
مصر.. فصل جديد في تاريخ الإنسانية
عمرو خان
*في الأيام الأخيرة، قدّمت مصر للمنطقة والعالم فصلًا جديدًا من فصول التاريخ الإنساني.. وقفة دولة عظمى مسؤولة، تعرف قدرها، وتتحمل مسؤوليتها أمام شعوب العالم بوعي القائد وثبات الدولة العريقة.. مواقفها الأخيرة، سواء كانت سياسية أو إنسانية، أعادت رسم خريطة المنطقة بلغة الحكمة لا السلاح، وبقوة التاريخ لا الضجيج.
*اللي حصل مش مجرد مواقف دبلوماسية عابرة، دي خلاصة جينات حضارة ضاربة بجذورها من آلاف السنين.. جينات المصريين اللي بنت أول دولة في التاريخ، خططت أول جيش نظامي، ورفعت أول علم فوق أرض سيّدة العالم القديم.. المصري زمان كان بيحفر النيل عشان يزرع، ويبني المعابد عشان يخلّد اسم بلده، وكان بيحارب مش عشان توسّع ولا جاه، لكن عشان الكرامة والبقاء.
*ومن الفراعنة جات سيرة الرجال اللي واجهوا الغزاة عبر العصور: من أحمس اللي طرد الهكسوس، إلى صلاح الدين اللي حرّر القدس، إلى محمد علي اللي بنى مصر الحديثة بعرق المصريين.. ثم كان 23 يوليو 1952 نقطة تحوّل، لما قرر الضباط الأحرار إن مصر تستعيد كلمتها، وتكتب فصل جديد في كتاب الحرية العربية.
*ولما جت لحظة الحسم في أكتوبر 1973، العالم كله وقف مندهش.. المصري اللي كانوا بيقولوا عليه (ما يقدرش)، قدر وعدّى خط بارليف، وهزم جيش كان بيُقال عنه (لا يُقهر). النصر دا ما كانش مجرد عبور عسكري، دا كان عبور وعي وهوية وشعب بيقول أنا هنا.. وهفضل هنا.
*تمشي خمسين سنة لقدّام، تلاقي التاريخ بيرسم نفس المشهد بطريقة تانية.. 2013 كانت سنة مفصلية، سنة الشعب اللي نزل الشارع يطالب بوطنه من جديد، وسنة القائد اللي تحمّل مسؤولية إنقاذ الدولة من مصير مجهول. الرئيس عبدالفتاح السيسي ما جاش في زمن رخاء، لكنه اختار الطريق الأصعب: طريق الإنقاذ والبناء.
*أنقذ مصر من الفوضى، وأنقذ المنطقة من الانهيار. وقف في وشّ الريح لما الكل اختار السلامة، واشتغل بصمت لما غيره اكتفى بالكلام. أعاد لمصر دورها الإقليمي والدولي، مش بالكلمات، لكن بالفعل والموقف.
*مصر ما اكتفتش إنها تحافظ على نفسها، لكن كمان وقفت جنب غيرها وقت الشدة. في كل أزمة في المنطقة، بتلاقي الصوت المصري حاضر، بيحاول يهدي، يصلّح، يداوي الجراح بدل ما يوسّعها. من القضية الفلسطينية اللي عمرها ما كانت غايبة عن الوجدان المصري، إلى مواقفها الإنسانية تجاه الشعوب المنكوبة في السودان، وليبيا، وغزة، ومناطق تانية كتير.
*مصر ما بتتكلمش عن الإنسانية… هي بتعيشها.. لما الكل يقفل بابه، المصري يفتح بيته. لما العالم يتردّد، مصر تمدّ إيدها. دا جزء من طبيعتها، من الجينات اللي ورثناها من جدودنا اللي علموا الدنيا معنى الحضارة والرحمة في نفس الوقت.
*ولو بصّينا حوالينا النهارده، هنفهم إن اللي بيحصل مش صدفة. مصر رجعت لريادتها مش بس لأنها الأقوى عسكريًا أو سياسيًا، لكن لأنها الأصدق نية والأوضح رؤية.
من (تحيا مصر) اللي بقت شعار أمل، إلى (الطريق للجمهورية الجديدة) اللي بقى حقيقة بتتبني على الأرض حجر فوق حجر، وجسر فوق نهر، ومشروع بيحمل اسم كل مصري تعب وصبر.
*القائد عبدالفتاح السيسي مش مجرد رئيس دولة، دا امتداد طبيعي لسلسلة قادة وعظماء حموا مصر على مرّ الزمان.. من مينا موحد القطرين، إلى أحمس، إلى جمال عبد الناصر، وصولًا لراجل اختار يبني وسط الركام، ويحوّل الخطر لفرصة، واليأس لأمل.
*يمكن التاريخ هو اللي بيعيد نفسه، بس المرة دي بأدوات جديدة، برؤية عصرية، وبعقلية دولة تعرف يعني إيه (بقاء المنطقة) مش (بقاء السلطة).
*اللي بيحصل في مصر النهارده مش مجرد مشروعات قومية ولا تحركات سياسية، دي عملية إحياء شامل لروح أمة كانت ولا تزال بتقود العالم لما بيتوه.
*من تطوير البنية التحتية، إلى توسيع رقعة العمران، إلى سياسة خارجية متوازنة بتوازن الحكمة مع الحسم، مصر بتكتب فصل جديد في كتاب التاريخ الإنساني، فصل عنوانه
دولة مسؤولة تعرف من أين جاءت، وإلى أين تسير.
*وفي وسط الزحام والضجيج العالمي، تفضل مصر واقفة، بثقة الهرم، وبهدوء النيل، وبتاريخ لا يُختصر في سطور.
*كل أزمة تمر، وكل تحدي يظهر، يثبت إن مصر مش دولة بتتفرج، لكن دولة بتصنع المستقبل.
*ولما ييجي يوم تفتح فيه كتب التاريخ بعد مئة سنة، هيكتبوا
إن في زمن الاضطراب، لما اختلطت الحقيقة بالزيف، كانت مصر هي البوصلة.
*هي اللي حافظت على المنطقة من السقوط، وأنقذت الإنسانية من فوضى كانت ممكن تمسح شعوب من الوجود.
*هي مصر… الجينات اللي ما بتتنسخش، والقيادة اللي ما بتتقلدش، والأرض اللي مهما تعب التاريخ، يلاقي عليها راحة.
*كاتب وصحفي مصري