بنهب وتدمير المليشيا لمصادر الطاقة كارثة العطش تهدد (50) قرية
- كارثة العطش تهدد (50) قرية بمشروعي السوكي والرهد
- المليشيا تنهب وتدمر مصادر الطاقة وطلمبات الديزل
- تأثر كل حوض الرهد بالعطش ووضع المزارعين بود تكتوك يُدمي القلب
- خروج كل المواخير بالأقسام من الأول للعاشر ولا بد من إعادة الكهرباء للطلمبات
تحقيق- التاج عثمان:
الجرائم التي إرتكبتها مليشيا الدعم السريع المتمردة في حق هذا الوطن كثيرة لا تحصى ولا تعد لكن أخطرها إستهدافها للمشاريع الزراعية ونهبها الآليات الزراعية من جرارات وحاصدات بجانب أنظمة وطلمبات الري.. تصرفات هذه المليشيا الآجرامية المقصودة والممنهجة تسببت في كارثة عطش يعاني منها الان سكان 50 قرية بمشروعي السوكي والرهد.. المحاصيل الزراعية والآف قطعان الماشية أصبحت مهددة بالموت عطشا.. التحقيق التالي يكشف تفاصيل هذه الكارثة المنسية
تعطل محطة الكهرباء:
معلوم أن المواطنين بقرى مشروع الرهد الزراعي والفاو ومشروع 44 ود تكتوك والقرى التابعة لمشروع الوفاق الزراعي وجزء من ولاية القضارف يعتمدون في مياه الشرب وسقيا حيواناتهم وري مزروعاتهم على ترعة الرهد والتي تتغذي بالمياه من النيل الأزرق بواسطة محطة طلمبات الرهد الموجودة على الضفة الشرقية للنيل الأزرق قبالة مدينة سنجه حاضرة ولاية سنار، ومنها تمتد الترعة لمسافة 100 كيلو لتصل مشروع الرهد الزراعي، والقرى التي تجتازها الترعة المذكورة يعتمد أهلها إعتمادا كاملا في شربهم وسقيا حيواناتهم على المياه التي تنساب عبر ترعة الرهد.
وبسبب عبث مليشيا الدعم السريع بأنظمة الري ونهب الطلمبات، تعطلت محطة الكهرباء فأصبحت طلمبات ضخ المياه متعطلة، ونتيجة لذلك أصبح مشروع الرهد الزراعي يعاني الأمرين، سكان القرى وحيواناتهم يعانون من كارثة عطش قاتلة غير مسبوقة, حيث توقف ضخ المياه وخروج كل المواجر بالأقسام من الأول حتى العاشر, والموقف ينذر بالخطر وكارثة حقيقية سوف تعاني منها كل منطقة حوض الرهد ومعظم قرى المشروع، وسوف يمتد الخطر حتى مدينة الفاو, والحل يكمن في تشغيل طلمبات مينا الشريف حتى ولو تم تشغيل طلمبتين فقط مؤقتا لتوفير مياه الشرب للمنطقة للإنسان والحيوان, وبالطبع الخطر يهدد المحاصيل الزراعية فهي الان تعاني من العطش ومصيرها المحتوم (الموت) لكل المساحات المزروعة بمشروع الرهد.
من المسؤول؟:
مصدر فني يعمل بالمنطقة ــ فضل حجب إسمه ــ يضيف المزيد من المعلومات المؤلمة حول هذه القضية بقوله:
سيستم نظام الري بمشروع الرهد الزراعي يعتمد على نظام دقيق لمستوى مياه الري عبر ترعة الرهد الرئيسية التي تأتي بالمياه من النيل الأزرق، لتنزل في أحواض ترسيب ومنها لصهاريج تشرب منها كل القرى بالمنطقة مياه صحية ونقية.. ونفس الوضع ينطبق على مشروع السوكي الزراعي ولديه محطات على النيل الأزرق بالقرب من مدينة السوكي تبعد منها بنحو 5 كيلومترات، والترعة تمتد 44 كيلو حتى تصل بداية مشروع 44 ود تكتوك، بعدها تمتد لتغطي مشروع السوكي الزراعي، وكل القرى الواقعة في المشروع تعتمد في الشرب على مياه الترعة.. والإشكالية الماثلة اليوم توقف المحطة عن العمل بسبب عدم وجود كهرباء ما تسبب في إعاقة محطة 44 ود تكتوك عن العمل, ونفس الحال ينطبق على المحطات الموجودة بمنطقتي أبو البنات والسوكي التابعة لمشروع الوفاق الزراعي، علما ان كل القرى الموجودة هناك تشرب من ترع الطلمبات.. ومليشيا الدعم السريع هي المسئولة عن عطش تلك القرى وحيوانات المواطنين بنهبها لمصادر الطاقة والأجهزة التشغيلية مثل الطلمبات التي تعمل بالديزل، فأصبح الحل الوحيد ان تأتي المياه من النيل الأزرق, والوضع الأن بتلك القرى (كارثي) بحق وحقيقة، حيث ان القري ليس لديها مصدر آخر لمياه الشرب سوى النيل الأزرق إلا أن القرى تبعد عنه بنحو 50 ــ 60 كيلو، ومن لا يملك وسيلة لنقل المياه فسوف يعاني العطش، وحتى من يملكون عربات فهي من غير فائدة لإنعدام الوقود والذي تم نهبه ايضا بواسطة المليشيا.
أهل القرى:
عدد من مواطني القرى العطشى إتصلوا بـ(أصداء سودانية) وكشفوا المزيد من تفاصيل هذه الكارثة المائية منبهين: الوضع بالقرى كارثي وسببه الرئيسي عدم وجود الكهرباء حيث ان كل الطلمبات تعمل بالتيار الكهربائي, ومن الأسباب أيضا ان حكومة الولاية لا تعي ان ولاية سنار تمثل السودان كله وليست حكرا على سنجه وسنار فقط.. فولاية سنار تسقي مشروع الرهد الزراعي بولاية القضارف, وننبه وندق ناقوس الخطر ان وضع المزارعين في تكتوك يُدمي القلب، لأنهم يعانون من العطش وليس لديهم مياه لبعدهم من النيل الأزرق.. وكارثة العطش تهدد أيضا كل قرى شاشينا بولاية سنار جميعها تعاني الان من العطش، بجانب قرى: (السوكي ــ ود سلمان ــ حلة البير)، وهناك أكثر من 50 قرية تعاني الان من العطش فأهل تلك القرى لا يملكون عربات لنقل المياه من النيل الأزرق، وحتى لو نجحوا في جلبها فليس لديهم صهاريج لحفظ المياه.. وكل حيوانات القرى تعاني أيضا من العطش.. وإذا لم يتم تدارك هذه الكارثة فإن سكان تلك القرى سوف يموتون مع حيواناتهم من العطش, وعبر صحيفة (أصداء سودانية) نرسل إستغاثة عاجلة للمجلس السيادي، ووالي ولاية سنار، وإدارة الكهرباء بالمركز والولاية، فتشغيل طلمبات مشاريع الرهد والسوكي والوفاق ليس برفاهيه، ولا يخص الزراعة وحدها، بل أصبح الامر سقيا لآلاف البشر المنتشرين بأكثر من 50 قرية, فالوضع خطير، ومسألة حياة او موت.
أخيرا:
بينما كنت في ختام توضيب هذا التحقيق الصحفي، كنت أعلم ان هناك جهودا مُضنية تبذل من المهندسين والفنيين بهيئة كهرباء ولاية سنار لعودة التيار الكهربائي لمدينتي سنجه والسوكي وبالتالي لطلمبات مشروع السوكي الزراعي ومحطة مينا الشريف.
والحمد لله نجح تيم هيئة الكهرباء ولاية سنار بتغذية عدد من المحولات والتي تغذي عدد من محطات المياه منها: الحي الجنوبي، جزء من أحياء الرحمة والنصر، والجنوبي.. كما تم تشغيل محول داخلية النجومي، ومكاتب محلية سنجه، وإدارة التربية والتعليم، ومحطة مياه حي الإشلاق، ومطبعة سنجه، والأهم عودة التيار الكهربائي للدواء الدوار ما يتيح له إستقبال الادوية، بجانب الأحياء الجنوبية والسوق الشعبي, وقبلها تم إصلاح العطل بالمحطة الرئيسية وبالتالي عودة التيار الكهربائي للخط الساخن الإستراتيجي الذي يغذي الوزارات ومستشفى سنجه التعليمين ومستشفى الكلى, وبهذا خرجت سنجه من الظلام الحالك الذي عانت منه لأكثر من 7 شهور منذ دخول مليشيا الدعم السريع في 29 نوفمبر 2024، وهو إنجاز غير مسبوق لكل العاملين بهيئتي كهرباء ومياه سنجه الذين ظلوا يعملون في ظروف صعبة وبإمكانيات ضعيفة.