الإطارى وصلاح فرج الله

فكرة _عبد العظيم عوض

 

*بداية لابد من شكر سفير تلك الدولة الشقيقة لاستجابته العجلى للصرخة المدوية التي أطلقها صديقنا د. صلاح فرج الله ود أم درمان وحي العباسية العريق ، بعد أن أعيته الحيلة وهداه المرض على إثر رحلة النزوح الشاقة من أم درمان إلى كسلا التي لم يجد فيها غير دار رعاية المسنين ملجأ ومأوى وهو الذي ظل لنصف قرن في حراك دائم بين الجامعات ومعاهد العلم ومنتديات الثقافة والإعلام، ينثر المعرفة والعلم بتواضعه الجم ولطفه وطيب معشره، وهي خصال جُبل عليها وتربى في كنفها حتى صار نموذجا حيا للتواضع ونكران الذات وهو العالم العلَم المثقف النحرير .
*ويبقي السؤال الأهم، لماذا السفير هو الذي تحركه صرخة صلاح فرج الله ، أين أهل هذا البلد الذي طالما تغنى شعراؤه بالكرم والشهامة ، (تقولي شنو وتقولي منو ونحن الساس ونحن ونحن ونحن) ، إن عدم تدخل السفراء في الشان الداخلي للدول من المبادئ العامة المتفق عليها ، لذلك رفضنا تدخل السفراء والسفارات في شؤوننا الداخلية ، والشأن الداخلي هذا يبدأ من ( الاطاري) وينتهي بحكاية صلاح فرج الله.
* ونحن نلوك سيرة السفراء والسفارات التي اوصلتنا للحالة التي عليها نحن الآن ، حالة صلاح فرج الله وغيره من ملايين السودانيين الذين شردتهم الحرب وبهدلتهم وقلبت كيانهم وحياتهم ، ومع ذلك لا يجد صلاح فرج الله عالم الاجتماع والأدب غير أحد سفراء الاطاري لينقذه ويرعاه ليس لأنه كان من أسباب الفاقة التي اوصلت صلاح لهذه الحالة بل لأننا صرنا لا نبالي ولا نهتم ، ولا أدري أن كنا نحن اصلا كدا أم هي الحرب التي صرنا نعلق فيها خيبتنا وفشلنا ، ليس في إدارة دولتنا ورعاية شعبها ، بل حتى في رعاية الملهوف وضيف الهجوع وعابر السبيل.
*بعيدا عن وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي وعن الحكومة كلها ، هذه دعوة لإنشاء صندوق أهلي لرعاية المعسرين، ثم المعسرين الجدد الذين قذفت بهم هذه الحرب اللعينة إلى دور النزوح الإيواء وكانوا بالأمس فقط من منارات المجتمع مثل صديقنا بروف صلاح فرج الله. *هذا الصندوق القومي الإنساني تجمع أمواله من أبناء السودان المنتشرين في بقاع الأرض، والمؤكد أنهم جاهزون لمد يد العون والدعم متى ما وجدوا العون والسند من جهاز إداري يتولى هذه المهمة النبيلة باعجل ماتيسر.
*ولتكن صرخة صلاح فرج الله هي بداية النهاية لمثل هذه المآسي التي تحيط الآن ببلدنا ، فنحن أولى واجدر بهذه المهمة الوطنية العظيمة من السفراء الأجانب ، لأن لا فرق بين تدخل السفير في شاننا السياسي الداخلي ومثل هذا الشأن الإنساني وحالة الرجل النبيل صلاح فرج الله .