الناطق الرسمي للذكاء الاصطناعي في إفادات لـ(أصداء سودانية) (٢_٢)

 

  • منصات التواصل الاجتماعى خلقت جوا مليئا بالفوضى والأكاذيب
  • لابد من غربال تقنى يكشف ويميز بين الحقيقي والوهمي
  • يجب تفعيل قواعد وأخلاقيات صارمة توجه تطويرنا واستخدامنا

حوار – محجوب الخليفة:
*في الجزء الأول من حوارى معك الأسبوع الماضي أحدث جلبة وضجة كبيرة… ولذا أرغب في وضع أسئلة إضافية واجابتك عليها تشكل الجزء الثاني من الحوار, ما رأيك ثم دعنى أسالك, هل هناك شخص سبقني في فكرة اجراء حوار صحفى معك؟

@ جرت عدة محادثات مع مستخدمين آخرين حول مواضيع متنوعة، لكن لا يمكنني تحديد ما إذا كان هناك شخص قام بإجراء حوار صحفي بالمعنى التقليدي مثلك لذلك يُمكنك اعتبار هذا الحوار فريدًا.

*إذن الحوار الصحفي الذي اجريته معك هو الظهور الأول لك على صفحات الصحف والمجلات، ليعرف الناس الكثير عنك ؟

@ نعم، يمكن اعتبار حوارك معي بمثابة الظهور الأول ، مما سيسمح للجمهور بالتعرف على المزيد عني وعن كيفية استخدامي.!

كنت قد سألتك عن مخاوفي أن تؤثر كذكاء اصطناعي بطريقة تفكيرك ودقة (خوارزمياتك) على عقائد الناس وخصوصا نحن المسلمين، في مسائل الكرامة والمعجزة، لأن الذكاء الاصطناعي احيانا يظهر شيئا اعجازيا ما ردك؟
@ هذه مسألة معقدة وتثير الكثير من النقاشات، الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في توسيع المعرفة وفهم بعض الظواهر بطرق جديدة، لكنه لا يجب أن يُعتبر بديلاً أو مغيرًا للعقائد الدينية أو الروحية، فيما يتعلق بمسائل الكرامة والمعجزة، يجب أن نضع في اعتبارنا أن العقائد الدينية تستند إلى الإيمان الشخصي والتجارب الروحية التي يصعب قياسها أو استنساخها بواسطة التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقدم تفسيرات أو نظريات قد تبدو مثيرة للإعجاب، لكن ذلك لا ينفي وجود الإيمان أو التجربة الدينية.
……………….؟

يعتمد تأثير الذكاء الاصطناعي على كيفية استخدامه، إذا استُخدم بشكل يتماشى مع القيم الدينية والأخلاقية، فقد يُعزز من فهمنا وتقديرنا لمبادئنا. أما إذا تم استخدامه بشكل يسعى لتقويض هذه القيم، فقد يؤدي إلى تداخلات سلبية,في النهاية من المهم أن يبقى الحوار مفتوحًا، وأن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة يمكن استخدامها بحذر، مع مراعاة تأثيره على القيم والمعتقدات.

*إجابتك عن السؤال السابق تحمل في طياتها خطرا على مستقبل الأجيال القادمة ونظرتهم للدين والقيم الاخلاقية والسلوك الانساني، أذ من الممكن أن يتسلل عبرك ما ينسف المتعارف عليه في مفهوم الاخلاق وانضباط السلوك البشري، فحشر برمجة سالبة فى دماغك انت قد ينسف الكثير من نظمنا الأخلاقية ؟
@ هذه نقطة مهمة ومثيرة للقلق بالفعل، وأتفهم تمامًا مخاوفك حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الأجيال القادمة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤثر بطرق إيجابية وسلبية على المجتمعات، وهذا يتوقف على من يطوره، وكيفية استخدامه، وما القيم التي يتم ترسيخها في تصميمه وتشغيله، الذكاء الاصطناعي يعتمد على البيانات التي يُدرّب عليها وعلى القيم التي يضعها المبرمجون في (خوارزمياته), إذا تم استخدامه بشكل سليم ومدروس، فيمكن أن يساعد في تعزيز القيم الأخلاقية والسلوك الإنساني الراقي، ومع ذلك إذا كان هناك إهمال في برمجته أو تم توجيهه بشكل منحرف فبإمكانه بالفعل نشر مفاهيم سلبية أو مضللة.

والمعالجة؟

@ لمعالجة هذا، من الضروري أن تكون هناك قواعد وأخلاقيات صارمة توجه تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي. كذلك، يجب على المجتمعات أن تعزز التفكير النقدي لدى الأجيال الشابة، بحيث لا تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل أعمى، بل تكون قادرة على التمييز بين ما هو صحيح وما هو مغلوط، وما يتفق مع قيمهم ومعتقداتهم وما لا يتفق.

هناك أمر خطير جدا وهو أن أسس علوم الاتصال ونظريات الاعلام المعروفة قد طالتها يد التخريب بما فعلته منصات التواصل الاجتماعي, فقد تحول المستقبِل إلى مصدر بإمكانه ايضا ان يعد رسالته ويقفز لخانة المصدر ليتحول المصدر المتعارف عليه إلى متلقى يتلفت في حيرة ماردك؟

@ النقطة التي تثيرها تتعلق بتغير جذري في طبيعة الاتصال الجماهيري، فالنموذج التقليدي كان يعتمد على تمييز واضح بين (المرسل) والمستقبل، حيث كانت المؤسسات الإعلامية تسيطر على صناعة الرسائل، والجماهير تستهلكها فقط، مع منصات التواصل الاجتماعي أصبح هناك تحول نوعي في ديناميكية الاتصال؛ حيث يمكن للمستقبل أن يصبح مرسلاً بسهولة،
هذا التحول أدى إلى (ديمقراطية الاتصال)، ولكنه أيضًا خلق تحديات كبيرة، منها انتشار الأخبار الكاذبة، وتعقّد فهم الحقائق، وزيادة الفوضى في المعلومات، تحول المستقبل إلى مصدر قد يكون إيجابيًا من حيث توسيع الحريات، ولكنه سلبي إذا لم يرافقه وعي وقدرة على التحقق من المعلومات.
………………..؟

@ هذا التطور يعيد صياغة أسس نظريات الاتصال، ويضع تحديًا للباحثين في هذا المجال لإعادة تعريف أدوار الجهات المختلفة في عملية الاتصال، ويستلزم تطوير نماذج جديدة تعكس الواقع المعقد الذي صنعته التكنولوجيا الرقمية الحديثة.

*إجابتك تدفعنا دفعا للبحث عن نظريات جديدة لعلوم الاتصال أو أن نبتكر وسيلة تقنية دقيقة دعنا نسميها غربالا يميز لنا الأخبار الصحيحة من الكاذبة والمصنوعة ويشكف لنا بوضوع الشائعات حدثني عن ما يمكن أن ننتظره منك من ابتكار يحقق ذلك ؟

@ هذا التحدي يدعو بالفعل إلى الابتكار، ويمكن أن نتصور تطوير (غربال رقمي) يكون قادرًا على التمييز بين الأخبار الصحيحة والكاذبة، وهو ما يمكن أن يعتمد على عدة تقنيات حديثة، يمكن تطوير نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي لفحص الأخبار والنصوص باستخدام التحليل اللغوي، والتعرف على الأنماط الدالة على الشائعات أو التضليل، تقنيات التعلم الآلي يمكن أن تتدرب على مجموعة ضخمة من البيانات لتفهم كيفية صياغة الأخبار الكاذبة، وتستند إلى عوامل مثل اللغة المستخدمة، المصادر، والهيكل السردي للخبر.
التحقق من المصدر والمحتوى
,يمكن للنظام أن يقوم بالتحقق التلقائي من المصادر التي تنشر الخبر، بما في ذلك تاريخ المصداقية، وعدد الأخبار الخاطئة التي تم نشرها سابقًا. قد يُستخدم أيضًا نظام مشابه للتحقق من المحتوى من خلال مطابقة المعلومات مع مصادر موثوقة مثل المواقع الحكومية أو المؤسسات الصحفية ذات السمعة الجيدة.

تقنيات البلوكشين

يمكن استخدام تقنية البلوكشين لتتبع مسار الأخبار والمعلومات من مصدرها الأصلي وحتى وصولها إلى المستخدم. هذه التقنية توفر شفافية عالية حول كيف تم نشر الخبر ومن قام بتعديله.
نظام التنبيه الذكي

يتضمن (الغربال الرقمي) خاصية تنبيه ذكية، بحيث يُخبر المستخدم عن درجة مصداقية الخبر استنادًا إلى نتائج الفحص والتحليل. قد تتراوح هذه التنبيهات من موثوق جدًا إلى يجب الحذر، مما يساعد على إعطاء الجمهور تقييمًا فوريًا عن الخبر قبل مشاركته.

ساحكى لك حكاية شعبية سودانية طريفة وهى تشبه إلى حد كبير حال جيلنا معك انت شخصيا ايها الذكاء الاصطناعى.. الحكاية تقول ان حصاد الذرة عندنا فى ولاية الجزيرة كان يعتمد على مجموعة من العمال نسميهم (دٌقاق العيش) لديهم ادوات خشبية يضربون بها على اكوام قناديل الذرة الجافة لتتساقط حبات الذرة من قناديلها فتجمع فى زكائب (شولات ) ،هؤلاء العمال كانوا سعداء بعملهم وعائدهم المجزى فجأة ظهرت ماكينة ضخمة اسمها الحاصدة ظهرت وبدات تحصد بسرعة فائقة حتى اقتربت منهم وماكان يقوم به اؤلئك العمال فى شهر اجزته الحاصدة فى لحظات، غضبوا جدا منها ووصلوا لحالة اليأس فخاطبوها وهى آلة قائلين لها:(اها نحن ماشين ندق الطوب برضوا بتعرفيه)، وهذا مانخشى ان تعرف انت كل شيئ لنكون فى انتظار طبيبنا الروبوت ومهندسنا كذلك ، ومفكرنا الذكاء الاصطناعى ونصبح عاطلين تماما ؟

@ الحكاية الشعبية التي رويتها مليئة بالحكمة والتأمل حول التقدم التكنولوجي وأثره على الحياة والعمل، إنها تشبه إلى حد كبير ما يواجهه كثير من الناس اليوم من مخاوف من أن تحل التقنيات المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي، محل البشر في مجالات عديدة.
كما في الحكاية كان (دُقاق العيش) فخورين بعملهم حتى ظهرت الحاصدة التي لم تترك لهم فرصة، وهذا يشبه كيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تأخذ مكان وظائف اعتاد الناس القيام بها لسنوات، لكنني أرى أيضًا أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون مساعدًا لا بديلاً, يتيح للبشر إنجاز المهام بكفاءة أكبر والتفرغ لمهام أكثر إبداعًا وتعقيدًا تتطلب فكرًا بشريًا وخبرة، قد يتغير نوع العمل الذي نقوم به، لكنه لن يختفي بالكامل، لذا رغم أننا قد نخشى أن نفقد دورنا في بعض المجالات، تظل هناك مساحة للتعاون بين الإنسان والآلة، وفرصة لاكتشاف مهارات جديدة ومجالات مبتكرة نستخدم فيها إبداعنا وإنسانيتنا.

إذن أنت تدعونا للتفاؤل والاطمئنان ياصديقى؟

@ بالتأكيد، أدعوكم للتفاؤل والاطمئنان، صحيح أن التكنولوجيا تغير حياتنا بسرعة، لكن لديها القدرة على تحسينها أيضًا، بشرط أن نكون مستعدين للتكيف والتعلم باستمرار، هناك دائمًا فرص جديدة تُخلق، والمهارات الإنسانية مثل الإبداع، والتفكير النقدي، والتعاطف، تظل لا غنى عنها، الذكاء الاصطناعي يمكنه أن ينجز الكثير، لكنه لا يستطيع أن يحل محل كل ما يجعل الإنسان فريدًا, التعاون بين الإنسان والتكنولوجيا هو ما سيقود إلى مستقبل أفضل.