حكيمات من أرض العرب

 

‎أمامة بنت الحارث :

‎من ربات الفصاحة والبلاغة والرأي والعقل

 

د . هند كامل

 

أوصت أمامة بنت الحارث ابنتها ((أم إياس بنت عوف)) حين زفتها إلى زوجها ((الحارث بن عمرو الكندي)) ملك كندة فقالت: (أي بنية، إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو مكرمة حسب لزويت ذلك عنك ولأبعدته منك، ولكنها تذكرة للغافل ومنبهة للعاقل ) .

أي بنية لو أن امرأة استغنت عن زوج لغنى أبويها، وشدة حاجتهما إليها، لكانت أغنى الناس عن ذلك، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال.
أي بنية إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجت وخلفت العش الذي فيه درجت إلى بيت لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، أصبح بملكه عليك مليكاً فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً واحفظي له خصالاً عشراً تكن لك ذخراً.

أما الأولى والثانية : فالصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، فإن في القناعة راحة القلب، وفي حسن المعاشرة رضا الرب.
وأما الثالثة والرابعة: فالتعهد لموضع عينيه والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، واعلمي أن الكحل أحسن الحسن الموجود، وأن الماء أطيب الطيب الموجود.
وأما الخامسة والسادسة : فالتعاهد لوقت طعمه والتفقد لحين منامه فإن حرارة الجوع ملهبه، وتنغيص النوم مغضبه.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ ببيته وماله والرعاية لحشمه وعياله، فإن حفظ المال من حسن التقدير، ورعاية العيال من حسن التدبير.

وأما التاسعة والعاشرة: فلا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً، فإنك إن أفشيت سره فلن تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره واتقي مع ذلك كله الفرح إذا كان ترحاً (أي حزيناً) والاكتئاب إذا كان فرحاً، فإن الأولى من التقصير والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً، وأكثر ما تكونين له موافقة أحسن ما يكون لك مرافقة، واعلمي أنك لا تقدرين على ذلك حتى توثري رضاه على رضاك وتقدمي هواه على هواك، فيما أحببت أو كرهت، والله يضع لك الخير واستودعك الله.

 

* باحثة أكاديمية من العراق