آخر الأخبار

البرهان في رهيد النوبة.. رسائل محددة ومستقبلين كُثْرُ

تقرير- الطيب عباس:
فاجأ رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الجميع بزيارة الخطوط الأمامية في منطقة رهيد النوبة التابعة لولاية شمال كردفان بطريق الصادرات، وتعتبر الزيارة هي الثالثة للبرهان في شمال كردفان بعد زيارة مدينتي الأبيض وأم روابة في فبراير الماضي، والأولى في كردفان منذ طرد المليشيا من الخرطوم ووسط السودان.
وجاءت زيارة البرهان بعد ساعات من خطابه في العيد المئوي للجيش والحادي والسبعين لسودنة القيادة، والذي أكد فيه عدم التصالح و المهادنة واستمرار المعركة حتى دحر المليشيا، كتأكيد عملي على مضمون الخطاب، وإشارة ذكية للمشككين بأن المعركة ليست في الخرطوم ولا الجزيرة وحدها بل في كل شبرٍ دنسته المليشيا المتمردة.
وقطع رئيس مجلس السيادة نحو 149 كيلومتر هي المسافة بين أم درمان ورهد النوبة، لإيصال رسائل محددة بحسب مراقبين, وخلال لقائه بالقوات المنتشرة في رهيد النوبة، قال البرهان: لقد حضرنا للسلام عليكم، وموعدنا الفاشر بإذن الله، في إشارة واضحة إلى نية الجيش مواصلة التقدم نحو دارفور، وتحديداً مدينة الفاشر التي تقع تحت حصار المليشيا.

دلالة الزيارة:
رغم أن الزيارة كانت مفاجئة وتختلف عن زيارات البرهان السابقة، التي كانت تتم عقب كل عملية تحرير، فإن زيارته للجيش في الخطوط الأمامية في منطقة تقع تحت خط نار المليشيا، تشير إلى تأثير الزيارة لن يتوقف في رهيد النوبة ولا كردفان فقط وإنما تمتد في شكل رسائل مشفرة للخارج بأن الجيش ماض في خيار حسم المليشيات عبر العمل العسكري، وأن الحديث عن هدنة أو اتفاق سياسي يعود به الدعم السريع للساحة مرة أخرى غير مقبول.
الزيارة تشير إلى أن الجيش لا يزال مسيطرا ويملك زمام الأمور, وقال الخبير العسكري، الفريق المعز العتباني، إن زيارة البرهان لمنطقة رهد النوبة تشير إلى أن الحرب في كردفان في نهايتها، وأوضح العتباني في إفادة لصحيفة (أصداء سودانية) أن البورتوكول الأمني للاستخبارات العسكرية، لا يسمح للقائد العام للجيش أن يذهب لمكان غير آمن، ما يعني أن منطقة رهد النوبة وما جاورها لم تعد مناطق ذات خطورة، وتابع (وهذا يعني أن المعركة في كردفان في نهايتها وأن الجيش أصبح يخوض هذه الحرب من منطلقات قوة الهدف والتسليح المتطور.
الزيارة بالنسبة للفريق العتباني ليست إشارة لبدء معركة تحرير كردفان، مشيرا إلى أن المعارك لم تتوقف أصلا، وأكد أن فرق المشاة التابعة للجيش في كردفان سواء الفرقة الخامسة في الأبيض أو الرابعة عشر في كادوقلي أو الثانية والعشرون في بابنوسة باتت جاهزة ومستعدة، وأضاف الفريق العتباني أن الجيش يمتلك خططا جاهزة للانقضاض على بقية المرتزقة في النهود والخوي وبقية مدن كردفان.
من الدلالات الأخرى التي يراها الفريق المعز العتباني مهمة، هي أن وجود القائد العام مع جنوده في الخطوط الأمامية سيعزز من رفع الروح المعنوية لهؤلاء الجنود، قبل بدء المعركة الفاصلة التي تنتهي بتحرير كردفان لتبدأ مرحلة تحرير دارفور.
رسائل سياسية:

تبعد رهيد النوبة عن منطقة جبرة الشيخ نحو 99 كيلومتر فقط، وحسب مراقبون فإن زيارة البرهان ستعزز من مساحة الرقعة الآمنة في المنطقة.
ويعتبر الخبير العسكري العميد جمال الشهيد، زيارة البرهان لمنطقة رهد النوبة بشمال كردفان تحمل رسالة واضحة عن استباب الأمن بالمنطقة وأن الجيش لديه وجود في كردفان ويمتلك زمام الأمور وهذا ما سيعزز موقفه الداخلي والخارجي.
وقال العميد الشهيد في إفادة لصحيفة (أصداء سودانية) إن الزيارة بمثابة (رسالة سياسية وعسكرية) شديدة الوضوح للداخل والخارج بأن الجيش مسيطر على الأرض ويعزز من موقفه بشكل يومي في كردفان، معتبرا أن زيارة رئيس مجلس السيادة، جاءت بعد خطابه القوي في عيد الجيش باستمرار المعركة، ما يعطي الزيارة الطابع الرمزي والميداني ويحولها لفعل يتبع القول.
تأثيرات جانبية:

لا يستبعد العميد جمال الشهيد، أن يكون للزيارة تأثير كبير، على مسار السلام والتفاوض، حيث أنها جاءت بعد خطاب البرهان الذي أكد فيه بعدم التصالح ولا المهادنة مع مليشيا الدعم السريع، ما يعني أن أي مبادرات سلام من الاتحاد الإفريقي أو الإيقاد أو الأمم المتحدة ستصطدم برفض الجيش، وهذا سيضعف بكل تأكيد الوساطات، كما أن العميد جمال يرى أن زيارة البرهان لكردفان قد تفسرها المليشيا كنوع من التحدي وهذا يدفعها لتصعيد عملياتها العسكرية وتكون النتيجة قطع الطريق أمام أي جهود دولية لوقف إطلاق النار.
تأثير الزيارة أيضا – وفقا للعميد جمال الشهيد- سيمتد لتشاد، التي ستثير شكوكها أي تحركات للجيش في كردفان ودارفور، وستلجأ لمضاعفة الرقابة على حدودها خشية تسلل المقاتلين المسلحين الهاربين من القتال بالسودان.
وقد يمتد التأثير للمجتمع الدولي، الذي قد يرى في زيارة البرهان إلى كردفان ومنح القوات الضوء الأخضر لاكتساح الإقليم إشارة سلبية لجهود وقف إطلاق النار وقد يدفع واشنطن لفرض عقوبات على الطرفين، وفقا للعميد جمال الشهيد.
الزيارة في مجملها توحي بتصميم قيادة القوات المسلحة على مواصلة القتال، وهى الإشارة نفسها التي قالها البرهان للجنود في رهد النوبة بقوله (لقد حضرنا للسلام عليكم وموعدنا الفاشر بإذن الله)، وتعتبر رهد النوبة خط التماس الأول في محور الصادرات المؤدي لبارا ومن ثم الفاشر.