يوم الزينة

من المسافة صفر _ د. سلوي حسن صديق

 

كان الوقت مساء .. اللحظات تمر ببطء والهدوء قاتل بعد ان ترك اغلب الجيران بيوتهم بامتعتها وخرجوا نحو المجهول ومابقي منهم يصارع رغبة الخروج ويتعلل لنفسه باشياء ربما لم يدرك خطورتها بعد .
*مع تطور الاحداث اصبحت الحياة ضربا من الخيال المختلط بالواقع.
*تردد لا يمكن حسمه، حياة كانها في قاع الجب.
* في هذا البيت المعني أب مشلول وأم وبنتان كانت حياتهم مما يتمناه الأهل الأحبة .
كانوا محل حفاوة الجيرة والاصحاب الكل يتمني أن يحرك عجلة الأب فتاريخه حافل بالعطاء ولكنها الحياة وابتلاءتها.
* جاءت الحرب وجاء معها الخوف والنزوح وقساوة المعتدين.
* إنتظارهم في البيت كان قطعة من نار ولكنه إنتظار لم يطل.
*ذات مساء وقد تعودوا ان يختموا يومهم باكرا خوفا من أن يسترق إليهم الاوغاد السمع..
وبينما الصمت الرهيب يلف المكان سمعوا جلبة غريبة.
*للوهلة الأولى ظنوا أن أحدا ممن تبقي في الحي جاء لإنقاذهم ولكن ماهي إلا ثواني حتى تكشف الامر…يا الله لقد حدث مايخشونه.
إنهم الاعداء بقبحهم وقساوتهم.
*كان المشهد عجيبا ..الأم والبنات كلهن في جانب والأب المقعد في الجانب الآخر من الغرفة و الكل يرتجف.
*في منتصف الغرفة كانا اثنان يحملان على كتفيهما سلاحا مخيفا ، زيهما عسكريا يبدو اكبر منهما .
* إنهما في عمر الشباب ولكن الوجوه غريبة
كل ذلك تبينته الأسرة بعد أن أشهرا إضاءة هاتفيهما في الغرفة، ركز أحدهما الإضاءة علي البنتين بعد جولة خاطفة في المشهد..
* البنتان كفلقتي قمر.. نظر الوغد إلى صاحبه نظرة خبيثة وأشار إليه أن هيت لك.
*ادمعت عينا الأب وهو المعذور، الأم تسمرت في مكانها.
*واحدة من البنتين تسللت سريعا ثم عادت من اتجاه الأب ثم سمع الجميع صرخة اهتزت لها ارجاء الغرفة الفسيحة.
*أضاء (العامي) تلفونه فرأي أخاه مضرجا في دمائه، لم ينتظر لحظة او يتريث..هرول خارجا تتبعه عيون لا ترى فالظلام حالك .
*ثواني وقد تجمدت الدماء وتيبست الحركة والحياة ولكن كل شئ قد إنكشف.. فقد قتلت هذه الخنساء هذا الوغد… ثم ماذا ؟..نسوي شنو؟ قالتها الأم سريعا.
*الإنسان في لحظات الفزع يفعل كل شئ بغريزة البقاء الطبيعية ثم لا يعجزه المخرج.
*خلال لحظات كان الخروج الخروج المجهول ومن أي الأبواب لا أحد يعلم.
*حملت البنتان والدهما كأنه طفل صغير واخذن مع والدتهما يسابقن الريح ليجدن مخرجا.
*في أحد الازقة اضاءت عربة كاشفة وسطع نورها الطويل فيهن فتجمدن مكانهن…وصلت العربة الصالون وفي همس مرتجف تبين لهن انه ود بلد.
*يا الله يا للفرج والرحمة.. ركبوا جميعهم و لكن لم يجرؤ أحد على الحديث ثم بعد المخارجة عبر الازقة قلن لصاحب العربة نحن في عرضك.
*أخذ الشاب يناور يمينا وشمالا ويجتاز الخطر هنا وهناك حتى اوصلهم شارعا رئيسيا.
كان الوقت اقرب لمنتصف الليل قالها الشاب ( ارتاحوا سارتب لكم الخروج ) .
*في الصباح أخذهم إلى صاحب البص السفري والذي اسلمهم إلى أهل تلك القرية فكانوا نعم الأهل والعشيرة..
* عام وبضعة أشهر من الحرب مرت وذكرى ذلك اليوم محفورة في أعماق الأسرة ،لايدرون ماذا حل بالبيت والجاني ويتمنون ان لا تمر تلك اللحظات بخواطرهم الكسيرة.
*رغم فقدان البيت وكل ما تركوه إلا إنهم يشكرون الله كثيرا على نعمة الستر والأمن والأمان فكل شئ غيرها يهون، وقد اصبحوا معافين امنيين في سربهم الجديد ينتظرون سحائب الرحمة ووعد النصر.