آخر الأخبار

(أصداء سودانية) تحاور خبير القانون الدولي عثمان عبد الله هاشم حول قضية السودان ضد الإمارات.. (2 ـ 2):

  • حصر السودان للقضية في الإبادة الجماعية للمساليت دون الجرائم الأخرى يعود لأسباب قانونية بحتة
  • 4 بروفيسرات من الخبراء العالميين في القانون الدولي ضمن الفريق السوداني بمحكمة العدل الدولية
  • ما هو الإجراء القانوني إذا إمتنعت الإمارات الإنصياع لقرار المحكمة في حالة إدانتها؟
  • المحكمة: إدعاء الإمارات عدم تقديم الفريق السوداني دليلا مقنعا على دعم الإمارات للدعم السريع كلام عمومي يحتاج لتفاصيل

حوار ــ التاج عثمان

يتابع الملايين من السودانيين بإهتمام وترقب قضية حكومة السودان ضد الإمارات والتي تنظر فيها حاليا محكمة العدل الدولية بلاهاي الهولندية.. فما هي الحيثيات المحورية لهذه الدعوى القضائية الشهيرة؟.. ومن هم الخبراء القانونيين الدوليين الذين يترافعون عن السودان؟ .. وبماذا وصف قضاة المحكمة رد الوفد الإماراتي على الوثائق والمستندات والأدلة التي قدمها السودان للمحكمة؟.. وهل تتجه المؤشرات الأولية للقضية في صالح السودان؟.. (أصداء سودانية) توجهت بهذه الأسئلة وغيرها للأستاذ عثمان عبد الله هاشم المحامي الخبير في القانون الدولي عبر هذا الحوار

*لنبدأ الحلقة الثانية من الحوار بسؤال أراه مهما ويحتاج لتفسير او إضاءة حوله وهو: لماذا حصر السودان في الدعوى التي قدمها لمحكمة العدل الدولية في الإبادة الجماعية للمساليت وحدهم وتجاهل جرائم الإبادة الجماعية الأخرى التي إرتكبها الدعم السريع بالتواطؤ مع دولة الإمارات، على سبيل المثال جرائم الإبادة الجماعية التي إرتكبها الدعم السريع بقرى شرق الجزيرة بعد تحرير عاصمة الجزيرة ود مدني.. كما تجاهلت الدعوى تدمير ونهب ممتلكات المواطنين والبني التحتية للدولة السودانية، لأنها ترتبط بمطالبة حكومة السودان تعويض المتضررين من الفاعلين المشتركين في هذه الجريمة وهما الدعم السريع ودولة الإمارات؟.

ــ سؤال ممتاز أشكرك عليه، وأجيب عليه بالآتي: موضوع القضية المقدمة من السودان امام محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات هو: (الإبادة الجماعية لقبيلة المساليت)، دون الجرائم الأخرى، وذلك يعود لأسباب قانونية بحتة.. فالإبادة الجماعية جريمة معترف بها دوليا، وهذا يعني ان قانون مكافحة الإبادة الجماعية ملزم لجميع الدول، وهي من الجرائم الخطيرة المعاقب عليها دوليا، وهي نادرة ما ترتكب وتكتمل أركانها واوصافها مقارنة بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

ومصطلح (إبادة جماعية) إبتكره المحامي البولندي اليهودي رفائيل ليمكين في وصف يهود أوروبا، وهو ما يعرف بـ(الهولوكست)، واستخدم لأول مرة من قبل عدد من المدعين العامين في المحكمة العسكرية الدولية التي إنعقدت في 1945 ــ 1946 ضمن لائحة الإتهام التي وجهوها إلى الزعماء النازيين، وتم الإعتراف بها كجريمة دولية عام 19348 حينما وافقت الأمم المتحدة عليها كإتفاقية مكتوبة عرفت بإسم: (إتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية) المعاقب عليها”.

*نعلم أن حكومة السودان إستعانت في القضية بمحامين أجانب مشهورين على النطاق العالمي.. فمن هم؟ وما هي مهمتهم بالتحديد؟

ــ أجل، قام السودان بتكليف أربعة محامين من الخبراء العالميين في القانون الدولي، الأول هو البروفيسور النرويجي الجنسية (أروك)، والذي قدم سردا لبينات ووقائع الدعوى بإحترافية ومهنية عالية.. والثاني هو البريطاني (وود ويرس)، ومهمته تقديم الجزئية المتعلقة بإختصاص المحكمة في نظر الدعوى.. والثالث هو البروفيسور البلجيكي (سين)، ومهمته تقديم أسباب قبول المحكمة للدعوى.. والرابع الإيطالي (بلشلي)، وقدم طلب التدابير المؤقتة.. وأربعتهم من دهاقنة القانون الدولي وأشهرهم على النطاق العالمي، ولهم صولات وجولات في ردهات المحاكم التي تنظر في القضايا الدولية للدول.. ولقد قدموا للمحكمة سردا رائعا لبينات ووقائع الدعوى، وفندوا الأسباب التي تجعل القضية من صميم إختصاص محكمة العدل الدولية، وأسباب قبول المحكمة للدعوى، بجانب تقديمهم لطلب التدابير الأمنية المؤقتة التي يفترض ان تصدرها المحكمة لإيقاف جريمة الإبادة الجماعية من جانب الدعم السريع والتي تساندها دولة الإمارات.

*وكيف رد القانونيين الذين حشدتهم الإمارات للدفاع عنها امام المحكمة؟

ــ بعد ان إستمعت المحكمة للدعوى المقدمة من حكومة السودان منحت الفرصة للوفد الإماراتي للرد على إدعاءات السودان.

*وكيف جاء رد الفريق القانوني الإماراتي على دعاوي السودان؟

ــ رد الجانب الإماراتي جاء ضعيفا ويفتقر للنواحي والأسباب القانونية، وكان يدور في مجمله على تحفظهم على المادة 9 من الإتفاقية القانونية.

*تقصد من المادة 9 تلك التي تتحدث عن جريمة الإبادة الجماعية وتحفظ الإمارات من ان هذه المادة ليست من إختصاص محكمة العدل الدولية؟

ــ أجل، وما ذهبت إليه الإمارات من عدم إختصاص محكمة العدل الدولية النظر في النزاع القائم بينها وبين السودان غير صحيح حسب المعطيات القانونية، فالمادة 19 من إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات للعام 1969 والتي تجيز للدول الطرف في الإتفاقية المذكورة إبداء تحفظ عليها بشروط هي: (ما لم يكن التحفظ محظورا صراحة في المعاهدة ــ او ينص الاتفاق على جواز تحفظات معينة فقط ــ او تعارض التحفظ مع غرض وموضوع المعاهدة).. والفقرة الثالثة نصت صراحة على منع التحفظات التي تتعارض مع الغرض والموضوع الرئيسي للمعاهدة، فالهدف من إتفاقية الإبادة الجماعية هو المنع والمعاقبة، خاصة ان هذه الجريمة تعد من أخطر الجرائم في القانون الدولي، والجهة المناط بها المساءلة هي محكمة العدل الدولية.. وبالتالي فإن الدفع بالتحفظ يقوض الغرض من الإتفاقية .. وسبق وان أبدت محكمة العدل الدولية هذا الموضوع وأصدرت الرأي الإستشاري بتاريخ 28/5/1951 في قضية التحفظات على إتفاقية الإبادة الجماعية، حيث أقرت المحكمة بحرية الدول في إبدأ التحفظات لكنها أكدت في الوقت نفسه ان التحفظات التي تتعارض مع غرض وموضوع الإتفاقية يعتبر غير مقبول، فالغرض الأساسي من الإتفاقية هو المساءلة عن جريمة الإبادة ومنع الإفلات من العقاب.

*وما هي الدفوعات التي قدمها الفريق القانوني الإماراتي عن إتهام السودان لدولة الإمارات بدعمهم للدعم السريع في الحرب التي يشنها على السودان والتي الحقت أضرار جسيمة بكل الشعب السوداني؟

*أشاروا في مرافعتهم ان الادعاء، أي الفريق القانوني السوداني، لم يقدم دليل مقنع على دعم الإمارات للدعم السريع.

*وكيف ردت المحكمةعلى مزاعمهم تلك؟

ــ ردت عليه بانه كلام عمومي يحتاج لتفاصيل.. ومن ثم قامت المحكمة بطرح سؤالين هاميين لوفد الإمارات، السؤال الأول:عن سبب التناقض في ترجمة الورقة المقدمة منهم للمحكمة.. والسؤال الثاني الذي طرحته المحكمة على وفد الإمارات هو: هل وقعت الإمارات على الإتفاقية المعنية؟.. ولماذا تحفظتم على إختصاص محكمة العدل الدولية لنظر النزاع.. بعدها قامت المحكمة برفع الجلسة لإتاحة الفرصة لوفد الإمارات ليقدم الإجابة على أسئلة المحكمة السابقة وأمهلتهم إسبوع واحد فقط.

*وماذا يتوقع في جلسة المحكمة القادمة؟

ــ ستحدد المحكمة في جلستها القادمة إختصاصها في نظر النزاع.

*وما هو الإجراء المتوقع ان تتخذه المحكمة في حالة إثبات إختصاصها في نظر الدعوى؟

ــ إذا ثبت إختصاص المحكمة في نظر الدعوى ــ وهو المرجح ــ أتوقع ان تصدر قرارا بطلب التدابير المؤقتة التي يطالب بها الوفد القانوني السوداني، ومن ثم تواصل المحكمة في إجراءات نظر الدعوى وبالتالي ستواصل النظر في النزاع بين السودان والإمارات، مثل سماع الشهود وتقديم الأدلة والبينات.

*وماذا لو حدث عكس ذلك، أي إذا اقرت المحكمة بوجهة نظر الجانب الإماراتي بعدم إختصاصها النظر في القضية؟

ــ لو حدث ذلك فلن تنظر المحكمة في القضية.

*إذا أصدرت محكمة العدل الدولية حكما بإدانة الإمارات، فما هو الإجراء الذي ستتخذه في حالة رفض الإمارات الإنصياع لحكم المحكمة بتجريمها؟

ــ القانون ينص انه على الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة الإلتزام بقرارات محكمة العدل الدولية، فالفقرة الثانية من المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة تشير إلى:” في حالة إمتناع الطرف الثاني عن تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية،على الطرف الآخر اللجوء لمجلس الامن الدولي للبت في الأمر لإتخاذ قرار بشأنه.

*نلاحظ ان محكمة العدل الدولية أولت دعوى السودان ضد الإمارات إهتماما واضحا وذلك بالسرعة غير المألوفة منها في البت في مثل هذه الدعاوى والتي إستغرق بعضها شهورا طويلة.. فهل هذا يعد مؤشرا واضحا ان السودان يسير في الطريق الصحيح لهذه القضية؟.

ــ هذا صحيح، فالمحكمة إستجابت وبسرعة غير معهودة لمذكرة الدعوى التي رفعها لها السودان، حيث تم تقديمها بواسطة السودان في الخامس من مارس الماضي، وتم نشرها في الموقع الإلكتروني للمحكمة في السادس من مارس أي بعد يوم واحد فقط من تقديم السودان للدعوى، بجانب سرعة تحديد الجلسة القادمة للنظر في الدعوى والتي كان قد حدد لها العاشر من ابريل الجاري.. وحسب وجهة نظري الخاصة فإن سرعة إستجابة المحكمة لمذكرة الدعوى يعد فعلا، كما ذكرت في سؤالك، ان دعوى السودان تسير في الطريق الصحيح، وهذا يعد مؤشرا جيدا يدعو للتفاؤل لكسب السودان لقضيته ضد الإمارات.