آخر الأخبار

البرهان في القاهرة.. ثلاثة ملفات أمام طاولة الرئيسين

تقرير- الطيب عباس:
أجرى رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أمس الأربعاء، جلسة مباحثات مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تتعلق بعلاقات البلدين.
ووصل البرهان، القاهرة في زيارة رسمية برفقته وزير الخارجية محي سالم ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أحمد مفضل، حيث كان في استقباله الرئيس المصري بقصر الاتحادية.
الرئيسان أشادا خلال المباحثات – بحسب بيان الرئاسة المصرية – بما يجمع البلدين الشقيقين من علاقات أخوية راسخة وما تشهده من تطور ملموس في مختلف المجالات.
ثلاثة قضايا في طاولة المباحثات:
وفق بيان المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، فإن البرهان والسيسي ناقشا الأوضاع الميدانية في السودان والجهود الدولية والإقليمية الرامية لوقف الحرب وتحقيق الاستقرار في السودان.
وتنحاز مصر في هذا الجانب بشكل واضح لصالح مؤسسات الدولة السودانية بما فيها الجيش السوداني، وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي أكد في هذا الصدد ثوابت الموقف المصري تجاه السودان، مشددًا على دعم مصر الكامل لوحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه، ورفضها القاطع لأي محاولات من شأنها تهديد أمنه أو النيل من تماسكه الوطني أو تشكيل أي كيانات حكم موازية للحكومة السودانية الشرعية.
الرباعية الدولية حاضرة:


وفقا للسفير محمد الشناوي المتحدث باسم الرئاسة المصرية، فإن مباحثات الرئيسان تطرقت كذلك لأهمية الرباعية الدولية كمظلة تسعى لتسوية الأزمة السودانية ووقف الحرب وتحقيق الاستقرار المطلوب، وأوضح الشناوي أن البرهان والسيسي أعربا عن تطلعهما لأن يسفر اجتماع الآلية الرباعية الذي سوف يعقد في واشنطن خلال أكتوبر الجاري عن نتائج ملموسة بغية التوصل لوقف الحرب وتسوية الأزمة.
ويرى مراقبون أن اجتماع الرباعية الدولية المرتقب، قد لا يحقق المطلوب منه، نظرا لملاحظات جوهرية أبدتها الحكومة السودانية كطرف أصيل معني بنجاح هذه الوساطة وتجاهلها القائمون على أمر الرباعية، وتتمثل الملاحظات السودانية، في أن الرباعية ساوت بين جيش الدولة النظامي وبين قوة متمردة عليه، وإن الاجتماع تجاهل مشاركة الدولة السودانية التي يفوق عمرها عمر دول ضمن الرباعية، كما أن الحكومة السودانية أبدت ملاحظات بشأن مشاركة الإمارات المدانة عند الحكومة والشعب السوداني بتمويل الحرب من خلال دعمها العلني والمكشوف لمليشيا الدعم السريع.
ويعتقد مراقبون أن مع تجاهل الرباعية لهذه الملاحظات السودانية، فإن اجتماعها في واشنطن الشهر الجاري سينعقد وينفض دون تحقيق أية نتائج، وهو ما دفع الرئيسان البرهان والسيسي للإعراب عن أملهما أن يحقق الاجتماع عن نتائج ملموسة لإنهاء الأزمة السودانية.
القضية الثالثة التي بحثها البرهان والسيسي، وفقا للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، هي مستجدات ملف مياه النيل، حيث جدد الجانبان رفضهما القاطع لأي إجراءات أحادية تُتخذ على النيل الأزرق، بما يتعارض مع أحكام القانون الدولي ذات الصلة.
وشدد البرهان على وحدة الموقف بين مصر والسودان، وتطابق مصالحهما إزاء قضية السد الإثيوبي.. واتفق الرئيسان في هذا الإطار، على تعزيز وتكثيف آليات التشاور والتنسيق بين البلدين لضمان حماية الحقوق المائية المشتركة.
ملف سد النهضة:
يأتي لقاء البرهان والسيسي بعد مستجدات مثيرة في ملف سد النهضة، حيث أدى التصرف الإثيوبي غير المدروس في تصريف مياه السد بحسب خبراء، إلى حدوث فيضانات في غير مواقيتها في السودان أدت إلى تدمير المنازل وتخريب المزارع، بينما شهدت دلتا مصر فيضانات غمرت القرى والمزارع للمرة الأولى منذ نحو نصف قرن.
وتتطابق وجهات النظر بين السودان ومصر في هذا الملف الحساس، حيث يمثل نهر النيل مصدر حياة بالنسبة لمصر، كما أن السودان نفسه سيتأثر بالجفاف والفيضانات في ثنائية مرعبة بكل وجوهها، ويتوقع مراقبون حدوث تطورات في ملف سد النهضة سيما بعد لقاء الرئيسين البرهان والسيسي.
بداية لإنهاء الحرب:
زيارة رئيس مجلس السيادة، للقاهرة وهي الخامسة له خلال عامين، تكتسب أهميتها بحسب مراقيين، في أنها قد تكون بداية لإنهاء الحرب في السودان، سيما في حال وافقت الرباعية على الملاحظات السودانية وتوافقت شروطها مع شروط إعلان جدة الذي وقع عليه الجيش السوداني في مايو من العام 2023
أثر الزيارة:


على مستوى البلدين، فإن مراقبون يرون أن الزيارة ستدفع بالعديد من القضايا المعلقة بين الخرطوم والقاهرة، سيما قضايا الربط الكهربائي وملف إعادة الإعمار، بجانب قضايا أخرى.
واعتبر الباحث في الشؤون العربية والإفريقية والأمين العام لشبكة شمس، علي فوزي، أن زيارة البرهان إلى القاهرة وعقده مباحثات ثنائية مع الرئيس عبد الفتاح السيسي تمثل خطوة محورية في مسار العلاقات السودانية المصرية، لاسيما في ظل التحولات الإقليمية الراهنة والتحديات المشتركة التي تواجه البلدين.
وقال فوزي إن اللقاء يعكس حرص الجانبين على توطيد التنسيق السياسي والأمني، خصوصًا في ما يتعلق بجهود دعم الاستقرار في السودان، وتعزيز التعاون في قضايا الأمن المائي وأزمة سد النهضة، إلى جانب بحث آليات التكامل الاقتصادي والتنمية المشتركة.
وأشار فوزي، إلى أن الزيارة تؤكد الدور المصري الداعم لوحدة واستقرار السودان، وتعبّر عن إدراك متبادل لأهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين باعتبارها ركيزة أساسية لحماية الأمن العربي والإفريقي، وضمان توازن المصالح في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي، مشيرا إلى أن المباحثات التي جرت في قصر الاتحادية بحضور وزير الخارجية محي الدين سالم أحمد ومدير المخابرات أحمد إبراهيم مفضل، تمثل انتقالاً بالعلاقات الثنائية من مستوى التشاور السياسي إلى مرحلة التخطيط العملي للتعاون المشترك، ما يفتح الباب أمام مقاربات جديدة في قضايا الإقليم والتنمية والسلام.