فنان سوداني يجهش بالبكاء على المسرح..تعرف على السبب
لم يكن الحفل مجرد مناسبة عادية؛ فقد تحولت لحظات الفنان السوداني مازن حامد على مسرح بالقاهرة، إلى مشهد إنساني مفعم بالدموع والألم.
ففي منتصف أدائه لأغنية تعبر عن وجع وطنه، انفجر بالبكاء وتوقف عن الغناء، وكأن الكلمات التي كان يرددها أصبحت خناجر تثقل قلبه.
لم تكن تلك الدموع عادية؛ بل كانت رسالة، صرخة مكتومة من أعماق الروح: “وطننا يتمزق، ونحن نحتضر معه”.
لكن مازن لم يكن وحيدًا في مواجهة هذا الطوفان العاطفي. مشاهد انهيار الفنانين السودانيين باتت تتكرر في الأسابيع الأخيرة، وكأن المسرح تحول إلى مرآة تعكس ما يعيشه السودان. ففي مشهد مفعم بالدموع، وقف الفنان الشاب مازن حامد ليغني، لكن دموعه خانته فجأة أمام جمهور مذهول، لتكشف عن ألم وطن يغرق تحت وطأة حرب طاحنة.
دموع على المسرح.. صرخة وطن
هذه اللحظات المؤثرة ليست مجرد مشاهد عابرة، بل هي رسائل دامغة يوجهها الفنانون إلى العالم. دموعهم تحكي أكثر مما تستطيع الكلمات، وكأنهم يصرخون بصمت: “هذا هو حال السودان؛ أمة تئن، وشعب يمزقه الألم.”
الغناء الذي كان يومًا أداة للفرح، أصبح اليوم وسيلة لإحياء الذاكرة واستدعاء زمن السلام الضائع. وكما قال الناقد مصعب الصاوي للعربية.نت: “في زمن الحرب، يتحول الفنان إلى سفير للحزن الجمعي، والمسرح إلى منبر للمعاناة. دموعه ليست مجرد انفعال، بل انعكاس لمعاناة وطن يعاني من التشريد والدمار. الغناء، الذي كان وسيلة لإحياء الفرح، بات اليوم محفلاً لاستدعاء الذكريات المفقودة وزمن السلام الذي كان.”
وأضاف الصاوي: “السودان، بجغرافيته الشاسعة، لم يسلم أي جزء منه من آثار الأزمة. الحرب التي عصفت ببعض المناطق امتدت تأثيراتها إلى كل زاوية من حياة السودانيين، سواء من خلال فقدان عزيز، أو معاناة قريب، أو قلق صديق. في وطن يشترك الجميع فيه بوشائج القرابة والإنسانية، أصبحت المأساة حالة وطنية جامعة، تذكر السودانيين بأن “كل أجزائه لنا وطن”.
الفن في زمن الحرب.. بين الألم والأمل
في السياق، دخلت الحرب شهرها العشرين، وامتدت تأثيراتها الكارثية إلى كل جزء من السودان. لم يعد أحد في مأمن من أهوالها؛ التشريد والدمار والقلق باتوا قاسمًا مشتركًا بين السودانيين. لكن وسط تلك الظلمات، ظل الفنانون يحملون مشاعل الأمل، ولو بأصوات متهدجة ودموع غالبة.
ورغم ذلك، لم ينج الفنانون من أهوال الحرب. الإحصائيات المروعة تكشف عن مقتل أكثر من 55 فنانًا سودانيًا منذ اندلاع الحرب، بينهم أسماء لامعة مثل المغنية شادن حسين والعازف إبراهيم ميكو.
حتى عازف الإيقاع كامل حسين لقي حتفه متأثرًا بالتعذيب في سجن سوبا بعد اعتقاله من قبل عناصر الدعم السريع.
وفي مشهد أثار الحزن والأسى، وثقت مواقع التواصل الاجتماعي العام الماضي عملية إجلاء الشاعر السوداني الشهير هاشم صديق من منطقة اشتباكات دامية إلى أخرى أكثر أمانًا. لكن القدر لم يمهله طويلاً؛ إذ أنهكته غربته القاسية حتى رحل عن عالمنا في نوفمبر الماضي، تاركًا إرثًا شعريًا خالدًا وجرحًا في قلوب محبيه.
المسرح.. منصة للألم
يرى النقاد أن ما يحدث على المسارح اليوم يتجاوز الترفيه ليصبح انعكاسًا حيًا لحياة أمة تتأرجح بين الألم والأمل. دموع الفنانين ليست ضعفًا، بل مقاومة. إنها صرخة نازفة تحكي مأساة وطن، وتدعو العالم للالتفات: “هنا شعب يحترق، لكن رماده لا يزال يحمل بذور الحياة.”
السودان يعيش اليوم من خلال هؤلاء الفنانين الذين حوّلوا منصاتهم إلى ساحات نضال، وصوتهم إلى أداة تُجبر العالم على الاستماع. وفي كل دمعة تسقط على المسرح، تُروى حكاية شعب لن يتوقف عن الحلم بالسلام.