الحرب .. نصف الكوب المملوء
همس وجهر _ ناهد أوشي
*الحرب التي اندلعت في الرابع عشر من أبريل للعام ٢٠٢٣، تجاوزت العام ونصف، واشعلت نيرانها التي أوقدها المرجفون في مدينة الخرطوم ومدن دارفور والجزيرة وقضت على أخضر الموارد ويابس الأزمات الاقتصادية التي طحنت المواطن السوداني واضحي تلك الفتره الطويله بلا راتب شهري ولا أجرة يومية، حيث توقف دولاب العمل منذ الخميس الثاني عشر من أبريل.
*والشاهد أن تلك الحرب اللعينة خلفت وراءها مآسي كثيرة ودمار شمل كافة مناحي الحياة خاصة بالعاصمة الخرطوم حيث احتل (غريب) دار المواطنين، ولسان حال الجميع ينطق استفهامات الطيب صالح (من أين أتى هؤلاء)، وترك المواطنين مساكنهم واحلامهم واعمالهم بعد ان عبثت بها أسلحة التمرد وأعملت فيها دمارا وتخريبا، واضطر المواطنين إلى النزوح للولايات الآمنة المستقرة نوعا ما .
*وعمليات النزوح والتي تجاوزت آلاف الأسر بمثابة هجره داخلية إلى الجذور، حيث عاد كل مواطن إلى موطنه الصغير ومكان نشأته الأولى قبيل الاستقرار في العاصمة لأجل الدراسة أو العمل أو العلاج، فالخرطوم هي مركز للخدمات، حيث تتمركز المؤسسات العريقة والبنوك والجامعات والمصانع والشركات، لهذا فقد نزح إليها الآلاف واصبحت ذات كثافة سكانية عالية بسبب ذلك النزوح، وعند اندلاع الحرب أصبح النزوح عكسي، وأصبحت الولايات ذات كثافة سكانية عالية، ورب ضارة نافعة، فبرغم تأثيرات الحرب اللعينة إلا أن عودة المواطنين إلى الجذور وانتقال العديد منهم إلى العيش بالولايات خلقت نوعا من الألفة والتعارف بين الناس ومعرفة العادات والتقاليد للأجيال الحالية، حيث كادت أن تندثر بعض التقاليد السودانية لابتعاد الناس عنها والاستعاضة بالسوشيال ميديا والسباحة مع العالم الافتراضي .
*وعودة المواطنين للولايات خلقت نوعا من التكاتف والتراحم وإكرام الضيف وتطبيق (ويؤثرون علي انفسهم ولو كان بهم خصاصة) فآثر أهل الولايات على أنفسهم، كما أثر من قبلهم أهل المدينة المنورة مع المهاجرين و استضافوا اولئك النازحين في بيوتهم وتقاسموا معهم حتى الخدمات الصحية والتعليمية وضرب اهل الولايات عظيم الأمثال في التكاتف، وما يفعله شباب المغاربه بمحلية شرق النيل ودول المهجر خير مثال حيث أطلقوا مبادرة (تكاتف) لتوفير وجبات غذائية لأهل الحي الذين أثروا المكوث بالمغاربة رغما عن الحرب وتداعياتها السلبية والتقط شباب المغاربة قفاز مبادرات مجتمعية كبيرة لتوفير الدواء للمرضى والغذاء للجوعى، وتعدى جهود الشباب إلى إكرام الموتى وترميم المقابر التي جرفتها الأمطار التي هطلت بكثافة خلال الفترة الماضية ومازالت جهود تكاتف شباب المغاربة مستمرة.
*وبرغم المحن إلا أن الشعب السوداني يتمتع بخصال جميله قل أن توجد في شعب غير السودان (ولو ما جيت من زي ديلا وا ا ماساتي).