آخر الأخبار

على خلفية المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء ببورتسودان:الطابور الخامس… أنصار ملذات الهوى

  • ماذا تعرف عن الطابور الخامس السوداني؟.. وما علاقته بالجداد الإلكتروني؟
  • المواطنون المتعاملون سرا مع دولة العدو أخطر أنواع الطابور الخامس
  • البعض يسئ للوطن عبر الفضائيات العربية مقابل حفنة من الدراهم المغموسة في أنين الأطفال الجوعى بالفاشر

(الصورة)
ملصق امريكي من الحرب العالمية الثانية يعكس ظهور الطابور الخامس في شكل رجل يروج لإشاعات اجنبية بين أعمدة المجتمع: (العدالة ــ المساواة ــ الوحدة)
تحقيق ــ التاج عثمان:
رئيس الوزراء السوداني، كامل الطيب إدريس، قال في مؤتمره الصحفي الأخير لعدد من الصحفيين السودانيين بالعاصمة المصرية القاهرة:”الطابور الخامس تغلغل داخل أجهزة الدولة، حيث ان المعاكسات كبيرة جدا.. وهذه تحديات تعيق جهود الحكومة في إستقرار الأوضاع في السودان”.. فما المقصود بالطابور الخامس؟.. وأين ومتي ظهر هذا المصطلح؟.. ولماذا أطلق عليه الطابور الخامس وليس الثالث او السادس مثلا؟.. وما الفرق بينه وبين (الرتل) الخامس.. وهل يوجد طابور خامس فعلا لدينا في السودان؟.. (أصداء سودانية) تجيب على هذه التساؤلات وغيرها عبر هذا التحقيق الصحفي…
الرتل الخامس:
وفقا للموسوعة البريطانية، الطابور الخامس، (فيفث كولم)، ويعرف أيضا بـ(الرتل الخامس) ــ بتشديد وفتح الراء ــ مصطلح متداول في العلوم السياسية والإجتماعية والعسكرية، نشأ اثناء الحرب الأهلية في إسبانيا التي نشبت عام 1936 وإستمرت لثلاث سنوات.. وأول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال (إميليو مولا)، أحد قادة القوات الوطنية الإسبانية التي كانت تزحف وقتها على العاصمة الإسبانية مدريد، وكانت تتكون من أربعة طوابير من الثوار، فقال (إميليو) حينها:(هناك طابورا خامسا يعمل مع الوطنيين بجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية من داخل مدريد).. وكانت الحكومة ــ الجمهورية الإسبانية وقتها ــ ذات ميول ماركسية يسارية، وكان إميليو يقصد بالطابور الخامس مؤيدي فرانكو من الشعب الإسباني.. بعدها إنتشر التعبير وإنطبع في أذهان السياسيين بمعنى الإعتماد على الجواسيس في الحرب الباردة بين المعسكرين الإشتراكي والرأسمالي.
الخونة والجواسيس:
ويرى بعض السياسيين ان مصطلح الطابور الخامس ظهر لأول مرة عبر صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عبر نشرها للخبر التالي:
بدأت الشرطة الليلة الماضية حملة تفتيش من منزل لمنزل بحثا عن المتمردين في مدريد.. ويعول الجنرال مولا على أربعة صفوف من القوات من خارج مدريد، مع صف إضافي من المقاتلين يختبئون في المدينة والذين سينضمون إليهم في الوقت الذي تدخل فيه قواته مدريد.
وكان (مولا) يقصد بالصف الخامس، (الطابور الخامس) من المتعاونين معه من أنصار الجنرال فرانسيسكو فرانكو، والذي كان طرفا في الحرب الأهلية الإسبانية والتي إنتهت بإنتصاره.. إلا أن بعض المراقبين السياسيين يرون ان صحيفة (فيتشبير ستنينل) الإسبانية اول صحيفة تنشر المصطلح صراحة بعددها الصادر 14/10/ 1936 ومنها إنتشر في العالم، وعرفت الصحيفة الإسبانية مصطلح الطابور الخامس بانه يعني (الخونة والجواسيس).
التضليل الإعلامي:
صحيفة النهار اللبنانية نشرت أثناء الحرب الأهلية في لبنان تحقيقا صحفيا عن الطابور الخامس فعرفته بقولها:”الطابور الخامس هو مجموعة من الناس تعمل مع العدو وتحاول محاصرة المدينة من الداخل، إما علنا او سريا، محاولين مساندة وإنجاح هجوما خارجيا بالتخريب والتضليل الإعلامي والتجسس ونشر الفتنة.. وأثناء مؤتمر صحفي مع صحفيين أجانب سأل أحد الصحفيين اللواء (مولا) عن ماذا يقصد بالطابور الخامس، فأجاب اللواء في إشارة ضمنية إلى الجماعات (الفرانوكية) الموالية للملكية والتي كانت تعمل في الخفاء داخل مدريد.
وساعد على إنتشار المصطلح الحالة السياسية المضطربة الي شهدها العالم خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كانت المانيا من جهة وإيطاليا من جهة أخرى تسعيان نحو إستقطاب بلدان اوروبا لنيل الدعم والمساندة في الحرب.. وكان كل طرف يسعى للتواصل مع السياسيين والإعلاميين لإظهار الدعم وإضعاف الطرف الآخر.
تقويض الأمة:
عموما التعريفات الخاصة بمصطلح الطابور الخامس كثيرة ومتنوعة إلا أنها في مجملها تخلص للتعريف التالي:
الطابور الخامس مجموعة سرية، او فصيل من العملاء التخريبيين الذين يحاولون تقويض الأمة بأية وسيلة يمتلكونها، ويعتمد الأسلوب الأساسي للطابور الخامس على تسلل المتعاطفين إلى نسيج الأمة بأكمله تحت الهجوم، ونجاحه في مواقف القرار السياسي والدفاع الوطني من خلال إستغلال مخاوف الناس بنشر الإشاعات والمعلومات المضللة.. وكذلك من خلال إستخدام تقنيات التجسس والتخريب الأكثر شيوعا.. والطابور الخامس هم مجموعة من العملاء الذين لا يدينون بالولاء لوطنهم، إنما يدينون بكل ولائهم لأعداء أوطانهم، يبيعون وطنيتهم ويستبدلونها بالخيانة، يندسون وسط الناس على إعتبار أنهم وطنيون وما هم بوطنيين، دون أن يعلنوا عن هويتهم الحقيقية فيساعدوا أعداء الوطن سرا بالتجسس لصالحهم، وينشروا الشائعات ويبثوا الفوضى ويزعزعوا إستقرار وأمن البلاد.
الطابور السوداني:
الطابور الخامس يوجد في كل زمان ومكان، وهو موجود في السودان منذ سنوات طويلة، ويشمل مسئولين حكوميين وصحفيين وصحفيات، ومثقفين ومثقفات، إنتشر وإزدهر في السودان بعد ثورة تكنلوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي.. وتحول أثناء الحرب لظاهرة حيث نجحت المليشيا المتمردة في تجنيد عدد كبير من المتعاونين، وهم في حقيقتهم طابور خامس فتعريف المصطلح ينطبق تماما على المتعاونين مع الدعم السريع.. وهم يعملون كجواسيس للمليشيا يمدونهم بمعلومات تتعلق بتحركات القوات المسلحة، وكما أشار لي أحد المصادر:
الكمائن التي تعرضت لها بعض متحركات الجيش تسبب فيها الطابور الخامس التابع للمليشيا حيث يقوم برصد تحركاته وبالتالي يسهل نصب الكمائن لها.. كما حدث بمنطقة مرابيع الشريف بشرق النيل، وبشارع الإنقاذ ببحري أول أيام الحرب.. اما أخطر أنواع الطابور الخامس فهم المواطنين المتعاملين سرا مع قوة خارجية، كما هو حادث الأن بوجود طابور خامس داخل السودان بأجهزته المختلفة، يعمل لصالح دولة الامارات والدعم السريع.. وتنشط الطوابير الخامسة عادة إبان إندلاع الحروب والنزاعات المسلحة بين دولة وأخرى، حيث تقوم كل دولة بتجنيد طابور خامس من مواطنيها كجواسيس لها يمدونها بما تطلبه من تحركات جيوشها، ورصد منصات إطلاق الصواريخ والقاذفات مثلا.. وهؤلاء منهم سياسيين، وإعلاميين، وعاملين بالمنظمات الطوعية العالمية والأممية يتسترون تحت رداء العمل الإنساني يرصدون وينقلون للأعداء بعض المعلومات المهمة عن قوات الدولة المعادية.
الجداد الإلكتروني:
الطابور الخامس إنتشر إنتشارا مخيفا إبان الحرب بين المليشيا والجيش، يلاحظ ذلك في بعض منشورات الفيس ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المختلفة، بل وحتى في أعمدة بعض الصحف الرقمية، وتقاريرها وتحليلاتها، والفضائيات العربية، تجدهم يسيئون للوطن وللامة ويشككون في حكومتها مقابل حفنة من الدراهم الملطخة بدماء ضحايا الحرب وأنين الأطفال الجوعى بالفاشر وغيرها من المدن التي إستباحتها المليشيا المتمردة.. وهناك بعض الإعلاميين أخلاقياتهم لا تمت للوطن بصلة، فقط تحركهم مصالحهم الذاتية المادية لا يهمه أمر إحتراق الوطن وموت الأطفال والشباب وإغتصاب الحرائر.. يبدو ذلك جليا من خلال كتاباتهم ومشاركتهم في الحوارات والتحليلات السياسية المثيرة للجدل والتي قد تحقق لهم الشهرة لكنها شهرة تأتي على حساب زعزعة أمن الوطن.. هذا النوع من الإعلاميين يعملون مع الجهة او الكيان السياسي الذي يغدق عليهم أكثر، ويطلق على أمثال هؤلاء (الجداد الإلكتروني)، وهو مصطلح يهدف لنشر المواضيع والأخبار التي تجعل المواطن ساخطا على وطنه وعلى مستقبله، ومتشككا في قدرات جيشه.
ملذات الهوى:
بعض الإعلاميين ببعض الدول يعملون لصاح رجال أعمال ومنظمات أمنية ودينية كطابور خامس بهدف الكسب المادي الرخيص الذي يحقق (ملذات الهوى)، كما وصفهم البعض.. أمثال هؤلاء لا مانع لديهم من خيانة الوطن وحكامه بكل الأمور السيئة، ليس لديهم حاجز من المبادئ والأخلاق.. وهذا واضح جليا اليوم في بعض الفضائيات العربية ومنها قناة الحدث والتي ثبت أنها تعمل طابور خامس لدولة الامارات، بتجميل صورتها امام العالم، حيث أنها درجت على إستضافة متحدثين (نكرة) تطلق عليهم محللين وخبراء سياسيين اوعسكريين او إستراتيجيين، تستضيفهم هذه القناة الفضائية تحت ستار (ندوة حوار) لمناقشة قضايا تبدو في ظاهرها انها تخص المواطنين المستضعفين.. يقوم مقدم البرنامج بتقديم الضيف على انه محلل وباحث ومفكر، ليقوم بنشر الأكاذيب والطعن في رموز الأمة وهدم مؤسسات الوطن، والتنمر على بعض الشخصيات القومية.. هذه الفضائيات التي تعمل كطابور خامس لدولة الإمارات وصفها البعض
أنها وباء أخطر من الكوليرا والطاعون.. فامثال هذا النوع من أنواع الطابور الخامس يعيشون داخل الدولة بوجهين، ترى الاعيبه البهلوانية دون ان ترى كينونته.. ولقد نشط الدعم السريع في تجنيد طابور خامس من هذا النوع الخطير بعد أن تكشفت أكاذيبه وفضحته افعاله، في أنه جاء لتحقيق الديمقراطية في السودان، وبعد ما تنامت الإنتقادات ضده من المواطنين السودانيين الذين إكتوا ويكتون حتى الان بنيران الحرب وويلاتها من نهب وقتل وإغتصاب، بواسطة منسوبيه من المرتزقة، فتبرأ منهم بان أطلق عليهم لقب (المتفلتين) وما هم بمتفلتين بل (مهاويش)، وهو أحدث لقب أطلق مؤخرا على الدعم السريع.