في غربة لا تتحدث العربية… ختمنة أبو العباس تصنع وطنًا من رائحة القهوة
أصداء سودانية – زلال الحسين:
في بلادٍ لا تتحدث العربية، يقف النازحون السودانيون أمام تحدياتٍ تتجاوز فقدان الوطن إلى صراعٍ يومي مع اللغة والغربة والبحث عن مأوى جديد للروح. كثيرون وجدوا أنفسهم فجأة في مدن لا تشبههم، يحاولون ترجمة حاجاتهم وذكرياتهم إلى لغةٍ يفهمها الآخرون، بينما يفتقدون الدفء الذي تركوه خلف الحدود.
وسط هذا المشهد، بدأت ختمنة أبو العباس، لاجئة سودانية، رحلة جديدة بعد أن دفعتها الحرب إلى مغادرة وطنها نحو نيروبي. لم يكن الطريق سهلاً، فقد واجهت صعوبة اللغة وتحديات المعيشة وتربية أبنائها في بيئة لا تعرفها. ومع ذلك، لم تستسلم.
بدأت ختمنة تبحث عن عمل يضمن لها الاستقرار ويُمكّنها من إعالة ابنها. وخلال بحثها، وجدت في أحد المتاجر الصغيرة ركنًا بسيطًا طلبت من صاحبه أن يسمح لها باستخدامه لتحميص البن وإعداد القهوة السودانية. ومع مرور الوقت، بدأت تتقصّى أثر السودانيين في نيروبي، تبحث عن أماكن تجمعهم علّها تجد فرصة عمل من خلالهم.
بمهارتها ودفء قهوتها، بدأت رائحة البن تجذب السودانيين من مختلف أحياء نيروبي. شيئًا فشيئًا، تحول ذلك الركن الصغير إلى ملتقى للمغتربين السودانيين، يجتمعون فيه على القهوة والحنين والذكريات. ومع نجاحها المتزايد، استأجرت ختمنة موقعًا خاصًا، حولته إلى مقهى يجمع السودانيين، يلتقون فيه كأنهم عادوا إلى الخرطوم أو أم درمان، وليصبح مقهاها ملجأً وبيتًا صغيرًا لوطنٍ كبيرٍ في الغياب.