نسيج من الشر

صمت الكلام

فائزة إدريس

*الشر مفهوم فلسفي وأخلاقي يتناول طبيعة السلوكيات والأفعال التي تُعتبر ضارة أو غير أخلاقية. وفي العديد من الثقافات والأديان يُنظر إلى الشر كقوة مضادة للخير، وهو يقف حجر عثرة في التحقيق والسعي لبث الفضيلة ومكارم الأخلاق بين الناس.

*وهنالك البعض من الناس يتطاير الشر من عيونهم، ويتجلى على سحنتهم، إعتادوا على السلوكيات المضمخة بالشر في تفاصيل الحياة المتنوعة، فتخضبوا بها وبات الشر عنواناً لهم ولفظ الحديث في الصحيحين عن حذيفة بن اليمان هو:

(كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بهذا الخَيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ شَرٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، فَقُلتُ: هلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ، قُلتُ: وَما دَخَنُهُ؟ قالَ: قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بغيرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بغيرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ منهمْ وَتُنْكِرُ، فَقُلتُ: هلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ علَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَن أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قالَ: نَعَمْ، قَوْمٌ مِن جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، فَما تَرَى إنْ أَدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ، فَقُلتُ: فإنْ لَمْ تَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إمَامٌ؟ قالَ: فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أَنْ تَعَضَّ علَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ علَى ذلكَ ).

*و‏في وصف دقيق ومُبهر عن الخير والشر وحقيقة الإنسان يقول الكاتب البرتغالي أفونسو كروش:

*لا أستطيع أن أقول عن إنسان أنّه طيب إلا إذا كان لديه القدرة على فعل الشر ولم يفعل. يجب أن يكون لديك الخيارات لتعرف حقًا من أنت.

*ويقول ألبرت أنشتاين العالم مكان خطر جدا للعيش فيه  ليس لكثرة الأشرار فيه بل لصمت الأخيار عما يفعله الأشرار.

وقال أبو العتاهية عن الشر:

الخَيرُ وَالشَرُّ مُزدادٌ وَمُنتَقَصٌ

       فَالخَيرُ مُنتَقَصٌ وَالشَرُّ مُزدادُ

فَما أُسائِلُ عَن قَومٍ صَحِبتُهُمُ

       ذَوي مَحاسِنَ إِلّا قيلَ قَد بادوا

وَلا أُسائِلُ عَن قَومٍ عَرَفتُهُمُ

    ذَوي مَساوِئَ إِلّا قيلَ قَد زادوا

فَالخَيرُ لَيسَ بِمَولودٍ لَهُ وَلَدٌ

       لَكِن لَهُ مِن بَناتِ الشَرِّ أَولادُ

*والغوص فيما يقود إلى الشرور وعدم الحيطة والحذر من العواقب التي تنتج عن ذلك تقود البعض إلى الإنغماس والسير في متاهات متباينة فيضحى من بعد ذلك من الصعوبة بمكان تخير الخيار الأخير في سبل غير ذيك، فيغترفون من وعاء الشر مابقى ومابقوا

نهاية المداد:

وَلا خَيرَ في خَيرٍ تَرى الشَرَّ دونَهُ

        وَلا قائِلٍ يَأتيكَ بَعدَ التَلَدُّدِ

لَعَمرُكَ ما الأَيامُ إِلّا مُعارَةٌ

   فَما اِستطَعتَ مِن مَعروفِها فَتَزَوَّدِ

        (طرفة بن العبد)