(تقدم) … محاولة لفهم السلوك (الاحتيالي) لأعوان المليشيا

تقرير – أحمد عمر خوجلي
إشارات دعم (تقدم) لمليشيا الدعم السريع في الحرب ضد القوات المسلحة السودانية أثارت جدلاً واسعًا في السودان وتساؤلات مهمة,هذا الجدل نبع من مواقف وتصريحات بعض الشخصيات أو المكونات داخل هذا التحالف، وكذلك من طبيعة الصراع السياسي والعسكري الحالي في البلاد وما لازمه من أحداث وجرائم كارثية وانتهاكات, وفيما يلي نستعرض أبرز الإشارات التي تؤكد دعم (تقدم ) لمليشيا الدعم السريع
الربط بالإسلاميين:
من أبرز هذه الإشارات الربط بين الجيش والإسلاميين وهذا يعني أن إنتصار الدعم السريع يعني هزيمة الإسلاميين، وهو بمثابة نشر غبار كثيف ومحاولة لصرف الأنظار عن الموقف من إنقلاب المليشيا الفاشل وما تبعه من خطوات أشبه بالإنتقامية والصبرعليها حتى بلغت مستوى من الإنتهاكات الواسعة طالت جميع المواطنين بدون فرز لتصدر عن بعض قيادات (تقدم) تصريحات خجولة ظلت تنتقد القوات المسلحة بشكل رئيسي دون توجيه نفس مستوى الانتقاد لمليشيا الدعم السريع, هذا الأسلوب أكد أنها تمارس انحيازا إلى جانب التمرد.
من الإشارات ايضا دعوتها إلى إصلاح الجيش السوداني وحصر دوره في حدود معينة في محاولة لإضعاف القوات المسلحة، مما يعزز موقف الدعم السريع, فهي تنادي بذلك والحرب دائرة والعدوان مستمر, وهو رسالة تؤكد عدم الرغبة في دعم جيش الوطن في هذه الحرب لأنه يحتاج إلى الإصلاح ، وهذا مهرب أكثر من كونه دعوة حقيقية للإصلاح.
وعندما وصلت الإنتهاكات حدود لا يمكن السكوت عليها خرجت بفرية تسليح الأهالي وأن المليشيا هاجمت المواطنين لأن الجيش منحهم السلاح، بذلك تهربت (تقدم) من الإدانة الواضحة الصريحة القوية من عملية الانتهاكات نفسها.
إتفاق فضح النوايا:
عند توقيع الإتفاق مع المليشيا في إديس أبابا الذي كان في حقيقيته لأجل إحكام التنسيق وحجز المقعد المجاور في المستقبل تمّ ربطه بالمحافظة على أمن المواطنين، ولمّا غلبت عقلية الإنتهاكات والنهب ومارست المليشيا فظائعها سكتت (تقدم) عن الإدانة وتمسكت بالإتفاق الموقع أملا في تحقيق المليشيا لإنتصار عسكري أو سياسي يحقق رغباتها في الدخول تحت جلبابها.
وعندما طال الإنتظار وتأخر موعد ركوب تاتشر المليشيا وطال اللهث وزاد الإنهاك وحمولة التكاليف تحولت (تقدم) في رفع شعارات لا للحرب بكثافة أكثر تحججا بتحقيق مصلحة المواطن, وحاولت بكل ما واتيت من قوة ومن حسابات على الميديا ومن حلاقيم تصرخ من أجل توقيع إتفاق سلام يفضي إلى ما تزعم أنه سعي لوقف معاناة المواطنين ـ لكن في حقيقة الأمر هو بحث عن تعويض بنصف إنتصار للمليشيا عبر التفاوض بين الجيش والمليشيا يمنحها نصف سلطة ونصف حماية.
العراب لا أحد غيره:
وعراب هذه الوجهة بالتأكيد هو ياسر عرمان الذي تعود المراهنة على بنادق الغير والركوب بعد تحقيق الإنتصارات, فكانت تجربة التعويل على الحركة الشعبية الأم وأنتهت بالإنفصال ، ثم المراهنة على الحلو ومالك عقار فآثر القياديان أن يسعيا وراء المصالح الخاصة بالمنطقتين والإنكفاء على قضاياها المحلية والخاصة كما فعلت الحركة الأم .. والآن مال إلى المليشيا وعندما بدأت الآمال تنحسر آب إلى شباب الثورة حاجزا مقعدا جديدا بقوله : (عندما يعود المواطنين إلى منازلهم تعود الثورة)
الدعم الإعلامي للمليشيا:
الدعم الإعلامي للمليشيا من قبل (تقدم) برز بوضوح من خلال تغطية قنوات ومنصات إعلامية محسوبة على (تقدم) ظلت أكثر ميلًا لتسليط الضوء على ما أسمته انتهاكات القوات المسلحة ، مع تقليل التركيز على الجرائم والإنتهاكات الحقيقية التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع برغم عنفها , وظل ذلك يتزامن مع الدعوات لوقف إطلاق النار ليس من موقف إنساني مبدئ لكن لإعطاء الفرصة لمليشيا الدعم السريع لترتيب صفوفها.
فرية الكنابي وتحديث الخطة:
بعد دخول القوات المسلحة لمدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة قال منسوبي (تقدم) إنها عملية انسحاب لفتح المجال إلى التفاوض ثم بدأ الطرق الشديد على التصرفات المحدودة والفردية لمن اشتبه في أنهم متعاونين مع المليشيا لتبدأ حفلة البكاء ، في الوقت الذي كان فيه لسان المليشيا وأصوات أبواقها صامت صمت القبور لأحداث عظام مارست فيها المليشيا أبشع الجرائم ضد المواطنين في الولاية بما فيهم سكان الكنابي نفسها التي حاولت (تقدم) المتاجرة بها.
قانون النسبية:
الغالب في إن الصمت المطبق الذي تمارسه (تقدم) كمؤسسة يمكن أن يكون مبعث تأكيد دعم لمليشيا الدعم السريع، إلا أن هذا الدعم ليس بالضرورة موقفًا رسميًا موحدًا للتحالف فتعدد المكونات والمواقف داخله أبرز عدد ملامح لتباعد المواقف بين المع والضد ، وبرزت اتجاهات أظهر ما تكون في داخل حزب الأمة أو ردة الفعل من مشروع حكومة المناطق التي تسيطر عليها المليشيا ، إلا أن الصمت والتعويل على الزمن وانتظار ما ستسفر عنه الأيام والتحركات يجعل جميع من هم في (تقدم) في مركب واحد وعلى مستوى واحد من تحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية والقانونية بهذا الصمت والتحايل والانتهازية.