قصة محمود مع أسوأ كارثة في العالم(٢-٢)

ضل الحراز _ بقلم :علي منصور

*محمود يمتلك أسلوبه الخاص وصوته المتميز ولا يقلد كاتبا آخر فهو من طينة العباقرة الذين لا يولدون بل يصبحون كذلك عن طريق العمل اليومي الدؤوب والمثابر على مدى فترة طويلة من الزمن والإصرار على تحقيق الأهداف
ورغم البعاد لم نكن بعيدين عن إحتفائيته بكتابه الذي سجل بين صفحاته وسطوره شهادته للتاريخ وعادة حينما يكتب تقرأ بين سطور مقاله اسفار تاريخية معلومات ثرة تكنيك ابداعي أقرب لكتاب الادب.
*هذا الكتاب عبارة عن وثيقة تاريخية سجلت بعيون مراقب بعيون متفتحة فلا احد ينكر أهمية التوثيق التاريخي في مختلف الأزمان فكل الأمم المتطورة تقيم من أجله المكتبات الخاصة والمراكز والمتاحف وتختار لأجله المتخصصين في مجال التوثيق والتحليل والتمحيص وتزوّدهم بكل احتياجاتهم الفنية والإدارية لأن لديها قناعة راسخة أن التوثيق هو صورة واقعية وحيّة لتاريخ الأمم الاقتصادي والتعليمي والسياسي والاجتماعي،
*في كل بلد يبرز نفر من الباحثين والمختصين مثل محمود يهتمون بتوثيق تاريخ بلدناهم بكل تفاصيلها وحيثياتها الدقيقة ويؤرخون فيها عادات وتقاليد ومهن تمارس في مجتمعاتهم ولا يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا وثقوها في كتبهم البحثية والتوثيقية المعتبرة لتستفيد منه الأجيال على مر العصور والأزمان من خلال قراءتها لتاريخها بتأمل وعمق ومناقشته مناقشة جادة بعيدة عن كل المؤثرات النفسية السلبية لتتجنب سلبياته وتستفيد من إيجابياته فالأمم التي لم تقرأ تاريخها أو أنها لم تقرأه بوعي تراها تتخبط في سلوكياتها الحياتية وتعيد أخطاء أسلافها الذين سبقوها من حيث لا تدري.
*قد يقول قائل إن تاريخ بعض الأمم لا يكشف بدقة عن حقيقتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية والأدبية لذلك لأن من كتب عنها لم يكن محايداً فالتاريخ من المفترض أن يكون نافذة إلى الواقع الحقيقي لتلك الأمم في أبعادها المختلفة وليس تحريفًا لواقعها، ومن المعروف أن كتابة تاريخ الأمم قد يتخلله الكثير من المعوقات والصعوبات والمواقف الحرجة في المجالات المختلفة ما يعرقل وصولها إلى مبتغاها وبعضها مرّت بظروف قاسية وبحالات محبطة لكن إرادتها في التغيير والتطوير جعلتها تتغلب على كل الصعوبات التي صادفتها في مسيرتها ووصلت في مجالات كثيرة إلى ما أرادت وطمحت إليه في فترات قياسية، فالأمم التي لم تكترث بتاريخها ولم توثقه بالشكل الصحيح ولم تذكر الأسباب المحفزة للتقدم والتطور ولم تتطرق لأنواع المحبطات التي كانت تمارس ضدها في أزمان متتالية بقيت تهرول في مكانها من دون أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام وفي أحايين كثيرة تتراجع وتتقهقر إلى الوراء وكأن ليس لها تاريخ فلا يوجد دولة في العالم تريد لنفسها مواكبة الدول المتقدمة في مختلف المجالات من دون أن يكون لها مراكز أبحاث ودراسات في كل المجالات لذلك علي اجهزة الدولة ايلاء مثل محمود الشين اهتماما كبيراً،.
*لأن الدولة التي لم تهتم بتوثيق تاريخها بصدق ولم تعطه أي اعتبار في استراتيجياتها وخططها المستقبلية والتشغيلية من الصعب عليها أن تكون مواكبة الأمم المتقدمة في مختلف المجالات لا يمكننا أن ننفي وجود طاقات وطنية مبدعة في بلادنا فهي زاخرة بالكفاءات والطاقات البشرية المتميزة فلو أن كل الدولة استثمرت طاقاتها الوطنية استثمارًا حقيقيًا بعيدًا عن الأسماء والعناوين والمحسوبيات والمجاملات وغيرها من الأمور المعوقة للتقدم والنماء ووفرت لهم كل احتياجاتهم في البحث والتحليل والتوثيق لأصبح لهم شأن عظيم في هذا المجال على مستوى العالم أجمع.
*نأمل أن تلتفت دولتنا إلى هذا الجانب المهم لكي تبرز طاقاتها وكفاءاتها وقدراتها البشرية في مجال الدراسة والبحث والتوثيق المبني على أسس علمية رصينة خالٍ من النتواءات والمغالطات والمزايدات التي قد تنتاب العديد من الدراسات والبحوث والتوثيق في بعض المجتمعات الإنسانية كذلك علي وزارة الثقافة والإعلام العمل علي ابراز مثل هذا المنتوج المهم.
*ختاما شكراً صديقي محمود الذي فتح نافذة ليطل عبرها الأجيال عما حدث في دارفور بصدق وأمانة .