مسؤول ليوم واحد
أقول لكم _ د.عمر فضل الله
هذه الحرب وما شهدناه قبلها من أحداث وتقلبات على مدار السنوات الماضية خلفت لدينا اليوم شباباً دون مستقبل، يعيش دماراً نفسياً ومادياً هائلاً وتخلفاً تربوياً وتعليمياً غير مسبوق. وقد تراكمت عليه الأحداث المؤسفة والإهمال، وعاش سنوات من البؤس والظلم. فتارة يتخذه السياسيون وقوداً للثورات ومطية لبلوغ أغراضهم دون وعي منه بما يدور في الخفاء. ثم يستيقظ فيجد أنه كان ضحية الاستغلال دون بلوغ الآمال، فيزداد غضباً ويمارس جلد الذات وجلد الغير، ويتأجج لديه الرفض للواقع، ولكل حل لا يكون الشباب أصلاً أصيلاً فيه، حتى جاءت الحرب فشردتهم في أقطار الأرض كل مشرد وأصبح يحلم بالعودة للوطن ولكن كيف؟
أقول لكم:
إن كل وطن لا يولي العناية والرعاية للشباب هو وطن محكوم عليه بالفشل، وإن كل دولة لا تقوم على فكر الشباب وجهده وعرقه وعلمه هي دولة بلا مستقبل.
أقول لكم إنني أحلم بعهد جديد يتولى فيه الشباب إعادة إعمار هذا الوطن المنكوب فهم يريدون أن يقفوا في صفه ولكنهم محتاجون للقيادة التي تجمعهم جميعاً فهم طاقة هائلة جبارة لو وجدت من يوظفها وقبل ذلك يصقلها بالعلم والمعرفة ويوفر لها الفرص الجيدة في التدريب والتوعية والتعليم والعمل والإنتاج. إن الشباب مستعدون لتحقيق المستحيل لو وجدوا قيادة مؤمنة بهم وبقدراتهم وطاقاتهم. وهناك العديد من الأفكار نهديها للقيادة لكسب هؤلاء الشباب وغرس الأمل فيهم نحو مستقبل مختلف لبلادنا ومن هذه الأفكار:
مشروع مسؤول ليوم واحد
وفكرته هي: اختيار شاب واحد وشابة واحدة ليرافقا أحد المسؤولين في الدولة لمدة يوم كامل، يتعرفان فيه على مهام هذا المسؤول ويشعران بالمسؤولية وبالانتماء لما يقوم به، وللجهة التي يعملان فيها. والشاب والشابة اللذان يتم ترشيحهما سيحملان نفس صفة المسؤول فمن يرافق رئيس مجلس الوزراء سيحمل اسم (رئيس مجلس الوزراء) طوال اليوم. وسيمنح شهادة أنه عمل رئيساً للوزراء في اليوم المعين من الساعة كذا إلى الساعة كذا.
وبهذا سيكون لدينا 365 شاباً و365 شابة حملوا صفة رئيس مجلس الوزراء كل سنة أي 730 شاباً للوظيفة الواحدة كل سنة، وعلى مدار أربع سنوات هي مدة مهام رئيس الوزراء لفترة واحدة سيكون لدينا 2920 مرشحاً محتملاً لهذا المنصب.
وإذا كان لدينا عدد 20 وزيراً فسيكون هناك 14600 شاب وشابة حملوا صفة وزير كل سنة واطلعوا على مهام الوزير في ذلك اليوم.
وإذا لدينا عشرة ولاة فسيكون لدينا 7300 شاب وشابة حملوا صفة الوالي كل سنة.
وقس على ذلك في كافة المجالات والقطاعات: رؤساء الجامعات وعمداء الكليات وأمناء الشرطة والقضاة والمحامون ووكلاء النيابات وكافة المهن الهندسية والفنية في كافة مجالات الحياة وكذا في جميع القطاعات: الزراعة والصناعة والتعدين والطاقة والري والبناء والتعمير والميكانيكا الخ.
وهكذا وبهذه الطريقة سيكون لدينا مئات الآلاف بل الملايين من الشباب قد أحسوا بالمسؤولية والحس الوطني واجتازوا دورات تدريبية حقيقية وعملية في مختلف قطاعات العمل الوطني والخدمة المدنية وغيرها.
وفي نهاية الأمر سيتم التعرف على النوابغ منهم ليكونوا نواة المسؤولين في المستقبل. تخيل هذا أيضاً بالنسبة للمصانع والمزارع والمعامل وجميع أوجه الحياة.
ولو كنت رئيس البلاد لابتكرت برنامج إعداد القادة الشباب بأن يكون لرئيس الجمهورية ضيف من الشباب الخريجين يتغير كل يوم على مدار العام فيكون هناك 365 شاباً في العام يأتي الشاب منهم ويكون اسمه (الرئيس المحتمل) (Possible President) فيشهد جميع مناشط رئيس البلاد ويرافقه في جميع أعماله وبرامجه وجولاته واجتماعاته بحيث يتم اختياره بعناية وتدريبه على الكتمان والإخلاص والوطنية قبل مرافقة الرئيس ويعامل بروتوكولياً معاملة الرئيس وبذلك يكفي اليوم الواحد ليزرع في نفس هذا الشاب الطموح والوعي المبكر والوعي بالقيادة وتقدير المسئولية والأعباء بالإضافة إلى العديد من المهارات الأخرى. ومن الممكن بعد إكمال اليوم يتم اختيار النوابغ منهم وإلحاقهم بأكاديمية القادة ليتم تدريبهم وتأهيلهم للقيادة، ثم يتركون لمواصلة تعليمهم وتأهيلهم كالمعتاد وفي نهاية العام يعقد اختبار مكثف ليتم اختيار أكثر القادة المؤهلين ليتم إلحاقهم بالقيادات الأخرى في الوزارات والمصالح والمؤسسات القومية.
إن هناك العديد من الأفكار المماثلة لتغيير هذا الجيل وربطه بالوطن. فعلى سبيل المثال: لقد شاهدت في مدينة بومباي بالهند أن كل شجرة تحمل رقماً وعندما سألت عن السبب علمت أن كل طالب عليه أن يغرس شجرة واحدة مرة واحدة في العمر ويتعدها بالرعاية والعناية حتى تكبر وتثمر ويكتب عليها رقمه واسمه. فكيف يكون الحال لو حدث هذا في بلادنا؟
ورأيت في بعض الدول الأخرى أن كل فصل في كل مدرسة يقوم بالاعتناء بحي من الأحياء نظافة ونظاماً مرة واحدة كل شهر.
هل سيحدث مثل هذا عندنا؟ يقيني أن شبابنا يستطيع أن يصنع المعجزات. فلنحلم بوطن آمن مستقر، ونعمل من أجل أمنه ونمائه، بتوجيه طاقات الشباب ودعمهم ليكون لنا ما نريد. وسيكون بحول الله. ثم بالاهتمام بالشباب.
فستذكرون ما أقول لكم
شارون هيل – بنسلفانيا
الولايات المتحدة