(مكتول) هواك يا كردفان(تفاصيل حياة الكردافة الناس القيافة)

عبير الأمكنة

 

  •  *كردفان مجموعات سكانية متعددة (متساكنة) و(التمرد)حاول (تفكيك) نسيجها المجتمعي ولكن..
  •  *كردفان لا تعرف نظرية (الوافد الغريب) ولكنها برعت في مهارات (قبول الآخر) وابدعث في إدارة التنوع ب(عدالة) وب(جدارة)
  •  *(دينق مجوك وبابو نمر وتبلدية جعفر محمد عثمان وخور طقت وقطار الغرب وفرقة فنون كردفان) حكايات لابد أن تقال.
  •  *قصة (الأخواني) الذي اتهمه أمن نميري ب(الشيوعية) فكتب (ضابط السجن) فاصبحت أغنية (بلوم الغرب) في لسان كل السودانيين
  •  *(أم بادر) (أم عويش) (أم روابة) (أم قرفة) (أم حيطان) (أم سردبة) مناطق فيها (تفاصيل) (أصداء سودانوية) شاخصة

*مشاهدات ينقل تفاصيلها ل(تفاصيل)دكتور ابراهيم حسن ذو النون*

 

إذا أردت أن اكتب عن (عبير الأمكنة) عن مدن ومناطق كردفان لما كفتني أيام الله السبعة ولمدة عام، لأن كل مدينة فيها أو منطقة لي فيها حكايات مشاهدات، لذلك أثرت أن يكون (عبير الأمكنة) هذا الأسبوع اجمالا على أن أقدم في قادم الأيام ل(تفاصيل) بعضا من (تفاصيل) مدن ومناطق كردفانية في حلقات متفردة..

الأستاذ عبد الجبار عبدالرحمن محمد الشيخ تم نقله وهو معلم في بواكير شبابه الى كردفان في الكشف الموحد للمعلمين في بداية عقد الستينات، وهو اصلا من منطقة (النية) بمدينة الجيلي المدينة الريفية الواقع على التخوم الشمالية لولاية الخرطوم (الريف الشمالي لمدينة الخرطوم بحري)، وقد بهرت كردفان الأستاذ عبدالجبار (الجغرافيا والتاريخ والإنسان والعادات والتقاليد والقيزان الرملية وطق الصمغ العربي)، وفوق ذلك حفاوة أهلها (الكردافة الناس القيافة) الذين تمردوا على نظرية (الوافد الغريب)، بل لم يعرفوها اصلا فهم يمتلكون ببراعة (مهارات قبول الآخر)، لذلك حوت (جغرافيا كردفان) الممتدة في مساحات شاسعة من مناطق السافنا الفقيرة والغنية، مجموعات سكانية تعايشت وتساكنت في مشهد فريد متفردة برغم محاولات التمرد لأكثر من مرة لتفكيك ذلك النسيج المتماسك.

*مكتول هواك يا كردفان*

بهرت الأستاذ عبدالجبار عبدالرحمن محمد الشيخ كردفان فكتب قصيدته (مكتول هواك يا كردفان) والتي كانت ضمن أغنيات أخريات غناها فنانو كردفان (د.عبدالقادر سالم وبلوم الغرب (عبدالرحمن عبدالله) وصديق عباس وإبراهيم موسى أبا، وعرف السودانيون في كل الأنحاء (الأغنية الكردفانية) بإيقاعاتها المميزة والتي انطلقت من (إقليم كردفان الثقافي)، فشكلت بصمة واضحة في تاريخ الغناء السوداني فعرف أهل السودان (ليمون بارا ) و(اللوري حل بي) و(عيني عليك باردة) و(مطر الرشاش) و(قدريشنا) و(الجراري)…

كتب الأستاذ عبدالجبار (مكتوب هواك يا كردفان) والتي قال فيها:

( أسير غزال فوق القويز

كلام غزل معسول لذيذ

دمعات عتاب من زولي القبيل

سالت بحر روت القليب في كردفان

أتمنى يوم زولي القبيل

يقطع معاي دربا عديل

رحلة عمر مشوار طويل

نمشيه في رمل الدروب

في كردفان

مكتول هواك ياكردفان

شوقي القبيل نابع حنين

مكتول هواك رغم اللكان

رغم الضنا وهجر الحبيب

في كردفان)

*خور طقت وتبلدية وقطار الغرب*

مدينة الدلنج: (وهذه مدينة كردفانية لها قصة أخرى قدمت للسودان معهد التربية الدلنح والذي قدم للسودان أفذاذ المعلمين) ومن بينهم الأستاذ الراحل جعفر محمد عثمان والذي جاء لمعهد التربية الدلنج شأن كل المعلمين بغرض التدريب والتأهيل ورفع القدرات، والذي حكي ذكرياته بمدينة الدلنج وقصة قصيدته المشهورة (تبلدية) حيث قال الأستاذ القرموشي في ذات المنزل الذي غرس فيه (التبلدية) والتي شهد عهد صباها وهي شهدت أيام شبابي الزواهر فكتبت فيها:

(ذكرى وفاءٍ وودِّ    عندي لبنت التبلدي

في كلّ خفقة قلبٍ          وكلّ زفرة وجدي

فيا ابنة الروض ماذا   جرى لمغناك بعدي؟

مازلتِ وحدك إلفي    يا ليتني لك وحدي

******

لا تحزني إنْ تعرّتْ     لدى المصيفِ فروعك

أو إنْ يبستِ فبانتْ       من الذبول ضلوعك

فدون ما راع قلبي      من الأسى ما يروعك

أنا لن يعود ربيعي       لكنْ يعود ربيعك)

وكذلك مدرسة خور طقت الثانوية والتي بلغ أمرها وصيتها حتى أصبحت واحدة من ثلاث مدارس سودانية هي المفرخ الحياة السودانية في كل مجالاتها (خور طقت /حنتوب/ وادي سيدنا)، ففي خور طقت (ضاحية من ضواحي مدينة الأبيض) ذكريات ومدراء بعضها (محكي) شفاهة وبعضها مكتوب وبعضها مازال في الصدور وبعضها ذهب الى القبور..

(خور طقت) تاريخها لابد أن يكتب، ففي تفاصيلها الكثير من التفاصيل التي تحكي عن جغرافيا وتاريخ المرتزقة الذين فتحوا قلوبهم لهذه المدرسة والتي فتحت لكل السودانيين آفاق الشهرة والمستمدة من (كردفان الغرة أم خيرا جوة وبرة )

أما الشاعر الدبلوماسي الراحل محمد المكي إبراهيم شاعر الأكتوبريات وأمتي والخلاسية ومدينتك الهدى والنور، كتب قصيدة قطار الغرب الكردافي الذي تحرك من عاصمة الإقليم (كردفان)، وهو القطار الذي حكى فيه تفاصيل درامية داخله وخارجه.. كل أشياء كردفان الجميلة.. والذي مر بمحطات وبلدات وقرى ومدن سودانية..

( اللافتة البيضاء عليها الاسم

باللون الأبيض باللغتين..

عليها الاسم

هذا بلدى والناس لهم ريح’’ طيب..

بسمات’ وتحايا ووداع متلهِّب

كل الركاب لهم أَحباب

هذى امرأة’’ تبكى..

هذا رجل’’ يخفى دمع العينين بأكمام الجلباب

:سلّم للأهل ولا تقطع منا الجواب

وارتجَّ قطار الغرب..

تمطَّى فى القضبان

ووصايا لاهثة تأتى وإشارات ودخان ..

وزغاريد فهناك عريس فى الركبان..

***

ها نحن تركنا عاصمة الأقليم..

دخلنا وادى الصبر..

كل الأشياء هنا لا لمعة تعلوها

كل الأشياء لها ألوان القبر

الصبر، الصبر، الصبر.. )

*(ابيي) و(دينق مجوك)و(بابو نمر)*

على التخوم الجنوبية لكردفان الإقليم توجد (محافظة/محلية/منطقة/مدينة/مقاطعة) لايهم لكن توجد (أبيي)، إحدى حواضن (التعايش السلمي المجتمعي)، نموذج لكردفان الكبرى والسودان الكبير (القديم والجديد)..تعيش فيها قبيلة (المسيرية) وقبيلة (دينكا نقوك).. ومعهما مجموعات سكانية أخرى تمثل النسيج (الكردافي)..بل السوداني.. بينها مواثيق وأعراف وعهود قوامها التعايش والتناصر والتضامن والتصافي والتصالح.. بها نموذج تاريخي للتعايش الاجتماعي بدأه الناظر (بابو نمر) والسلطان (دينق مجوك) لو قدر لهذا النموذج أن يستمر لما انفصل الجنوب السوداني!!!

*قصيدة ضابط السجن قصة كردفانية*

قصيدة (ضابط السجن) التي غناها الفنان الكبير الراحل عبدالحمن عبدالله (بلوم الغرب) والتي اصبحت في لسان كل السودانيين

(صبر ك لحظة واحدة ياضابط السجن

اتزود بنظرة وارجع انسجن

خمسه سنين طويلة مرت ليلة ليلة ودمع الشوق الهميلة ورا الدمعة الهميلة

تسرح شايلة حالى وتكتب فى مثيلة قصة ورد جفت من فرق الخميلة)

هذه القصيدة شاعرها كردافي وكتبت في حاضرة إقليم كردفان، ومسرحها سجن الأبيض العمومي حيث سجن فيه الشاعر محمد حامد آدم (الإذاعي المعروف) والذي ثم اعتقاله خطأ على خلفية أحداث انقلاب 19يوليو1971م والذي قاده الرائد هاشم العطا، وكان المطلوب اعتقال شخص بنفس الاسم لكن ينتمي للحزب الشيوعي السوداني بينما الشاعر ينتمي لحركة الإخوان المسلمين، واستمر الاعتقال لأربعة أشهر ..في بعض الروايات خمسة أشهر ..وهذه ربما الأصح حيث ذكر في القصيدة (خمسة شهور طويلة) وفي الأغنية تحولت الى (خمسة سنين طويلة)..حيث رفض ضابط السجن أن تزوره زوجته والتي جاءت معها طفلتها الوليدة التي وضعتها أثناء اعتقاله فكتب قصيدة (ضابط السجن):

(طيب نفسو طيبة حبيّب كلو طيبة

فرحان بي شبابو كامل حسنو هيبه والأنظار تهابو..

زى الزهرة دابو وبي بلور اصابو يتصفح كتابو اسمح لي اشوفو اشوفو يا ضابط السجن)

*كردفان تفاصيل (سودانوية)*

كردفان (الجغرافيا والتاريخ والإنسان)..تفاصيلها تحمل كل معاني (السودانوية) التي بدأها البروفيسور الراحل محمد عمر بشير وأصّل لها السفير الراحل عبد الهادي الصديق في(الحزام السوداني) والبروفسير الراحل أحمد عبد العال في مدرسة الواحد التشكيلية والتي قصدها الدكتور الراحل جون والتي صاغ منها برنامجه الذي اسماه الوعي بتاريخ خصوصية التراكيب الإثنية والثقافية السودانية.. والتي عالجها الناقد عبدالمنعم عجب الفيا في كتاباته الفكرية والثقافية.. ولكن جسدتها مناطق كردفانية ابدعت في ادارة التنوع بعدالة وبجدارة.. والغريب أنها مناطق كلها تبدأ بكلمة (أم)..هل هي صدفة أم لأن (الأم) حاضنة الوحدة الأسرية؟.. هذه المناطق على سبيل المثال لا الحصر لان كردفان كلها برعت في قبول الآخر وأبدعت في إدارة التنوع والتعدد بجدارة وعدالة.. والمناطق هي: (أم روابة) و(أم بادر) و(أم عويش) و(أم قرفة) و(أم سردبة) و(أم حيطان)..