
شفشفه
واحة المنصة
يكتبها اليوم
الزبير نايل
*عندما نشعر بالضيق ونحن جيئة وذهابا في أمر ما، لن نجد تعبيرا أدق من كلمة (تلتله) وإذا كان الأمر غير واضح فهذه (جهجهه) ومن يماطل معنا فحديثه (جعجعه) و( لعلعه) ما دفعنا لكل هذه ال ( طنطنه) واستلاف كلمات من عائلة ( البهدله) .. ذلك لأن هذه الكلمات تُصيب فؤاد المعنى مباشرة.
*مثل هذه الكلمات كثيفة التعبير تمكننا من إيصال شعورنا بدقة لمن نتحدث إليه ولا نحتاج إلى كثير إيضاح.. ولغة العرب حفلت كثيرا بمثل هذه الكلمات ذات المقطعين من شاكلة (دمدم) و(هدهد) و(تمتم) و( طبطب) وغيرها بهدف مضاعفة المعنى وتركيزه ولها مباحث ودلالات كثيرة.
*وقد أصبح قاموسنا اللغوي زاخرا بما يجترحه خيالنا من كلمات تتولد وتتناسل كل صباح من واقع حالنا..وفي الغالب تكون كلمة واحدة لكنها ثقيلة الأحمال في معناها ومباشرة في دلالتها مثل (غتغته) و(فضفضه) و(طقطقه) و(كركبه) و(ربربه) وغيرها.
*مؤخرا دخلت قاموسنا كلمة قاسية المعنى، فتكت بمجتمعنا وضاعفت أحزانه وهي كلمة(شفشفه) والتي تسجل حصريا للأبالسة الجنجويد بسوء صنيعهم حتى أصبحت ملازمة لهم رغم أننا كنا في السابق نستخدم الفعل منها (شفّ) وهو بذات المعنى لكن في حدود ضيقة وظلال قصيرة لم تتجاوز فصول الدراسة وذلك عندما نقول إن (حمدان شفّ من جاره في الامتحان).
*والشفشفه منها الشفشاف للمفرد والشفشافه للجماعة وهم لصوص أرازل حاقدون وبلا أخلاق، أرواحهم شريرة ونفوسهم مظلمة وملوثة، يسرقون عرق الناس وشقاء أعمارهم ويعتبرونها غنائم بلا أدنى وازع أو ضمير بل يتباهون بذلك.
*والسياسيون الذين يسرقون أحلام شعبهم في وطن مستقر وآمن ومزدهر هم شفشافة بامتياز بل هم سادة الشفشفة وسدنتها وبناة معبدها، وكذلك من رهن ضميره من النشطاء والإعلاميين والشعراء وسرقوا ألسنة الناس لممارسة الخداع والتدليس وطمس الحقائق كلهم سواء أمام محكمة التاريخ بتهمة الشفشفه.
*أما سُراق القلوب فربما نتجاوز ونخرجهم من دائرة الشفشافه وفعل الشفشفة ذلك أن محاكمهم عادة ما تنعقد على ربوة تحت ضوء القمر على وقع أغنيتهم (وشوشني العبير فانتشيت.. راقني الهوى فما أبيت) ، وصحيفة اتهامهم تتصدرها هذه المرافعة الزاهية.