جرائم « حميدتي» في السودان.. صراع الدم والسلطة ومزاعم التدخل المصري
يشهد السودان منذ عام 2019 تحولاً سياسياً واجتماعياً بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير. ورغم التطلعات الكبيرة نحو انتقال سلمي للحكم، برزت صراعات داخلية، كان أبرزها الدور الذي لعبه محمد حمدان دقلو، المعروف بـ” حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع، التي اتُهمت بارتكاب جرائم جسيمة بحق المدنيين السودانيين. إلى جانب ذلك، ظهرت اتهامات ضد مصر بالتدخل في الشأن السوداني، مما أثار تساؤلات حول الدور الإقليمي في الأزمات الداخلية للسودان.
جرائم “حميدتي” وقوات الدعم السريع
تُتهم قوات الدعم السريع، التي يقودها “حميدتي”، بالعديد من الانتهاكات ضد المدنيين منذ مشاركتها في العمليات العسكرية في دارفور. بعد سقوط البشير، تعززت سلطات “حمدتي” وتزايدت التقارير التي تتحدث عن جرائم ترتكبها قواته، ومنها:
القتل العشوائي: تقارير حقوقية تشير إلى تورط قوات الدعم السريع في قتل مئات المدنيين خلال مظاهرات واعتصامات سلمية.
الاختطاف والاعتقالات التعسفية: شهدت الخرطوم ومدن سودانية أخرى حملات اعتقال واسعة من قبل قوات الدعم السريع ضد الناشطين والمعارضين.
الاغتصاب والعنف الجنسي: أشارت منظمات حقوقية إلى ارتكاب قوات “حمدتي” لجرائم اغتصاب وعنف جنسي ضد نساء وفتيات في المناطق التي يسيطرون عليها.
الدور السياسي لـ”حميدتي”
حمدتي بات لاعباً رئيسياً في السياسة السودانية بعد الإطاحة بالبشير، حيث أصبح نائباً لرئيس مجلس السيادة. ورغم دوره كجزء من الحكومة الانتقالية، ظل متهمًا بالسعي لتحقيق طموحات شخصية على حساب مصلحة السودان. وقد استخدم قوات الدعم السريع كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، مما أدى إلى مزيد من التوترات في البلاد.
مزاعم تدخل مصر في الشأن السوداني
ترافق الصراع السياسي والعسكري في السودان مع مزاعم حول تدخل مصر في الشؤون السودانية. ويأتي ذلك وسط تزايد الشائعات حول دعم مصر لبعض الأطراف السودانية على حساب أخرى، في محاولة للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بقضية سد النهضة وحفظ الأمن في حدودها الجنوبية.
موقف مصر الرسمي
تنفي مصر بشدة أي تدخل مباشر في الشأن السوداني، مؤكدة أنها تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف في السودان. وتؤكد القاهرة أن استقرار السودان يمثل أولوية قصوى للأمن القومي المصري، وأن أي تدخلات في الشأن السوداني تأتي في إطار دعم السودان لتحقيق السلام والاستقرار.
الأبعاد الإقليمية للصراع السوداني
الصراع في السودان لا يُعتبر شأناً داخلياً فحسب، بل يمتد تأثيره إلى دول الجوار، ومنها مصر، التي تعتبر استقرار السودان حيوياً لها. تداخلت القوى الإقليمية والدولية في هذا الصراع، حيث يشتبه في أن بعض القوى الإقليمية تستغل الوضع الداخلي السوداني لتعزيز نفوذها. هذا التعقيد جعل الأوضاع في السودان أكثر تشابكًا وصعوبة في إيجاد حل سريع ومستدام.
ردود الفعل الدولية
المجتمع الدولي يدعو إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في السودان، بما في ذلك جرائم “حمدتي” وقوات الدعم السريع. وفيما يتعلق بمزاعم تدخل مصر، تنظر بعض الدول إلى هذه الاتهامات بحذر، ولكن لا توجد أدلة قوية تؤكد تدخل مصر بشكل مباشر في الصراع الداخلي السوداني.
يبقى السودان في حالة من الفوضى السياسية والأمنية، حيث تلعب قوات “حميدتي” دوراً كبيراً في تفاقم الصراع من خلال ارتكابها جرائم وانتهاكات جسيمة. في المقابل، تستمر مصر في نفي أي تدخل في الشأن السوداني، مؤكدة أن دورها ينحصر في دعم السودان نحو استقرار دائم. تحتاج المنطقة إلى جهود أكبر من قبل المجتمع الدولي واللاعبين الإقليميين لإنهاء الصراع وتحقيق العدالة للضحايا في السودان.