الدمازين, سنجة, كركوج و(توتي)… أوضاع مأساوية (أصداء سودانية) تنقلها
- بعد حصارها من المليشيا… الموت الجماعي يهدد سكان توتي
- نذر مجاعة بالدمازين و(10) آلاف جنيه سعر (4) بصلات
- الكوليرا تحصد سكان سنجة في ظل إنعدام المحاليل الوريدية
- سكان كركوج يعانون من بطش وقهر المليشيا وإنعدام المواد التموينية
تحقيق: التاج عثمان
معلومات مؤكدة تحصلت عليها (أصداء سودانية) عبر مصادرها من مدن الدمازين وسنجة وكركوج .. أحداث جسيمة ومأساوية تسببت فيها قوات الدعم السريع المتمردة جعل سكان المناطق المذكورة يعيشون في خطر داهم وكابوس كبير ما دعا بعض الناشطين في تلك المناطق إطلاق إنذار إستغاثة لإنقاذ السكان هناك قبل فوات الآوان .. التحقيق التالي يكشف المزيد من التفاصيل…
محنة الدمازين:
المعلومات التي تحصلت عليها (أصداء سودانية) من مصادرها الموثوقة من مدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق مزعجة بحق , إنعدام تام للمواد الغذائية في المدينة بسبب إغلاق طريق سنجة ـ الدمازين والذي كانت تتحكم فيه قوات الجنجويد التي تتواجدت حاليا بمدينة سنجة .. هذا بجانب غلق طرق الإمداد الغذائي من أثيوبيا لإنقطاع الطرق التي تربطها بالدمازين بسبب الأمطار، أصبحت الدمازين منعزلة تماما لا يصلها الطعام والدواء ولا الوقود، ما تسبب في إرتفاع أسعار المواد الغذائية لأرقام غير مسبوقة ولم تشهدها أية منطقة في السودان من قبل، حيث اصبحت الأربع بصلات بسوق الدمازين تباع بمبلغ (10) آلاف جنيه ، وقس على ذلك بقية المواد الغذائية ، وعند نشر هذا التحقيق قد تكون مدينتي الدمازين والروصيرص خاليتا تماما من الطعام ما يضع سكان المدينتين تحت دائرة خطر الجوع!.
المعلومات التي تحصلنا عليها تشير إلى أن سكان الدمازين الذين حالوا مغادرتها للحبشة عادوا أدراجهم لإنقطاع الطرق بسبب الأمطار الغزيرة، ولذلك لا مفر أمامهم سوى التوجه لمدينة سنجة ومنها لمدينة الدندر ثم القضارف، ولكن (الجنجويد) المتواجدين بسنجة يمنعون دخولهم .. والمخرج الوحيد لسكان المدينة التوجه لسنار وود العباس ومنها للقضارف وهو إختيار محفوف بالمخاطر لتواجد الجنجويد .. وليس هناك من حل سوى تحرير مدينة سنجة لفتح طريق سنجة ـ سنار ـ ربك لنقل المواد الغذائية إلى سكان الدمازين الجوعى وهو الخيار الوحيد أمامهم وإلا لفتك بهم الجوع.
مأساة توتي
معلوم للجميع أن جزيرة توتي ظلت محاصرة من (المليشيا) منذ أكثر من (16) شهرا كاملة ومتواصلة لا يستطيع سكانها الخروج منها او الدخول إليها، ومن يرغب من السكان في مغادرتها عليه دفع (أتاوه) مليون جنيه وإلا فليبقى داخل الجزيرة المستباحة ليواجه القهر والذل والتعذيب والترويع والنهب الذي تمارسه مليشيا الجنجويد.. حصار الجنجويد للجزيرة الجميلة تسبب في نقص حاد في الغذاء والدواء، حتى (التكايا) التي كان يقيمها بعض شباب توتي والتي تعد مصدر الطعام الوحيد للسكان المحاصرين أصبحت مهددة بالتوقف لإنعدام المواد الغذائية وخلو المتاجر والأسواق منها بعد نهبها بواسطة الجنجويد، وتفاقم الوضع بعد إنقطاع الكهرباء منذ يوليو 2023م .. لجنة أبناء توتي بالخارج أطلقت نداءا عاجلا لإنقاذ سكان جزيرة توتي من الموت الجماعي الذي ينتظرهم،
نداء أبناء توتي :
“نشطت قوات الدعم السريع المتمردة في نهب منازل المواطنين وسرقة أموالهم وممتلكاتهم وإذلالهم والإعتداء عليهم بالضرب دون مراعاة للمرضى وكبار السن والنساء والأطفال.. توتي تحولت لمعتقل كبير لسكانها، ونتيجة للجوع ونقص الدواء إنتشرت مؤخرا موجة من الحميات الخطيرة والقاتلة والتي أدت لوفاة العديد من المواطنين بمعدل (5 ـ 6) وفاة في اليوم الواحد.. لجنة أبناء توتي بالخارج تناشد المنظمات الإنسانية والحقوقية والطبية المحلية والإقليمية والدولية التدخل العاجل والسريع لفك الحصار عن توتي وإنقاذ سكانها من الموت الجماعي الذي ينتظرهم بسبب إنعدام مقومات الحياة من غذاء ودواء خاصة الأدوية المنقذة للحياة.. وضرورة الضغط على الدعم السريع للسماح لسكانها الخروج منها بإعتبارها منطقة سكنية لا تضم أي من المرافق العسكرية والحكومية.. علما ان هناك أسري بالمئات داخل بعض المنازل التي تحولت لمعتقلات وسجون للجنجدويد”.
كوليرا بسنجه
مصادرنا الخاصة بسنجه كشفت عن ظهور حالات كثيرة لمرض الكوليرا ويرون انه تحول إلى وباء أخذ يفتك بالمواطنين الذين لا يزالون داخل عاصمة ولاية سنار، وذلك في ظل إنعدام للمحاليل الوريدية وعلاجات الكوليرا الأخرى.. ويشهد مستشفى الشرطة الذي إحتلته المليشيا وأصبحت تديره بإمكانيات هزيلة حيث تنعدم في الصيدلية معظم الأدوية خاصة الملاريا والضغط والسكري وشرابات الأطفال للإلتهابات والتي إنتشرت وسطهم بصورة كبيرة ومزعجة بل خطيرة، حسب المصادر، بجانب النقص في المحاليل الوريدية وإنعدام الفراشات والطعانات، مشيرين ان العلاج الوحيد المتوفر بالمستشفى علاج وغيار الجروح، بجانب جبركسور العظام بواسطة بصير متواجد بالمستشفى جنبا إلى جنب مع الأطباء!!.. والأولية في مقابلة طبيب الطوارئ لأفراد المليشيا المرضى، وفي حالة وصول عدد منهم مصابون بطلقات نارية او أعراض مرضية أخرى يتم إخلاء المستشفى وطرد المرضى المدنيين منها لحين إكتمال علاج جنودهم.
كما أفادت مصادرنا ان حركة (الدعامة) تقلصت كثيرا بالمدينة حيث تسللت أعداد كبيرة منهم وغادرت المدينة ليتجمعوا في منطقة (كامراب) الواقعة جنوب قرية ود النور وكركوج حيث لديهم معسكر هناك، وذلك بعد إستيلاء الجيش على جبل موية .. إلا أن مصادر أخرى عزت سبب الخروج الجماعي للجنجويد من سنجة لإنتشار الكوليرا والملاريا اللتين حصدتا أعدادا كبيرة منهم .. من جهة أخرى كشف مصدر رسمي ان الجيش يحاصر مدينة سنجة، و حاولت المليشيات مؤخرا فك الحصار وإيجاد منفذ لها بعد إنقطاع الدعم الذي كان يصلها من جبل موية الذي حررته القوات المسلحة مؤخرا، ونتيجة لذلك حدث إشتباك مع الجيش بغابة المرفع المتاخمة لمدينة سنجة، وأفشل الجيش مخططهم واحدث وسطهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وهرب بقيتهم لداخل سنجة.. ويؤكد المصدر الرسمي ان ذخيرة المليشيا وموادهم التموينية نفذت تماما فأصبح لديهم خيارين: إما الإستسلام او الموت.
كركوج بطش وقهر:
من جانب آخر كشف بعض المواطنين الذين نجحوا في الهرب والتسلل من مدينة كركوج الواقعة جنوب سنجة أن سكانها يعانون من بطش وقهر عصابات الجنجويد بجانب إنعدام المواد التموينية مشيرين انه حتى الذرة الرفيعة التي كانوا يعتمدون عليها في وجبتهم الوحيدة ويتناولونها بليلة بالملح فقط قد نفذت ما يعني ان شبح الجوع أصبح يخيم على سكانها.. ونقل العائدون من هناك ان ضابط شرطة سابق (متمرد) نصب نفسه حاكما مطلقا لمدينة كركوج وأخذ يفرض أتاوات على مواطنيها تحت تهديد السلاح ويمارس مع جنوده من المرتزقة أفعالا غير كريمة مع سكان كركوج العالقين داخل المدينة!.