أصداء سودانية من داخل معسكرات النزوح بالدبة الفاشر تستغيث والشمالية تفتح احضانها
الدبة – زروق عبدالفتاح- ريم حمد المسلمي:
بعد إرتفاع حدة المواجهات العسكرية بين الجيش ومليشيا الدعم السريع حركة نزوح قاسية تشهدها مدينة الفاشر.
نزحت الآلاف من الأسر من مدينة الفاشر، إلى معسكر أزهري المبارك بالعفاض بمحلية الدبة بالولاية الشمالية ، هرباً من المعارك العسكرية والحصار الجائر الذي فرضته قوات الدعم السريع على سكانها في ظروف بالغة التعقيد مما جعل الحياة مستحيلة في المدينة جراء الوضع الإنساني الكارثي على السكان من حصار طويل (دام حوالي العام ونصف العام تقريبا).
نقص حاد في أدنى مقومات الحياة من مأكل ومشرب وتدهور صحي مريع بجانب تعرض المواطنون لإنتهاكات جسيمة أثناء الخروج من الفاشر
الشوارع امتلأت بالجثث كما تستمر عمليات حرق المنازل مما دفع السكان للفرار حفاظاً على حياتهم
الدبة الملاذ الآمن:
تتواصل تدفقات الفارين من الفاشر نحو الدبة فراراً من الواقع المتأزم في الفاشر حيث وجدت ( الدبة ) كملاذ آمن.
تم استقبال النازحين الجدد كما فتحت معسكرات الإيواء في العفاض.
تبذل لجنة الطوارئ والأزمات بمحلية الدبة والمنظمات الإنسانية والمبادرات المجتمعية جهوداً حثيثة لتقديم العون، لكن الإحتياجات تتزايد بإستمرار مع تزايد تدفق النازحين نحو المخيمات مما يزيد من المشقة حيث وصفها مراقبون بالكارثي.
رئيس لجنة الطوارئ والأزمات بمحلية الدبة يطمئن الشعب السوداني عن وضع النازحين بمخيم أزهري المبارك بالعفاض.
أكد الحسن ابراهيم حامد رئيس لجنة الطوارئ والأزمات أن اللجنة من صميم عملها تهيئة البيئة للنازحين ونحن مستهدفين ثلاثة آلاف وثلاثمائة أسرة وتم نصب ستمائة وخمسين خيمة وبدأنا في نصب خمسمائة خيمة أخرى في إطار توفير الإيواء للقادمين ، وكذلك تم توفير عدد ثلاثمائة ألف وستمائة سلة غذائية وعدد من المستلزمات الأسرية.
وأضاف وصل إلينا حوالي سبعمائة وعشرين أسرة في الضربة الأخيرة للفاشر وعلى مستوى محلية الدبة يوجد اثنين وثلاثين ألف وسبعمائة أسرة من ولايات كردفان ودارفور.
لدينا شراكات مع ديوان الزكاة والعديد من الأعمال الخيرية والمبادرات الإجتماعية ، ومجموعة من التكايا المركزية لوجبتي الفطور والغداء وهناك دعم من الشركة السودانية للموارد المعدنية للتكاية.
كما توجد لجنة للباحثين الإجتماعيين تقوم بإستقبال الوافدين ومن بعدها تبدأ التدخلات بطريقة علمية حتي يتم إمتصاص الصدمة التي تعرضوا لها.
وهنالك لجنة للتسجيل فيها الجهات النظامية والأمنية والمتطوعين لملء الإستمارات والفحص الأمني وبعدها يتم تسليم أي أسرة خيمة.
أمصال العقارب:

وهاد حاج النور نائب رئيس الشئون الصحية بمحلية الدبة قالت نحتاج لأمصال العقارب بصورة عاجلة وتوجد مشكلة كبيرة في جانب الأطراف الصناعية.
كما أن وجود كافة النازحين أسهم في توحيد الخدمات الصحية المقدمة لهم على مستوى وزارة الصحة الإتحادية والولائية والمنظمات الإنسانية
حيث توجد تدخلات صحية في جانب الصحة الإنجابية ، التحصين ومعالجة الحالات الباردة ولدينا جانب علاجي و خدمات التعزيز الصحي
بمخيم أزهري المبارك بالعفاض توجد أكثر من ثمانية عيادات
وثلاثة عيادات ثابتة وهي التأمين الصحي ، صدقات ، ميد قلوبال وكذلك توجد تدخلات من منظمتي عطاش والهجرة الدولية ، تم إستيعاب الكوادر الطبية من النازحين في إطار الدمج والإستفادة المتبادلة.
في الجانب الجراحي توجد مبادرات من مستشفى شاكرين والوفاق القطري ، أما خدمات التعزيز الصحي مقدمة بالتعاون مع ميد قلوبال والتي قامت بتدريب الكوادر من داخل المخيم
نناشد كافة الجهات بضرورة زيادة المرافق الصحية للتخلص من مشاكل التبرز في العراء لأن عدد المرافق لا يتوافق مع أعداد النازحين نسبة للتدخل المستمر..و هنالك حوجة ماسة لأمصال العقارب ، وللثلاجات لحفظها أيضا نحتاج لتدخل في جانب ترحيل الكوادر الصحية كما نحتاج لماكينات الرش والمحرقة الطبية للتخلص بصورة سليمة من النفايات الطبية.
ولدينا مشكلة متعلقة بجانب الأطراف الصناعية لأن المرضى في حوجة لتدخل الإختصاصي وأحياناً يحتاج المريض للسفر للمدن القريبة دنقلا أو مروي.
مدير إدارة التأمين الصحي بمحلية الدبة قال إن الكوادر الطبية العاملة بالعيادة معظمهم من النازحين من الفاشر.
تكملة النواقص:
الأستاذ أحمد بشير عبد الباقي مدير إدارة التأمين الصحي بمحلية الدبة يقول إن العمل يسير بصورة طيبه لتقديم خدمات طبية للنازحين وأن الخدمات تشمل مقابلة الطبيب العمومي والفحوصات المتخصصه والروتينية وإقامة قصيرة وعمليات صغيرة مع الوفرة الكاملة لخدمات الدواء.
وأضاف نسعى في التأمين الصحي بكل جهد لتكملة النواقص بالعيادة الخاصة بالقابلة كما وعد بتقديم أفضل الخدمات للنازحين من مدينة الفاشر.
برنامج الروابط العائلية :
الأستاذ محمد سوار الدهب من جمعية الهلال الأحمررئيس برنامج الروابط العائلية ولم الشمل قال إن برنامج لم الشمل يقدم خدمات شحن الهاتف والإنترنت المجاني وطلبات الفحص وحصر المفقودين حيث بلغ عدد البلاغات عن المفقودين حتى لحظة كتابة التقرير إحدى وثلاثين مفقود منذ حصار الفاشر ونقوم بملء الاستمارة حتى تصل لجمعية الهلال الأحمر وهم بدورهم يقومون بإيصالها لجمعية الصليب الأحمر.
دردشات مع النازحين:

نضال عباس آدم عبدالله نازحة من الفاشر طالبة في المستوى الثالث بكلية المختبرات الطبية ، منذ النظرة الأولى وقبل أن ندلف للحوار سألتني بسرعة مريبة لو إنت باحثة إجتماعية أنا عايزاك وواصلت في القول أنا محتاجة دعم نفسي واجتماعي أنا فاقدة للسند
ثم بدأت تحكي عن نفسها أنا اشتغلت قي مبادرات إنسانية في الفاشر كمبادرات المستشفى الجنوبي في الفاشر لمتنا الفاشر لدعم المرضى والمرافقين وجيت واصلت من الدبة أول مرة اعرف معنى كلمة تكايا ووجدتها عادة جميلة جداً وصلت بحالة يأس لم أتوقع أن اكمل حياتي بعد فقد الوالد في الأحداث الأخيرة الفاشر في سوق نيفاشا في رمضان أقدمت بكل تفاني لخدمة الأهالي في الفاشر لأنني اشعر بما يشعرون به نعمل حالياً في إجراء فحوصات الملاريا والتايفويد لكل المقيمين بالمخيم.
النازحة مقبولة يحيى أحمد تقول نهب منا كل ما نملك ولم أخشى على شيء سوى بناتي الستة لأن رحلتي كانت طويلة من نيالا حتى زمزم ثم بعدها إلى طويلة وهي المكان الذي توفرت فيه سبل الوصول إلى الدبة بطريقة أفضل حيث وجدنا عربة نقلتنا بصورة أفضل.. ولا تزال تفاصيل المكان في ذاكرتي واشتاق لدارفور أنا مرتبطة جداً بهذا المكان.
نعمة عبد الباسط مساعد طبيب وجدناها تبكي رفقة جيرانها في الخيام ، لحظات التلاقي بعد انقطاع لم تكن لحظات عادية بل لحظات فارقة تترجمها فقط الدموع والأحضان، نعمة قالت إن حصار الجوع كان أشد ألما ، لم يعد في الإحتمال أن نصبر على هذه المشقة أكثر من ثلاث أعوام ، خرجنا جوعى من الفاشر حتى وصلنا قرنة ثم طره وبعدها وجدنا وسيلة مواصلات
تركت زوجي الذي يعمل بقوات الشرطة محاصر في الفاشر
لا نملك له سوى الدعاء.
الشباب الذين كانوا برفقتنا منعوا من الخروج من الفاشر ولدي إبن عمي طلبت منا قوات الدعم السريع ثمانية مليار فدية لإعتقادهم أنه يعمل بالقوات المسلحة.
رغم أن تكلفة الخروج من الفاشر 500 ألف ومجمل قيمة الرحلة تقدر بخمسة مليار ولا زالت تكلفة السفر في ازدياد.
عندي وصولي الولاية الشمالية شعرت لأول مرة منذ إندلاع الحرب بالإطمئنان والسكينة، حيث كان الإستقبال حاشد دهشت بهذا الجمال الذي وجدته بمخيم أزهري المبارك بالعفاض، جاءتني صورة السودان الوطن.