آخر الأخبار

خبراء جيولوجيون يحذرون… نضوب المياه الجوفية في السودان (2)

  • آبار السايفون تهدد الخرطوم بالتلوث
  • البرسيم خطر كبير على المياه الجوفية لإستهلاكه كميات مهولة من المياه
  • ما يحدث للمياه الجوفية في السودان يخصم كثيرا من نصيب الأجيال القادمة من المياه النقية
  • على الدولة البحث عن تمويل دولي وإقليمي لتشييد شبكات الصرف الصحي

تحقيق ــ التاج عثمان:
صرخات تحذيرية أطلقها خبراء جيولوجيا ومياه تنبه صراحة لإحتمال نضوب المياه الجوفية في السودان خلال السنوات القليلة القادمة.. بل أن دراسة علمية توصلت لنتائج مُفزعة تشير ان عاصمة السودان الخرطوم سوف تصبح غير صالحة للسكن خلال العقود القليلة القادمة بسبب نضوب المياه الجوفية ما لم تتدارك الدولة السودانية وأجهزتها المختصة هذا الأمر وتتعامل معه بالجدية والحلول العلمية والقوانين الرادعة منذ اليوم قبل فوات الأوان.. (أصداء سودانية) تناقش هذه القضية الخطيرة عبر هذا التحقيق الإستقصائي
آبار السايفون:


إحصائية مؤكدة تحصلت عليها (أصداء سودانية) تشير ان الخرطوم تضم نحو مليوني بئر صرف صحي بالمنازل والوزارات والدواوين والمصالح والمستشفيات وغيرها، ويتخوف العلماء من تلوث المياه الجوفية بكل هذا العدد الضخم لآبار السايفون ومياهها التي يمكن ان تختلط بالمياه الجوفية وتلوثها.. وبمتابعتنا لهذه القضية تبين لنا ان هناك فوضى عارمة في حفر آبار السايفون المنزلية وغيرها، الكل يحفر بئرا داخل منزله عند التشييد دون تصاديق رسمية من الجهات الفنية المختصة، في ظل عدم وجود رقابة لصيقة لهذه الآبار والتأكد من إستخراج تصديق بحفرها.. والأدهى من ذلك إنتشار موضة حفر آبار السايفون لأعماق تلامس او قريبة من المياه الجوفية فيما يعرف بـ (الآبار الإرتوازية) او الجوفية، وإستخدامها للصرف الصحي للمنازل، وذلك بواسطة شركات سورية وسودانية، وتم حفر آلاف الآبار المشابهه، رغم ان القانون يمنع حفر آبار إرتوازية لغرض إستخدامها في الصرف الصحي للمنازل او غيرها، إلا أن تلك الظاهرة إستمرت في التنامي، حيث تقوم الشركات حفر الآبار ليلا لتفادي الرقابة الرسمية من الجهات المختصة التي يقع عليها هذا العبء، وحتى لو تم ضبطها فإنها تحاكم بقوانين البيئة غير الرادعة ما يشجع الشركات السورية والسودانية التي تعمل في هذا المجال الإستمرار في إرتكاب جريمتها البيئة، والتي يمكن تصنيفها كواحدة من الجرائم المرتكبة في حق ثروتنا القومية من المياه الجوفية.
المخاطر والحلول:
السؤال الذي يفرض نفسه هنا في هذه الجزئية من التحقيق الصحفي، هو: ما هي المؤشرات والأسباب التي تجعل من إحتمال نضوب المياه الجوفية في السودان أمر محتمل وغير مستبعد.. مدير المكتب الإقليمي للمياه الجوفية بولاية الخرطوم المهندس، إدريس عمر إدريس، يجيب على هذا السؤال الهام عبر تصريح صحفي له لـ(العربي الجديد) بقوله:
تتمثل أبرز المخاطر التي تهدد المياه الجوفية في السودان في (هدر المياه) الجوفية بسبب عمليات السحب الزائد من دون مراجعة جهات الإختصاص، وفي مقدمتها الإدارة العامة للمياه الجوفية بوزارة الري المركزية او إداراتها بالولايات.. ومن المخاطر التي تهدد المياه الجوفية، إنشاء آبار جوفية كبيرة لإستخدامها في الزراعة خصوصا مزارع البرسيم المعروف عنه إستهلاكه لكميات هائلة من المياه.. والأخطر من ذلك ان كثيرا من الأودية تحولت إلى مكبات للنفايات المنزلية والصناعية وحتى الطبية، ومعلوم أن الأودية تغذي مخزون المياه الجوفية بكميات كبيرة من المياه والتي مصدرها الأمطار.. وحقيقة ان ما يحدث للمياه الجوفية في السودان يخصم كثيرا من نصيب الأجيال القادمة من المياه النقية.
والحلول تتمثل في إحكام التنسيق بين السلطات الإتحادية ومثيلاتها بالولايات، وتفعيل التشريعات، وإزالة التدخلات الموجودة في القوانين، وضرورة تحقيق التكامل المؤسساتي لتدارك الإشكالات الناتجة عن مصادقة جهات معينة على حفر الآبار الجوفية من دون أخذ مشورة الكوادر الفنية المتخصصة.. والمعالجة النهائية تتمثل في التركيز على وقف السحب غير الآمن للمياه الجوفية، ومعالجة التلوث، وإيجاد حلول بديلة، وتعزيز تطبيق التشريعات.
الحوض النوبي:


المهندس، محمد الطيب، المتخصص في مجال حفر الآبار الجوفية إستبعد نضوب المياه الجوفية في السودان، حيث صرح لـ(العربي الجديد): أستبعد نضوب الحوض النوبي لأنه يعد أحد أكبر الأحواض الجوفية في العالم.. لكن ذلك لا يمنع ان كميات مياهه ستتأثر بالإستخدامات الجائرة والتلوث، إلا أن المخاطر تعتبر أقل في المناطق الريفية.. والحل يتمثل في التركيز على إستغلال المياه السطحية خاصة مياه الأنهار، وتفعيل قوانين المياه الجوفية، وإنشاء مراكز لمراقبة إستخدامات المياه الجوفية، وتوسيع شبكات الصرف الصحي لمنع المواطنين من حفر أبار الصرف الصحي، المعروفة وسط السودانيين بـ(آبارالسايفون)، وعلى الدولة البحث عن تمويل دولي وإقليمي لتشييدها، وإطلاق حملات واسعة لتوعية المواطنين والمزارعين وغيرهم في شأن الأساليب والطرق المناسبة لإستغلال المياه الجوفية.
مياه نقية:
تعد المياه الجوفية من أعذب وأنقى المياه خالية من التلوث والبكتريا الضارة، لكنها قد تتعرض للتلوث نتيجة بعض العوامل الخارجية، منها على سبيل المثال:
ــ إستعمال طرق غير صحية للتخلص من القاذورات والمياه المبتذلة المكونة للفضلات والنواتج الصناعية والزراعية والحيوانية.
ــ وجود الآبار بالقرب من المجاري الصحية والبالوعات.
ــ وجود الآبار في مجاري السيول والفيضانات.
ــ معروف ان خزانات المياه الجوفية تتغذى من النيل وروافده: عطبرة ــ الرهد ــ الدندر)، حيث يوجد بالسودان نحو مليون هكتار من المياه السطحية أهمها: نهر النيل وروافده، وهو يمتد بطول 2 ألف كيلو متر.. وتغطي الأراضي الرطبة نسبة 10 في المائة من مساحة السودان، بينما تغطي الغابات نسبة 4 في المائة.. وهناك العديد من مجاري المياه الموسمية، (الخيران)، والتي تجري خلال موسم الأمطار، أهمها: (نهر القاش ــ نهر البركة ــ خور أبو حبل الذي تأتي له المياه من جبال النوبة بجنوب كردفان ــ خور أربعات بشرق البلاد الذي تعتمد عليه مدينة بورتسودان موسميا في مياه الشرب ــ وادي أزوم ــ وادي جلول.