آخر الأخبار

 حول الحكم بإعدام محامي سنجه.. ابوبكر منصور

بأقلام القراء

 

قال تعالى في محكم تنزيله في سورة النساء الآية (58): (وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل).. والعدل يعني تطبيق القوانين والتشريعات

بطريقة منصفة وغير متحيزة.. بتاريخ 5 أكتوبر الجاري أصدرت محكمة جنايات

سنجه عاصمة ولاية سنار حكمًا يقضي بإعدام المحامي، أبوبكر منصور، شنقًا حتى الموت، بعد أن كان قد صدر بحقه سابقًا حكم بالسجن المؤبد بموجب المادتين (50) و(51) من القانون الجنائي لسنة 1991، إلى جانب تهم أخرى ذات طابع سياسي.. وكانت هيئة الدفاع قد استأنفت الحكم أمام محكمة الاستئناف، التي قضت بإسقاط بعض التهم وإعادة الملف إلى المحكمة العامة لسماع بينات إضافية، إلا أن القاضي، عبد اللطيف آدم محمد علي، أصدر حكم الإعدام دون سماع البينات المطلوبة ودون إخطار هيئة الدفاع أو تمكينها من حضور جلسة النطق بالحكم، رغم تحديد موعد سابق في 9 أكتوبر 2025وقبل صدور الحكم بخمسة أيام، قامت الأجهزة الأمنية باعتقال المحامي، أبوبكر الماحي، عضو هيئة الدفاع، دون السماح له بأداء مهامه القانونية أو التواصل بحرية مع موكله.. وما رشح أن القاضي المذكور اعتبر أن مجرد تواجد المحامي، أبو بكر منصور، بسنجة عندما اجتاحت قوات التمرد (الجنجويد) مدينة سنجة، اعتبر القاضي ذلك التواجد مسألة علم قضائي وهو تعاونا مع الدعم السريع.

ومع كامل الإحترام والتقدير لما توصل له القاضي، إلا أن ذلك يخالف قانون الإثبات السوداني، فقد حصر القانون مسائل العلم القضائي التي لا تحتاج لإثبات في الآتي:

ــ القوانين واللوائح: يُعتبر القاضي على علم بالقوانين واللوائح السارية في السودان.

ــ السوابق القضائية: يُؤخذ بالسوابق القضائية التي استقرت عليها المحاكم السودانية، حيث تُعتبر هذه السوابق مرجعًا هامًا في تطبيق القانون.

ــ الأعراف والتقاليد: يمكن للقاضي أن يأخذ بعين الاعتبار الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع السوداني، خاصة إذا كانت هذه الأعراف لا تتعارض مع القانون.

ــ التاريخ والوقائع المعروفة: يُمكن للقاضي أن يأخذ علمًا بالحقائق التاريخية والوقائع المعروفة والتي لا تحتاج إلى إثبات، وبالتالي مجرد تواجد المحامي بسنجه،

لا تمثل مسألة علم قضائي يأخذ بها القاضي دون إثبات

مجرد قرينة تحتاج لإثبات أو دحض من قبل الأطراف.. ولم يشأ القاضي المذكور أن يذهب لهذا الإتجاه.. وقد ثبت أن المحامي أبو بكر بقي في سنجة لمرافقة والده المريض الذي لا يمكنه الحراك، وبالتالي فلا قرينة تقوم على أن بقائه بسنجه هدف لدعم الجنجويد.. ومن ضمن أمثلة القرائن:

ــ المشاركة في القتال: المشاركة الفعلية في القتال إلى جانب المليشيا.

ــ تقديم الدعم اللوجستي: تقديم الدعم اللوجستي أو الإمدادات للمليشيا.

تقديم المعلومات: تقديم المعلومات للمليشيا التي يمكن أن تساعدها في عملياتها.

ولم يثبت أن الأستاذ أبو بكر منصور قام بأي من الأمور أعلاه.

هذا الحكم قوبل بعاصفة من النقد باعتباره تسييسا للعدالة ومحاولة لإسكات المعارضين لنظام الإنقاذ.. واعتبره العديد من القانونيين بأنه يمثل خرقًا مباشرًا لقرار محكمة الاستئناف وانتهاكًا صريحًا لحق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة المكفولة في الدستور الانتقالي والمواثيق الدولية، بما يقوض استقلاله ويهدد مبدأ سيادة القانون.. ومن جانبي أربأ بأن يكون القضاء أداة لتصفية الخصوم لهذا الحزب أو ذاك.

ونشهد للمحامي أبو بكر منصور بأنه كان من ضمن المهتمين بالعمل العام والحراك المجتمعي من خلال عضويته في نداء سنجة وإشرافه متطوعا على بعض مشاريع نداء سنجة في صيانة المدارس.. ويشهد له القانونيون في كل السودان بدماثة الخلق والوقوف مع المحتاجين.. وسيتم استئناف هذا الحكم وإعادته لمحكمة الإستئناف لتنظر ما قعله القاضي حيال توجيهاتها.. وبحول الله سيلغى حكم الإعدام وجميع التهم في مواجهة الأخ الأستاذ أبو بكر منصور ويطلق سراحه انتصارا للعدالة.

د.عماد الدين بشير آدم

مستشار قانوني سابق بوزارة العدل في السودان

محامي بالمملكة العربية السعودية