سلسلة كتابات غسان كنفاني إلى غادة السمان (٣٢)

مكاتيب
_________________________
عزيزتي غادة
مأساتي ومأساتك انني أحبك بصورة أكبر من أن أخفيها وأعمق من أن تطمريها. أتراك في نفس المكان؟ إذن ياللمأساة التي لن تنتهي! أقول لك:تعالي ودعينا نهدم الجدران جميعاً. إن حياتنا أصغر من أن نهدرها في الشطارة. أعترف!.
وهأنذا متروك هنا، كشئ! كيف تركتك تذهبين؟ كيف لم تطبق كفاي عليك مثلما يطبق شراع في بحر التيه على حفنة ريح؟ كيف لم أذوبك في حبري؟ كيف ذهبتِ دون أن أحس بك؟ كيف مرت عيناك في عمري دون أن تتركا على وجهي بصماتهما؟ كيف لم أتمسك بك؟
كيف تركتك – ياهوائي وخبزي ونهاري الضحوك- تمضين؟
أيتها المرأة الطليقة، يامن قبلك لم أكن لست إلاالعبث، من بحر عينيك سقيت ضياعي جرعة الماء التي كانت دائماً سراباً.
(غسان كنفاني)