حين لا يُرى الألم وعِراقُ الحُبّ والجدار وطفل حرف السلام

 

نازك الخنيزي / السعودية

 

(1)

 

أشرتُ إلى ظلي على الجدار،

ظنّت جدتي أنه غبار عالق.

قالت: “سأمسحه حين تهدأ الريح”،

لا تعلم أنه التصق بقلبي،

وأن الريح تسكنني.

 

(2)

 

أشرتُ إلى ساعةٍ على الحائط،

ظنَّ أبي أن عقاربها توقفت.

قال: “سأصلحها حين يطول الظهر”،

لم يدرك أنها تقيس عمري،

لا الزمن.

 

(3)

 

وضعتُ كفي على المرآة،

ظنَّت أختي أن الزجاج متّسخ.

قالت: “سأنظفه إذا جف الصابون”،

لم تعرف أن ما يذوب فيها،

هو أنا.

 

(4)

 

أومأتُ إلى نافذةٍ تمطر،

حسبَ جدي أن زجاجها مكسور.

قال: “سأرقّعه قبل أن يبرد الجو”،

لم يعلم أن الشقوق،

في صدري.

 

(5)

 

أشرتُ إلى كتابٍ على الرف،

ظنّ أخي أن غلافه ممزق.

قال: “سألصقه حين يجف الغراء”،

لم يدرك أن صفحاته،

تساقطت من عمري.

************

عِراقُ الهوى، يا نشيدَ السنينْ

ويا واحةَ الحلمِ بينَ الأنينْ

تناثرْتُ حباً، على ضفّتيكَ

وفيك احتميتُ كطفلٍ حزينْ

 

رُمِيتُ بأوجاعِ هذا الزمانْ

فكنتَ الحنينَ، وكنتَ الأمانْ

بلادٌ إذا ما تنفّسَ صبحٌ،

تفيقُ القصائدُ من كلِّ خانْ

 

أيا نخلةً في مدى الكبرياءْ

ويا شمسَ ماضٍ، ويا وجهَ ماءْ

لَنا فيكَ عشقٌ يجيءُ ويُمضي،

ويُبقي الوفاءَ على الأوفياءْ

 

وإن ضاقَ دربي، لجأتُ إليكْ

وفي سِعةِ الحزنِ، صلّيتُ فيكْ

كتبتُ هواكَ على راحتي،

فلا الموتُ يمحو، ولا الحرفُ يَجدي

 

سلامٌ على كلِّ قلبٍ بكى،

ولم ينثني، واستراحَ لديكْ

وسلامٌ على من أحبّكَ صِدقاً،

فصارَت خطاهُ تُصلّي عليكْ.