حوار مع التشكيلي والإعلامي والكاركتيرست عاطف ودالحاج
إذا قلت لكم أن عاطف ود الحاج إذاعي ستجده في قائمة أفضل مقدمي البرامج، وإرشيف الإذاعات التي عمل فيها تشهد له بذلك، أما إن قلت أنه تشكيلي فإن لوحاته تشهد له ببصمة مميزة..وعبر كاركتيراته يسهم في معالجة قضايا مجتمعه، أسهم في الصحافة الاجتماعية ووصل الى رئيس تحرير لإحدى أكبر الصحف الساخرة والتسلية، هو يمارس كل هذه بتجانس وبلا صراع، ثم بعد الحرب وهجرته إلى مصر انخرط في سلك التعليم، عاطف ود الحاج يقابلك هاشا باشا، يسخر من المصاعب ويتفاعل عبر كل دروبه المختلفة، رصدنا بعض تفاصيله في هذا الحوار ..ولديه المزيد..
أجراه/ خليفة حسن بلة
شنو حكايتك،تشكيلي، كاركتيرست، مذيع أم مدرس ؟
* تحيه ليكم جميعا . انا عاطف ابراهيم ود الحاج خريج كلية الفنون الجميلة و التطبيقية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا . منذ طفولتي تعلق قلبي بالرسم والتلوين وكنت اشخبط وارسم حتى في كراسات الواجب المدرسي مما عرضني للضرب والتوبيخ من قبل اساتذتي الا القليل، وانا في المرحلة المتوسطه كنت ارسم لوحات وابيعها للخواجات في شارع الجمهوريه ومن دخلها كنت اشتري ألوان وورق واشتري اغراضي..
* وانا طالب في كلية الفنون كنت اعمل مصمم ورسام كاريكاتير حتي اكملت الدراسة وبعدها وجدت نفسي صحافي ورسام كاريكاتير معروف وتدرجت في العمل الصحافي حتى وصلت رئيس تحرير لأكبر صحيفة متخصصة في الكاريكاتير والكتابة الساخرة وهي صحيفة ( نبض الكاريكاتير )
وكيف دخلت للإذاعة؟
* دخلت عالم الاذاعه عبر استضافة في برنامج ( صالة فنون ) من اعداد الزميلة أمل حسب الرسول واخراج الزميل محمد خفاجة وبعدها توالت اليرامج وتنقلت بين العديد من الاذاعات، إذاعة أمدرمان، اذاعة ملتقى النيلين، إذاعة حواس، إذاعة البيت السوداني وراديو المستقبل.
والتدريس؟
* اشتغلت بالتدريس بعد الإقامة في مصر لعدم وجود وظائف والآن أمارس الرسم بجانب تدريس الفنون بالمدارس الثانوية.
من اللون واللوحة ودي فنون بصرية لمايكرفون الإذاعة، كيف جمعت بين السمعي والبصري..؟
ولأيهما تميل كفة مزاجك؟
* الفنون وعاء جامع يحوي داخله كثير من الجوانب الممتعة والتي لا تنفصل عن بعضها، فكتير من الرسامين تجدهم يجيدون العزف على أكثر من آلة موسيقية و بعضهم مطربين مشهورين مثال الفنان الشامل شرحبيل أحمد متعه الله بالصحة والعافية، ومنهم لاعبي كرة قدم وكرة سلة ومنهم عازفين محترفين، وهكذا من يبدع في مجال يستطيع أن يبدع في غيره من المجالات.
ليه درست كلية الفنون الجميلة؟
* بالمناسبة انا احرزت نسبة 82%في امتحان الشهادة وكانت نسبة بتدخلني كل الكليات ولكني اخترت الفنون رغم معارضة الأهل لأني ما كنت استطيع تقبل دراسة غيرها.
ولو رجعت تاني لما قبل وبعد الرحلة العملية دي هل ستعيد التقديم لدراسة الفنون تاني؟
* تاني وتالت وعاشر كمان.
كيف بتبدأ اللوحة عندك، بالموضوع أم اللون أم ماذا؟
* اللوحة عبارة عن خاطرة أو طيف أو احساس تشعر في لحظة معينة ويتحول للسطح الموجود أمامك الى كائن يمشي بين الناس.
ياتو لون أثير عندك؟
* الاخضر بكل درجاته وانفعالاته وتكويناته، انا ولدت في جزيرة توتي الخضراء وتفتحت عيوني علي كل درجات اللون الأخضر في الشوارع والحقول والجناين لذلك اصبح عشقي الأول.
هل الأسود هو لون الحزن؟
* بالعكس اللون الأسود هو لون الرصانة و التاريخ و الأمجاد والعراقة، وهو لون التشريفة والمناسبات الرسمية لذلك نجد أن السيارات الرئاسية تكون باللون الأسود، وكذلك الاجتماعات الرسمية يفرض فيها ارتداء البدلة السوداء .
طيب لون ثوب زفاف العروسة أبيض وكذلك الكفن.. وغالب لبس الكوادر الطبية.. مصادفة أم في وجه شبه ..أم إننا جهجهنا اللون الأبيض ؟
* اللون الابيض هو لون النقاء والصفاء و الطهر وهو كذلك لون البدايات النقية الشفافة لهذا هو لون فستان الزفاف ولون المحجة البيضاء لهذا يكفن به الميت.
أغلى لوحة بعتها كم كان سعرها وما موضوعها؟
* اغلي لوحة بعتها كانت في معرض فردي في مدينة بليانو في ايطاليا بمبلغ 8500 دولار لرجل اعمال ايطالي وهي عبارة عن بيوت جالوص في قرية سودانية.
وأرخص لوحة؟
* وارخص لوحه كانت ب 200 جنيه سوداني اشتراها استاذ وكان سعرها 5000 جنيه لكنه كان معجب بها ولا يملك غير 200 جنيه فاعطيتها له وكانت اغلي 200 جنيه .
كيف يتم تقييم اللوحة؟
*يتم تقييم اللوحة من خلال المعارض ومن خلال تقبل الجمهور لها فالجمهور هو المعني في المقام الأول و الأخير.
وكيف ومتى ولجت الى الكاركتير؟
*بدايتي مع رسم الكاريكاتير كانت بالمرحلة المتوسطة من خلال الصحف المدرسية وبدأت بشكل احترافي وأنا طالب بالمرحلة الثانوية .
انت دارس فنون جميلة.. هل كان الكاركتير ضمن المنهج في الكلية؟
*بكل اسف لا يوجد قسم لتدريس الكاريكاتير او الرسوم المتحركة ( Animation ) برغم الحوجة الملحة له في الوقت الحاضر ، وكل رسامي الكاريكاتير في السودان اكتسبوا الرسم الكاريكاتوري بالفطرة و المحاكاة ، نتمني أن يخصص قسم الكاريكاتير ليكمل بقية الاقسام التسعة الموجودة بكلية الفنون .
ممكن يكون الكاركتير تعبير عن الحرب ؟
* بالتأكيد فالكاريكاتير هو واحد من أدوات التعبير الصحافي بل قد يكون من أقواها نسبة لأنه سريع الهضم والاستيعاب ويرسخ في ذهن القارئ لأطول فترة بعكس المقال أو الخبر أو الأدوات الصحافية الأخرى .
في الدراما الكوميدية والساخرة هل تصنفها في عائلة الكاركتير ؟
* الدراما فيها ما يطلق عليه الكوميديا السوداء وهي الى حد كبير تشبه الكاريكاتير، وفي السنوات الأخيرة ظهر في السطح فن الاسكيتش أو تحويل المواقف الساخرة أو النكات الى مشاهد كوميدية، وفي الأول و الأخير هي تعبير عن السخرية من أوضاع مشوهة أو مواقف أو صور مقلوبة بغرض تسليط الضوء عليها ومعالجتها.
هل شعر الهجاء أيضا يصنف كاركتير ؟
*نعم الهجاء يعتبر من أول فنون السخرية والكاريكاتير، وقد ظهر في الثقافة العربية منذ وقت بعيد، وفي السودان عندنا غناء الحكامات يعتبر نوع من الهجاء وكذلك فن المونولوج.
هل في الأغنية في تصوير كاركتيري؟
*طبعا في كتير من الاغاني السودانية ذات طابع كاريكاتيري، عندك نموذج اغنية الجاغريو التي كتبها في فيضان النيل:
(البحر الكبير الما ليك ذكرى)
وأغنية في ضياع الطاقية :
(ذكر المطرة شاعت
يوم الأربعاء أريت أرواحنا ضاعت
حليلا المشبوكة ضاعت)
وفي اغنية الخاتم:
(فقدي الليلة في الياقوت
وخاتمي العاجب البنوت)
، والامثلة كثيرة .
شخصياتك الكاركتيرية صحتها كويسة.. يعني حجم عائلي خاصة المرأة..مقصودة أم صدفة؟
*البدانة من ثقافة المراة السودانية وقد رسخ لها الشعراء في كثير من الاغاني لذلك صارت ( موتيفة ) او صفة ملازمة للرسم عندي بعكس الرجل الذي تجده في رسوماتي نحيف ومفلس ومغلوب على أمره
وبقراءة لصحفنا في الفترات والحقب متين كان الكاركتير أساسي فيها..؟
*من اخصب الفترات هي فترة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات ثم فترة الديموقراطية الثانيةثم بداية التسعينيات .
عز الدين هل هو الأول في السودان ..وكيف بتقسم الأجيال في الفن دة؟
*رحم الله الفنان عز الدين عثمان المبدع الذي حبينا في الكاريكاتير من خلال خطوطه القوية والمعبرة وهو بالتأكيد الأول بلا منازع والكثير من الرسامين تأثروا بخطوطه وبطريقته في الرسم لكن لم يصلوا لمستواه،
هو من جيل الرواد بجانب شرحبيل و كاروري وحامد عطا وعزيز،
ثم من الجيل الثاني نذكر أبا يزيد وبدر الدين ومنعم حمزة وعاطف ود الحاج وصلاح حمادة ونزيه،
ومن الجيل الثالث فارس ومجدي حسين وعلي الدويد والريح أمبدي و الهاشمي وغيرهم من لم تسعفني الذاكرة بذكرهم ..
من واقع تجربتك كيف ترى تقييم الكاركتير عند إدارات الصحف ورؤساء التحرير ؟وهل الكاركتيرست بياخد مرتبات زي كبار الكتاب والصحفيين؟
*بعض الصحف تقدر رسامي الكاريكاتير وتتعامل معهم بصورة طيبة وتقدر حجم الاضافة التي يضيفها الكاريكاتيرست الصحيفة وللقارئ خصوصا الصحف التي يملكها صحافيون، لكن البعض الآخر لا يدرك قيمة الكاريكاتير ولذا يتعامل معه كمحرر عادي.
هل يتنازل الكاركتيرست عن ما يجب أن يرسمه ليحافظ على وجوده في الصحيفة؟
* بكل أسف الناشر السوداني ومعظم شركات النشر عندنا هي ملك لأفراد معظمهم شغلهم الشاغل الربحية وليس الرسالة، من هذا المنطلق فهو حريص كل الحرص على الاستمرارية وعدم الدخول في مشاكل مع النظام الحاكم في مشاكل قد تفضي الى توقف النشر واغلاق الصحيفة مما يترتب عليه خسائر مالية والاستغناء عن الرسام لذلك يتنازل البعض عن موقفه من اجل الحفاظ على وجوده في الوظيفة (دعوني أعيش).
بنلقى رسامين كاركتير في صحف دولية هم أقل من ناسنا لكن وجودنا في الصحف دي يكاد يكون مفقود.. هل نحنا محليين؟
*أبدا، نحن عندنا رسامين لا يشق لهم غبار ومبدعين حد الابداع لكن طموحاتهم محدودة ونظرتهم للأمور لاتتعدى الحياة البسيطة والستر ولو سعوا للعالمية لوصلوا اليها عن جدارة.
تجربة الصحف المتخصصة.. التسلية والكاركتير..ود الحاج انت رائد في التجربة دي.. تقييمك هل تعد اضافة للصحافة السودانية؟
* بالتأكيد كانت اضافة ثرة ونقلت الناس من صحافة الأخبار الجادة والجامدة الى روح الفكاهة و الابتسامة حتى اصبحت ظاهرة وصارت حديث المجتمع والشغل الشاغل للناس وبدورها عالجت الكثير من الظواهر السالبة.
حوالى عام ونصف وإذاعة أمدرمان تفتقد ناسها..والسودانيون يفتقدون برامجها في إذاعاتها المختلفة..هل توقعت حدوث هذا؟
* والله وبكل أسف أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع ما حدث ولكن هي إرادة الله الذي أمره بين الكاف والنون وهو القادر على كل شيء والحمد لله علي ما أراد.
ماذا عن الخلطة السحرية التي ميزت إذاعة البيت السوداني؟
*اذاعة البيت السوداني قامت على فكرة التنوع والبرامج الخفيفة لخلق نوع من التوازن بعد ان إمتلأ الأثير بكثير من الإذاعات الخاصة والتي كانت ذات طابع بعيد عن الموروث الثقافي السوداني، وكان للقائمين على إدارتها الدور الفاعل والمؤثر والذي ميزها عن غيرها من بقية الاذاعات، التحية والتقدير للاخ الدكتور طارق البحر الذي استطاع بما حباه الله من خبرة ودربة و موهبة أن يقود الدفة بكل حنكة واقتدار لتصل سفينة البيت السوداني لكل القلوب..
……………………؟
*خليني أذكر واحيي الأحبة الأعزاء الزملاء الشفيع عبدالعزيز وعمر محي الدين و سيد أحمد إبراهيم وياسر محمد بشير و ليلى عوض وشادية خليفة ولمياء متوكل وحمد الباشا و محمد الأمير و ميرغني جبريل و سارة مهدي وفايزة عربي و لمياء عسكر ولمياء فقيري، و الأخوة في الإعداد خالد علي سليمان ومحجوب الخليفة و بانقا حسب الرسول والعتبي لمن فاتني ذكرهم .
الانترنت والسوشيال ميديا أضافت مساحات جديدة ..هل قدرت توظفها؟
* بالتاكيد اضافة كبيرة جدا على مستوى التقنية وعلة مستوى المتابعين في الداخل والخارج.
بترسم بالكمبيوتر؟
* ما بحب ارسم بالكمبيوتر بحبذ الرسم اليدوي بحس انه فيهو روح وفيهو عمق.
ما هي خططك المستقبلية ؟
*امشي الحج هههههههه . والله الخطط كتيرة ربنا يسهل الأمور ويفرج الكرب و يرزقنا و يدينا الصحة و العافية
للتنفيذ .
لو عادت الحياة الى طبيعتها بعد دحر المليشيا .. وصف لينا اللوحة المتوقع ترسمها ؟
*نسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يوقف هذه الحرب اللعينه ويعود وطنا اجمل واقوي واعظم مما كان ، ولو توقفت الحرب سأرسم كثيرًا من اللوحات التي تجسد معانات الأبرياء من الحرب والنزوح واللجوء والتشرد والضياع والاغتصابات، وسأرسم لوحات تستشرف آفاق المستقبل بكل نضاره وجماله وحيويته نحو وطن شامخ وطن عاتي وطن خيّر ديموقراطي يسع الجميع بكل الخير وكل الحب وكل السلام
والسلام .