واشنطن …هل تعبر ب(قضايا مياه النيل)إلى الضفة الاخرى؟

- ما قاله مسعد بولس يؤكد عزم واشنطن على تجنيب دول المنبع والمصب من وقوع نزاعات محتملة
- لا بد من مراجعة النظم الحاكمة لمياه النيل بين دول المنبع ودول المصب لاستيعاب متغيرات المناخ
- أي توترات سياسية أوأمنية بسبب مياه النيل سيضيع حقوق الشعوب في الانتفاع الأمثل بالمياه
- من المهم استدراك اثيوبيا لأي آثار جانبية تنجم عن تشغيل سد النهضة
تقرير – دكتور إبراهيم حسن ذو النون:
قال كبير مستشاري الرئيس الأمريكي لشئون الشرق الاوسط وافريقيا مسعد بولس أن لولايات المتحدة الأمريكية عازمة على لعب دور جديد لضمان حقوق الدول بمياه النيل واضاف في مقابلة تلفزيونية مع (قناة الشرق ) السعودية أن ملف مياه النيل قضية تقنية فنية بحتة ينبغي التعامل معها بعيدا عن التوترات السياسية والأمنية.
وفي تقديري أن حديث كبير مساعدي الرئيس الأمريكي لشئون الشرق الاوسط وافريقيا فيه إشارات مهمة وهي أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد معالجة ملف مياه النيل بعيدا عن الموافق السياسية والأمنية لأن أي دخول بقضايا المياه في هذا الصعيد يعني ان حرب المياه قد اكتملت خطوط اشهارها بعد أن ظلت لسنوات ليست بالقصيرة حرب صامتة تسكتها بعض التفاهمات الآنية دون حلول ناجعة.
واشنطن والعبور للضفة الأخرى:
تصريحات مسعد بولس إذا ماتم تفكيكها بشكل واضح فإنها تتضمن إشارات بالغة الأهمية تتمثل في أن الولايات المتحدة الأمريكية عازمة على تجنيب دول نهر النيل دول المنبع ودول المصب من الدخول في نزاعات مسلحة بين الدول لأن أي نزاع حول المياه أو مياه النيل تحديدا يعني الوقوع في شراك تهديد الأمن والسلم الدوليين مما يستدعي تدخل الأمم المتحدة عبر آلية مجلس الأمن الدولي لذلك فإن عبور واشنطن بملف مياه النيل إلى الضفة الاخرى يعني تجنب النزاعات تلك لأن عواقبها خطيرة وآثارها أخطر.
المياه ومصر (حياة أو موت):
حقيقة أن السيد مسعد بولس كبير مستشاري الرئيس ترامب لشئون الشرق الأوسط وافريقيا قد
بعث بتطمينات لدول حوض النيل خاصة دول مصر والسودان واثيوبيا في ما يتعلق ببعض الآثار الفنية لتدشين العمل في سد النهضة بالنسبة للسودان.. قال لا بد من الوضع في الاعتبار تأثير الفيضانات في السودان وأهمية إدارة الموارد المائية بشكل عملي وفي ما يتعلق بمصر وإثيوبيا قال وبعبارات واضحة الدلالة لا تحتمل أي تفسيرات أو تكهنات أن واشنطن تعتزم لعب دور يضمن حقوق الدول ويمنع اندلاع نزاع.. مضيفا ملف مياه النيل بالنسبة لمصر (وجودي)أي مسألة (حياة أو موت)هكذا قالها.
امريكا ومياه النيل:
ومن حديث السيد مسعد بولس يستشف أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بأدوار مهمة تأخذ المنحى الدبلوماسي والتقني والفني والقانوني لضمان حقوق دول حوض النيل لاسيما السودان ومصر ..فالسودان لابد من تجنيبه آثار الفيضانات التي حدثت فيه في غير الأوقات المعتادة للفيضانات والتي غالبا ما تبدأ في يونيو من كل عام وتتزايد في يوليو وتبلغ ذروتها في أغسطس واوائل سبتمبر ثم تبدأ من منتصف سبتمبر في الانحسار ولكن اللافت لهذا العام وكنتيجة طبيعية لتشغيل سد النهضة أن الفيضانات تزايدت في أواخر سبتمبر واوائل شهر اكتوبر الحالي.. وبالنسبة لمصر المح السيد مسعد بولس إلى أن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي أضرار تمس مصر جراء هذا التشغيل لأن مياه النيل بالنسبة لمصر مسألة وجودية (حياة أو موت) كل ذلك يدعو إلى اتخاذ تدابير فنية وتقنية وقانونية بحتة من جانب اثيوبيا لاستدراك أي آثار جانبية من عملية الملء ذلك لأن التوترات والنزاعات حول المياه تحرم الشعوب من حق الانتفاع بمياه النيل.
اثيوبيا والضغوط الناعمة:
بدأ واضحا أن كبير مستشاري الرئيس ترامب للشرق الأوسط وافريقيا قد مارس ضغوطا ناعمة على رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد عند لقائه به لمناقشة ملف مياه النيل وتأثيرات تشغيل سد النهضة مشيرا إلى أن الاتفاق على الحلول مسألة حتمية ولابد منها وأن اتفاقا كان جاهزا للتوقيع إبان الولاية الأولى لحكم الرئيس الأمريكي ترامب في إشارة إلى إمكانية توقيعه في مقبل الأيام.
ومن الضروري الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الاثيوبي قد رضخ بسرعة للضغوط الأمريكية الناعمة وقال (إن اثيوبيا منفتحة على الدور الأمريكي والحل السلمي) وهنا لا بد من الإشارة إلى أن حلول الإشكالات والعقبات التي تواجه الدول الثلاث في ما يتعلق بالمياه ينبغي ألا تتجاوز المحددات التي وضعها السيد مسعد بولس المتمثلة في تجنيب دول حوض النيل أية اتجاهات نحو إنتاج التوترات والنزاعات.
مراجعة النظم الحاكمة للمياه:
لا بد من الحديث في سياق مياه النيل وتأثيرات سد النهضة على مصر والسودان عن فتح ملف النظم الحاكمة للمياه ومراجعته ليس بين اثيوبيا كدولة منبع لنهر النيل الأزرق أحد الروافد الأساسية والمغذية لنهر النيل دولتي مصر والسودان بل لكل دول منابع نهرالنيل (نهر النيل الأزرق ونهر النيل الأبيض) ودول المصب.. وفي تقديري ان مراجعة النظم الحاكمة لمياه النيل بين دول المنبع ودول المصب ولتحقيق الاستخدام المنصف العادل للمياه ضرورة لا بد منها لمواجهة التحديات الطبيعية الآنية الماثلة والمتمثلة في التغير المناخي والذي بدأت اثاره تظهر مما يستدعي من كل دول العالم تجنب المخاطر المحتملة لذلك ويجب ألا تمس هذه المراجعات الحقوق التاريخية المكتسبة لدول مياه النيل ولا المشروعات التي قامت بسبب هذه الحقوق.