تعافي الدبلوماسية السودانية

شئ للوطن

صلاح غريبة

*شهدت وزارة الخارجية السودانية في السنوات الأخيرة سلسلة من التحولات والتحديات التي أثرت بشكل كبير على أدائها ودورها في تمثيل البلاد على الصعيد الدولي. فمنذ انقلاب 2019، تعاقب على الوزارة ستة وزراء، وشهدت فترة حكم حكومة قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) إجراءات أثارت جدلاً واسعاً، بما في ذلك فصل عدد كبير من الدبلوماسيين ذوي الخبرة وإعادة تعيين آخرين.

*وقد شكلت هذه الإجراءات ضربة قوية للدبلوماسية السودانية، حيث فقدت الوزارة كفاءات مؤهلة في وقت كانت فيه البلاد بأمس الحاجة إلى خبراتها. كما أدى تهميش الكفاءات وتسييس العمل الدبلوماسي إلى إضعاف دور الوزارة وجعلها غير قادرة على القيام بواجباتها في الدفاع عن مصالح السودان.

*ومع اندلاع الحرب في أبريل 2023، واجهت الوزارة تحديات إضافية، حيث فقدت مقرها وارشيفها، وتفرق دبلوماسييها في الداخل والخارج. ومع ذلك، بدأت الوزارة في استعادة عافيتها تدريجياً، خاصة بعد تولي السفير علي يوسف الشريف مهام وزير الخارجية.

*فقد عمل الوزير الجديد وطاقم محدود من الدبلوماسيين على إعادة تنظيم الوزارة وإعادة بناء علاقات السودان الخارجية. وعلى الرغم من العقبات الكثيرة، تمكنت الوزارة من تحقيق اختراقات كبيرة في هذا المجال، واستعادة دورها كخط دفاع أول عن مصالح البلاد.

*ومن مظاهر تعافي الوزارة، البدء في ترشيح سفراء ذوي خبرة وكفاءة إلى محطات دبلوماسية مهمة، واعتماد ترقية عدد كبير من الدبلوماسيين الذين تعرضوا للظلم في السنوات الماضية. وتعكس هذه الخطوات حرص الوزارة على استعادة كفاءاتها وخبراتها، وتعزيز قدرتها على تمثيل السودان في المحافل الدولية.

*ومع ذلك، لا يزال أمام الوزارة طريق طويل لتقطعه حتى تستعيد كامل عافيتها. فالحرب المستمرة تفرض عليها تحديات كبيرة، وتتطلب منها جهوداً مضاعفة لإعادة بناء علاقات السودان الخارجية وحماية مصالحه.

*وفي هذا السياق، يجب على الحكومة السودانية تقديم الدعم الكامل للوزارة، وتوفير الموارد اللازمة لتمكينها من القيام بواجباتها. كما يجب على المجتمع الدولي دعم جهود الوزارة في إعادة بناء علاقات السودان الخارجية، والمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.

*وختاماً، يمكن القول إن وزارة الخارجية السودانية بدأت في استعادة عافيتها، وأنها تسير في الاتجاه الصحيح. ومع ذلك، فإن الطريق لا يزال طويلاً، ويتطلب تضافر جهود جميع السودانيين، حكومة وشعباً، لتمكين الوزارة من القيام بدورها كاملاً في خدمة الوطن.