ضرورة ملحة في تجاوز الاسلوب الذي اتبعته العديد من مؤسسات الدولة بسبب حالة الارتباك التي ظهرت بسبب العدوان على مؤسسات وكان ذلك بمثابة الحاجة الملحة وقتذاك حيث تمّ الاعتماد المفرط على الإعلام الموالي واستحداث نظام المجموعات الداعمة ، لكن بعد مرور أكثر من عامين على العدوان وتحقيق العديد من الانتصارات الكبيرة ، تنفست قطاعات الشعب و الحكومة والدولة الصعداء وقل الضغط ونقصت الحاجة للمسارات الاسثنائية والمعالجات الاجتهادية ، حتى اصبح من الضروري العمل على تنويع القنوات الإعلامية للوصول إلى كافة أطياف المجتمع وكل اضياف الاعلاميين .
وأما من جانب الإعلام بشرائحه المختلفة فلابد ان يكون دوره كمحمول ومُعان وفق ما ذكرنا ان يتحلى بقوة النظر والقدرة على الأداء المهني الاحترافي القائم على التحقق من المعلومات والمصادر واستكمال كل الشروط المهنية المعروفة ومراعاة مواثيق الشرف الصحفي والإعلامي حتى تكون مقولة ” الأعمي شايل المكسر ” واقعية تعبر عن تشاركية حقيقية تجعل الطرفين وجهي عملة واحدة ،عملة مبرئة للذمة عصية على التزييف تمتلك من القوة والقدرة على المنافسة كعملة وطنية حرة تكسب كل رهانات المقارنات مع اي عملات جنبية أخرى .